رغم نبذ أغلب الهيئات القضائية لفكرة القضاء الموحد التى تستهدف دمج جميع الهيئات القضائية فى هيئة واحدة، إلا أن هناك بعض الهيئات التى ترى أن الفكرة صحيحة ولابد من طرحها فى الدستور الجديد لما لها من دور فى إنهاء القضايا المتراكمة داخل المحاكم ونقص عدد القضاة العاديين . وأكد مصدر قضائى أن هناك حالة من الترقب والحذر تسود الأوساط القضائية فى انتظار ما ستسفر عنه أعمال الجمعية التأسيسية للدستور بشأن وضع الهيئات القضائية فى الدستور الجديد، فى ظل ما تردد حول توحيد جهات القضاء خلال جلسة الاستماع التى عقدت نهاية الأسبوع الماضى والتى حضرها المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، مقترحا دمج المؤسسات القضائية فى مؤسسة واحدة. وأوضح المصدر أن هناك اتجاهات داخل الجمعية التأسيسية، رافضة بشدة لفكرة توحيد القضاة لأنها قد تتسبب فى ضياع هيبة القضاة وتفكيك القضاء المتخصص مشيرا إلى وجود مشكلة فى توزيع عضوات النيابات من السيدات على القضاء العادى، بينما هناك اتجاه آخر من ممثلى الهيئات القضائية الأخرى كهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية يرى أن هذه الفكرة على صواب لما ستسفر عنه فى حال تطبيقها فى إنجاز ما يقرب من 20 مليون قضية داخل المحاكم ونقص عدد القضاة العاديين الذين يتولون التحقيق وإصدار الإحكام . وأضاف المصدر أن أعضاء الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا يرفضون المساس باختصاصاتها المنصوص عليها فى دستور 1971، بجعل رقابتها على القوانين رقابة سابقة بدلا من الرقابة اللاحقة، على ألا يتم التدخل فى عملها أو استقلالها من قبل المحاكم الأخرى . وعلى النقيض سادت حالة من الترقب بين هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية حول وضعهما فى الدستور الجديد ، ففى هيئة قضايا الدولة رحب ممثلو الهيئة بتحويلها إلى نيابة مدنية ودمجها فى القضاء العادى، بحيث تتولى تحضير الدعاوى أمام المحاكم المدنية والاستئنافية على غرار هيئة المفوضين بمجلس الدولة. وقال المستشار محمد محمود طه، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة ورئيس نادى الهيئة، إن هناك بوادر أزمة كبرى بين كل من هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية مع المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور والتى من شأنها التأثير على عمل الجمعية التأسيسية للدستور بسبب عدم تفهم مطالبهم فى الدستور الجديد. وأضاف "طه " أن كلا من نادى مستشارى قضايا الدولة والنيابة الإدارية يدرسان حاليا الدعوة لعقد أكبر جمعية عمومية طارئة فى تاريخ الهيئتين قوامها أكثر من سبعة آلاف مستشار من الهيئتين بمجلس الشورى مع أعضاء الجمعية التأسيسية، فضلا عن أنه سيتم تصعيد الأمر لرئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة للتدخل لحل هذه المشكلة، وأن مجلس إدارة الناديين فى انعقاد مستمر لبحث تداعيات المشكلة الراهنة. وأضاف : "لا مانع لدينا فى التحول إلى نيابة مدنية، أو الإبقاء على وضعها كهيئة تتولى الدفاع عن الحكومة بشرط النص عليها كهيئة مستقلة ذات اختصاصات لا يتدخل أحد فى شئونها كما هو الآن ". وفى "النقض" رفض أعضاء المحكمة ما أسموه بالتدخل فى شئون القضاة من خلال الدستور الجديد وقالوا إنهم يتمنون أن يصدر الدستور الجديد ويعطى كل ذى حق حقه من خلال الفصل بين السلطات الثلاث فى الدولة بحيث يمنع تغول سلطة على أخرى مع وضع عقبات وجزاءات على السلطة المتغولة . وقال مصدر بالنقض - فضل عدم ذكر اسمه- أن الساحة السياسية على مدار الأيام الماضية شهدت محاولة لتغول السلطة التشريعية على السلطة القضائية من خلال محاولة التدخل فى شئونها والمطالبة بإقالة النائب العام وتقديم قضاة للتحقيق مضيفا أن الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسى رأس السلطة التنفيذية حاول التغول أيضا على السلطة القضائية من خلال إصدار قرارات مخالفة لأحكام قضائية صادرة من أعلى محكمة فى مصر وكأنه يريد الانقاص من القضاة والسلطة القضائية وهذا يؤكد ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد معايير هامة للفصل بين السلطات. أما فيما يخص محكمة الاستئناف فقد انقسم أعضاؤها إلى فريقين يرى أحدهما أن فكرة القضاء الموحد هى فكرة شيطانية يجب نبذها بكل السبل لما تحمله من تهديد إلى استقلالية السلطة القضائية بينما يرى الفريق الآخر بأن الفكرة جيدة ولابد من تطبيقها لما أوصى به مؤتمر العدالة فى الثمانينيات. أما أعضاء الجمعية العامة لمجلس الدولة فرفضوا تماما فكرة القضاء الموحد واستبعدوا أن يكون هناك اتجاه داخل التأسيسية لدمج الهيئات القضائية مع بعضها وأن ذلك لابد أن يبكون من خلال قانون السلطة القضائية وليس الدستور.