سيطرت حالة الخلاف بين أعضاء الهيئات القضائية بشأن وضعهم فى الدستور الجديد خلال جلسة الاستماع المغلقة داخل لجنة «نظام الحكم» بالجمعية التأسيسية برئاسة الدكتور جمال جبريل، حيث طالبت هيئتا النيابة الإدارية وقضايا الدولة بالنص عليهما فى الدستور، لقطع الطريق على السلطة التشريعية فى أن تتعدى على هذه الهيئات أو تمس وجودها واستقلالها، فيما رفض باقى الهيئات هذا المقترح. حضر ممثلاً للقضاء العادى المستشار محمد ممتاز متولى رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض، ورفض ضم هيئة قضايا الدولة إلى القضاء، وقال: إن أعضاء «قضايا الدولة» تمرسوا فى عملهم سنوات طويلة فى الدفاع عن الدولة ومصالحها، وإن ضمهم للقضاء فكرة نظرية لا سبيل لتطبيقها عملياً. كما رفض «متولى» مقترح إسناد اختصاصات من النيابة العامة ونقلها إلى النيابة الإدارية، والنص على هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة فى الدستور، مشيراً إلى أن الوضع الأفضل بالنسبة لهما أن يتضمن الدستور الجديد ذات نص المادة 167 من دستور 1971 التى تجيز للمشرِّع العادى «مجلس الشعب» إنشاء هيئات قضائية بقوانين كالنيابة الإدارية وقضايا الدولة، أى بقاء الوضع كما هو عليه الآن. ورد المستشار أحمد خليفة، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة وممثل الهيئة بالجمعية التأسيسية، بأن فكرة ضم الهيئة إلى القضاء نادى بها رجال القضاء فى مؤتمر العدالة الأول سنة 1986، وليس أعضاء الهيئة، مبدياً تأييده لضم الهيئة إلى القضاء العادى. من جانبه، عرض المستشار أحمد مكى، وزير العدل، تصوره لوضع الهيئات القضائية فى الدستور، مطالباً بألا ينص على أى هيئة قضائية فى الدستور الجديد، وأن يتضمن الدستور مبادئ عامة تتناول استقلال القضاء وضماناته وحصانته وأن يوضع باب السلطة القضائية فى الدستور على غرار دستور 1923، كما أيد مكى فكرة القضاء الموحد، مبيناً أن ذلك لا يعنى عدم تخصص القاضى. وطلب المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، النص على المحكمة فى الدستور الجديد، وقال: إن عدم النص على الهيئات القضائية فى الدستور قد يفتح الباب للسلطة التشريعية أن تتعدى على هذه الهيئات وتمس وجودها واستقلالها. واعتبر «بجاتو» أن النص على الهيئات القضائية فى الدستور ضمانة لعدم المساس بها. ورفض المستشار حمدى ياسين، نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس نادى المجلس، فكرة القضاء الموحد التى طرحها وزير العدل مشدداً على ضرورة أن يظل القضاء قائماً على القضاء المزدوج متمثلاً فى القضاء العادى ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا. وطالب المستشار شريف الشاذلى الأمين العام المساعد لمجلس الدولة بالنص على مجلس الدولة فى الدستور كهيئة قضائية مستقلة، محذراً من عدم النص عليه لما سيترتب عليه من إضعاف لدوره والنَّيل منه. فيما أوضح المستشار أحمد منصور، نائب رئيس مجلس الدولة، أن نظام القضاء المزدوج هو الأمثل بالنسبة للنظام القضائى فى مصر ولا بد من حماية اختصاصات الهيئات القضائية وبيان دور كل منها فى الدستور. وأوضح المستشارعبدالله قنديل، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس النادى، أن النيابة الإدارية هيئة قضائية يتماثل دورها وصلاحياتها مع دور وصلاحيات النيابة العامة. وشدد المستشار إسلام إحسان ممثلاً عن النيابة الإدارية على ضرورة النص على النيابة الإدارية فى الدستور لمنع تغول السلطتين التشريعية والتنفيذية على اختصاصات النيابة الإدارية وسلب ولايتها بعد أن تعرضت فى السنوات السابقة إلى تعدٍّ على اختصاصاتها من خلال قوانين وتشريعات عديدة حتى صارت الجهات التى لا تخضع لولاية النيابة أكثر من الجهات التى تخضع لولايتها. وطالب إحسان بتفعيل دور النيابة الإدارية باعتبار أنها تضم عددا كبيرا من أعضاء الهيئات القضائية. وقال الدكتور جمال جبريل إنه لا بد من تفعيل دور هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة للاستفادة من أعضائهما فى أعمال القضاء والاستعانة بهم لمواجهة بطء التقاضى وزيادة عدد القضايا. بينما قال الدكتور محمد محيى الدين عضو الجمعية التأسيسية إن بقاء الهيئات القضائية كما هى فى دستور 1971 هو نوع من الجمود، وإنه لا بد من مواكبة التغييرات التى طرأت على المجتمع منذ وضع الدستور عام 1971 حتى الآن والتى لا بد أن يواكبها تغيير فيما يتعلق بوضع الهيئات القضائية فى الدستور.