وصف الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" في مقاله اليوم بصحيفة (إندبندنت) الوضع في مصر الآن بأنه مذري، فعندما سقط الرئيس المخلوع "حسني مبارك" كانت تملأ مشاعر الإشراق والتفاؤل نفوس المصريين؛ ولكن الآن الحياة رخيصة ومسقبل البلاد لا ينظر إليه إلا بالخوف فقط. ففي ظل مشاهد القتل المتصاعدة حاليًا في مصر حتى وصلت لحد أن وسائل الإعلام المحلية لم تَعُد تعلم أسماء المتوفين أو كيف وعلى يد من؟، وحتى لم تعد تعلم بعددهم؟. أصبحت الشهادة كما لو كانت أسلوب للحياة. وفي زيارة قام بها "فيسك" لميدان النهضة حيث يعتصم أنصار الرئيس المعزول "محمد مرسي" وشهدت مقتل 4 أشخاص من جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم الطفلة إسراء التي لم يتعد عمرها 15 عامًا، التي لقت حتفها وسط الخيام وقبالة بوابات جامعة القاهرة التي سأل فيها الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" منذ 4 أعوام العالم الإسلامي أن يغفر خطايا "جورج دبليو بوش". وقال "فيسك":" إلى أن الوضع في النهضة". يشير إلى أن الشهادة أصبحت أسلوب حياة منذ أن أصبح العنف طبيعيًا في مصر، وأشار "فيسك" إلى أن الحياة باتت رخيصة والخوف يسيطر على مستقبل البلاد، وقال فيسك:" في الوقت الذي فشلت فيه الصحف المحلية في ذكر أسماء الموتى، فاسمحوا لي أن اسجل لكم أسماء من لقوا حتفهم في ميدان النهضة بالجيزة، فبجانب الطفلة إسراء لقى هنا:" حسام الدين محمد" مهندس مصرعه. وكان آخر محامٍ، "محمد عبد الحميد عبد الغني". بينما لم يعرف الإخوان وظيفة المتوفي الثالث "عبد الرحمن محمد"، ولا يعرفون إلا الاسم الأول للضحية الخامسة التي وقعت صباح اليوم "أسامة" ويبقي السؤال: من الذي أطلق تلك الرصاصات؟...من يدري؟!!!!. وأضاف فيسك قائلاً:" في الدولة التي يتم فيها إطلاق سراح القتلة، اختلفت الاتهامات حول القتلة بين رجال الشرطة بملابس مدنية، عملاء للجيش من البلطجية، رجال الشرطة السابقين أو حتى مدمني المخدرات، وتشير أصابع الاتهام حول السكان المحليين المستائين من الاعتصام، ولكن على الرغم من استياء المحليين من الإخوان؛ إلا أنه لا يمكن أن يطلقوا عليهم الرصاص، وفي النهاية لم يتلفت أحد للقتلى ولم يأتِ أحد للتحقيق في إطلاق النار حتى الآن". وأشار فيسك إلى أنه وسط انتشار نظريات المؤامرة في مصر الآن، فهناك مؤامرة مرسي التي تشير إلى أن هذا الرجل أراد أن يفكك مصر حتى وصل الجيش في الوقت المناسب لإنقاذ الديمقراطية!!، وهناك مؤامرة فرعية تخص سبب مذبحة الحرس الجمهوري التي راح ضحيتها أكثر من 50 من أنصار المعزول مرسي، وتفيد بأن جماعة الإخوان بدأت المذبحة بقتل أحد الجنود، ولكن يبقى هنا سؤال مثير للدهشة، لماذا لم تقم جنازة عسكرية لهذا الجندي مع أن هذا هو الأمر المعتاد لجميع الجنود المصريين؟!!، وتشير مؤامرة أخرى إلى أن هذا الجندي تم قتله على يد أحد الظباط لرفضه إطلاق النار على أنصار مرسي، ويبقى الأمر في النهاية دون إجابة واضحة، وبات الأمر الأكيد الحقيقي في مصر هو الخروج على القانون. وختم "فيسك" مقاله قائلاً: أثبتت الأحداث منذ سقوط مرسي أن جماعة الإخوان المسلمين لا تملك ميليشيات كما كان يدعي سابقًا، فربما من يطلق النيران هم بعض من أنصاره الغاضبين ولكنهم لا يملكون جيشًا سريًا ولا فدائيين.