دخلت الحياة البرلمانية في الكويت منعطفًا جديدًا على إثر رفع رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي جلسة الأمس لعدم اكتمال النصاب، وهي المرة الثانية التي ترفع فيها الجلسة، وكان من المنتظر أن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية أمام المجلس. ووسط توقعات باستمرار مجلس الأمة لفترة قد تزيد على الثلاثة أشهر، وتوقعات أخرى بتعليق الجلسات لمدة شهر انتظارًا لما ستسفر عنه إجراءات تعتزم الحكومة القيام بها قد تتضمن إحالة قانون الدوائر الخمس إلى المحكمة الدستورية، أو تقديمها طعنا دستوريا في القانون بشكل عام، تتصاعد تهديدات نيابية بالنزول إلى ساحة الإرادة أن لم يتم حل مجلس 2009 على وجه السرعة، والدعوة لانتخابات جديدة وفق النظام الحالي من دون تغيير في الدوائر أو آلية التصويت. ودخلت الكويت منذ أمس في فراغ تشريعي.. فمجلس الأمة 2009 لا يتمكن من الاجتماع، لأن النصاب لا يتوافر، لكن المجلس لم يغب ولا يزال قائما - وفقا لما صرح به رئيسه جاسم الخرافي - ولا يمكن إصدار مراسيم ضرورية، فهذه لا تصدر إلا في غياب المجلس، كما أن فض أعمال دور الانعقاد غير ممكن ما لم يتم من إقرار الموازنة العامة، والذي يعتبر شرطًا أساسيًا لفض دور الانعقاد. من ناحية اخرى، أكد النائب عدنان المطوع ضرورة قيام مجلس الوزراء باتخاذ قرار حاسم بشأن احالة الدوائر الخمس الى الدستورية، منوها على ان تردد الحكومة في هذا الشأن يدخل البلاد في دوامة لن تحمد عقباها. وقال: إن السلطتين مشلولتان بسبب التردد في حسم الدوائر الخمس، لافتا إلى أن الشعب الكويتي يشعر بفراغ دستوري وقلق وتوتر تشبه إلى حد كبير مشاعر ما قبل الغزو العراقي الغاشم عام 1990، موضحًا أن الوقت الراهن عصيب، ويتطلب إصدار قرارات سريعة وحاسمة لقطع الطريق أمام التجاذبات السياسية. وكشفت مصادر نيابية مطلعة أن خطوة الحكومة باحالة قانون الدوائر الانتخابية الخمس إلى المحكمة الدستورية أو الطعن في القانون بشكل رسمي أمام المحكمة الدستورية سيكون لها مردود مرير على كتلة الأغلبية في المجلس المبطل والكتل البرلمانية الأخرى. وقالت المصادر: إن مثل هذه الخطوة ستجبر هذه الكتل على إعادة هيكلة تنظيماتها وحساباتها وفق ما ستتمخض عنه أحكام المحكمة الدستورية، مشيرة إلى أن امكانية صدور حكم للمحكمة بعدم دستورية الدوائر الخمس أمر وارد جدا في ظل آراء الخبراء الدستوريين الذين يذهبون إلى عدم دستوريتها أيضا، مشيرة إلى أن كتلتي العمل الشعبي والحركة الدستورية تنسقان في ما بينهما على هذا الأساس لتبادل الأفكار وتهيئة الصف الثاني من كوادرهما. وقد أكدت مصادر نيابية أن تأجيل الحكومة إحالة نظام الدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية تم في اللحظة الاخيرة لتحفظ عدد من الوزراء على هذا الامر لأسباب تتعلق بالاستقرار السياسي وجس نبض الشارع، وانه لا حل لمجلس 2009 إلا بعد وجود حل لقانون الميزانيات الذي لا يمكن فض المجلس الا باقراره او عن طريق مرسوم الضرورة الذي يصدر في حالة عدم وجود مجلس أمة قائما، كما أنه لا يمكن حل مجلس الأمة إلا بعد انجلاء الأمر فيما يتعلق بشأن الانتخابات المقبلة والإعلان عن النظام الذي ستجري فيه. ورجحت المصادر تعديل نظام الدوائر بشرط استمالة أكبر عدد من المؤيدين للتعديل بدلا من الصدام مع المعارضين وهم كثر، مشيرة إلى مشروع جمعيات النفع العام الذي تم الإعلان عنه منذ أيام وهو فكرة يتدارسها الخبراء الدستوريون في النخبة الوزارية بعد أن انتهت من رأيها القانوني بعدم دستورية النظام الحالي للدوائر. وتوقعت المصادر أن فترة ما بعد العيد ستكون مفصلية، وتحدد ما ستؤول إليه الأوضاع، فيما اعلنت كتلة "نهج" عدم الرضوخ في حالة تعديل الدوائر وأعدت ترتيباتها للنزول إلى الشارع بعد العيد مباشرة وبصورة أسبوعية لحين تلبية مطالبها.