تبنت جماعة «أنصار الشريعة» الانفجار الذى استهدف طلبة كلية الشرطة بصنعاء بعد خروجهم من الكلية، مما أدى إلى قتل وجرح العشرات وكلهم مسلمون. وقد تعجبت من الاسم والخبر أشد العجب.. فكيف ينصر هؤلاء الشريعة السمحة بقتل طلاب لم ينخرطوا بعد فى الحياة العامة أو الشرطية أو السياسية.. ولم يمارسوا أى عمل ضد أى أحد؟! وكيف ينصر هؤلاء شريعة نبى الرحمة بإزهاق أرواح أتباعه هكذا دون مبرر من الشرع أو القانون أو العقل.. ودون أن يعرف الجناة عن المجنى عليهم شيئا.. لا اسما ولا رسما ولا جريمة ولا إثما.. فالمتفجرات عمياء لا تعرف من تقتل وهى صماء لا تستجيب لنداء الرحمة من أحد؟ أليست الشريعة التى أرادوا نصرتها تقول فى أصولها إن «الأصل فى الدماء العصمة».. سواء كانت هذه الدماء مسلمة أو غير مسلمة؟ ولا تزول هذه العصمة إلا بحجة شرعية محكمة لا خلاف عليها ولا نزاع.. ولا يقرر زوال هذه العصمة أى أحد.. فأين هم من قوله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}؟.. فهل نحيى الأنفس أم نقتلها؟! لقد قال ابن تيمية: «إن إزهاق الأنفس هى مفسدة محضة.. ولا تبيح الشريعة إزهاقها إلا لمصلحة أعلى منها». ولكن أنصار الشريعة هنا قرروا من تلقاء أنفسهم إزهاق أنفسهم بالمتفجرات وإزهاق أرواح الآخرين.. وهم فى الحقيقة لا يملكون حق إزهاق أرواحهم.. فضلا عن حق إزهاق أرواح غيرهم. يا أنصار الشريعة، قولوا لنا أى جرم ارتكبه هؤلاء الطلبة حتى تقتلوهم وتمزقوهم إربا.. وتستلبوا دور النيابة والقضاء وعشماوى وأدوار البشر جميعا؟! يا أنصار الشريعة، مثل هذه التفجيرات العشوائية العمياء وقعت قبل ذلك فى الرياض والدار البيضاء والأردن والجزائر وباكستان وفى كل مكان فلم تقم دينا ولم تصلح دولا ولم تحل مشكلة للإسلاميين.. ولكن زادتهم رهقا وعنتا وتعذيبا وتنكيلا.. وهى التى تطيب بها نفوس خصوم الإسلام.. وتقدم الذريعة تلو الذريعة للإساءة للإسلام العظيم الذى أدخل امرأة النار فى هرة حبستها ولم تطعمها.. وأدخل بغيّا «مومساً» الجنة فى كلب سقته بنعلها وهو يلهث فى الصحراء عطشاً. ذلك الإسلام العظيم الذى يقول نبيه الكريم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير الحق».. ويقول أيضا وهو يخاطب الكعبة: «ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذى نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله.. ماله ودمه». إن مجرد القتال لا يدعو للفخر.. فالوحوش فى البرارى تتقاتل ويقتل بعضها بعضا.. ولكن ما يدعو للفخر حقا أن تقاتل فى سبيل الله إعزازا للإسلام والأوطان فى الزمان والمكان والطريقة الصحيحة المنضبطة حقا بشريعة السماء. أما أن تقاتل فى المكان والزمان وبالطريقة الخطأ.. متجاوزا حدود الله وضوابط الشريعة والعدالة أو معتديا على الأنفس التى حرم الله قتلها.. فهذا لا يعد جهادا.. ولكنه يعد عدوانا وبغيا. يا أنصار الشريعة وكل من سلك طريقهم، ألم تتعلموا شيئا من الربيع العربى الذى خلع أعتى الأنظمة بشعاره الساحر «سلمية.. سلمية».. والذى اجتمعت حوله قلوب كل أطياف الشعب.. فى الوقت الذى لم تحقق المتفجرات سوى الإساءة إلى الدين ودعوته النقية وزادت الحكام تجبرا وعتوا؟ يا أنصار الشريعة، لا تلوثوا ثوب الإسلام الأبيض بالدماء المحرمة.. وتذكروا أن أكثر ما أسأتم إليه هو تلك الفريضة الإسلامية العظيمة «الجهاد».