الخبراء: أولياء الأمور مطالبون بتفهم مشاعرهم وتوفير مساحة للتعبير تشكل مرحلة المراهقة إحدى أهم المراحل العمرية التى يمر بها الإنسان، حيث تتسم بتغيرات جسدية ونفسية كبيرة، إلى جانب بحث المراهق عن هويته واستقلاليته، خلال هذه الفترة، يواجه الآباء تحديات متزايدة فى تحقيق التوازن بين مراقبة سلوكيات أبنائهم للحفاظ على سلامتهم، واحترام خصوصياتهم لمنحهم المساحة الكافية للنمو والتعلم من تجاربهم. قضية المراهق بين المراقبة والخصوصية تثير العديد من التساؤلات حول حدود التدخل الأبوى وكيفية توجيه المراهقين دون انتهاك استقلاليتهم.. فكيف يمكن تحقيق هذا التوازن الدقيق؟ وما هى أفضل الطرق لتعزيز الثقة المتبادلة بين المراهقين وأولياء أمورهم؟ هذا ما نناقشه فى السطور التالية: يتحدث د. كمال جلال عبد الرازق، استشارى الصحة النفسية الأسرية، وعضو الجمعية المصرية للتخاطب وعلاج الكلام، عن تحديات مراقبة سلوك الأبناء المراهقين، حيث أصبحت هذه المراقبة الركيزة الأساسية للوالدين لحماية أبنائهم من الأمور السلبية خارج المنزل، وغالبًا ما يدفع القلق الآباء إلى تجاوز حدود خصوصية أبنائهم المراهقين دون قصد، مما يؤدى إلى نتائج تربوية عكسية، نظرًا لأن المراهق فى هذه المرحلة يبدأ فى التحرر من سلطة الوالدين. ويوضح أن هناك محاور أساسية للتعامل مع خصوصية المراهق دون المساس بشخصيته، فالخصوصية، تبدأ مع بداية سن المراهقة، إذ غالبًا ما يغفل الأهل عن حقيقة أن الابن أو الابنة قد دخلوا فى مرحلة النضوج الأولي، حيث يبدأون فى التعلم من أخطائهم، وللأسف، يظل الأهل يتعاملون مع المراهق كأنه طفل، فى حين أن المرحلة تتطلب تقبل فكرة الاستقلال الفكري. حدود شخصية ويشير إلى أن الخصوصية الصحية التى يجب أن يحترمها الوالدان هى تلك المتعلقة بالقرارات الشخصية المناسبة لعمر المراهق، مثل اختيار الملابس، أو الرياضة المفضلة، أو التخصص الذى يحبه، يتم التعامل مع هذه الأمور من خلال النصيحة والنقاش من زوايا مختلفة، دون إجبار، لأن هذه القرارات لا تؤثر بشكل مباشر على قيم الأسرة التربوية. لغة الحب وفهم المشاعر كما يركز د. كمال على أهمية تفعيل لغة الحب فى توجيه الأبناء بدلًا من اللوم والنقد المستمر، فيفضل استخدام لغة الاقتراح الإيجابية، حيث تساعد فى توجيه النصيحة بطريقة تحقق الهدف الأساسى وهو تقديم المساعدة بدافع الحب، وليس بدافع المواجهة أو الخلاف. اقرأ أيضًا| دراسة حديثة: 740 مليون طفل سيعانون من قصر النظر بحلول منتصف القرن والمراهق غالبًا ما يهرب من أى مصدر للضغط النفسي، ولذا من الضرورى أن يظهر الوالدان التفهم والمرونة، ويتيحا له فرصة التعبير عن آرائه دون قيود،وفى النهاية، التوازن بين خصوصية المراهق والتعامل معها يعد مسعى معقدًا يتطلب فهم احتياجات المراهق الخاصة والمخاطر التى تواجهه، مع التركيز على أهمية تعزيز الثقة والتواصل والنقاش المفتوح بين الأهل وأبنائهم. وينصح استشارى الصحة النفسية بأهمية تشجيع المراهقين على المشاركة فى نشاطات اجتماعية ذات نفع عام، مثل التطوع فى أعمال خيرية لخدمة المجتمع، حيث تسهم هذه النشاطات فى بناء شخصيتهم، كما أن الاهتمام بالمظهر الجيد يرفع من ثقة المراهق بنفسه، لذلك يجب دعم اختياراته فى الملابس والشكل بما يتناسب مع أفكاره واحتياجاته. التحكم الإلكترونى ومن جانبه، يؤكد أيمن عصمت، خبير أمن المعلومات، أنه لا شك أن للتكنولوجيا دوراً كبيرًا فى حياة المراهقين، ومهما حاول الأبوان السيطرة على هذا الدور، فإن الابن يستطيع تجاوز هذه المحاولات بسهولة، خاصة إذا كان لديه شغف بالتكنولوجيا وتعمق فى استخدامها، فالأمر لا يتوقف على رغبة الوالدين فى السيطرة، بل يتفاقم بسبب طبيعة التكنولوجيا نفسها، حيث إن الكثير من الإعلانات أو الروابط التى تظهر أمام المراهق تقوده بطريقة غير مباشرة إلى محتويات سلبية، وذلك يعود إلى قدرة التكنولوجيا على تحليل شخصية الطفل وتحديد اهتماماته وتوجيهه بناءً على ما يراه أو يتفاعل معه. وأشار عصمت إلى أن الآباء يمكنهم محاولة التحكم فى ما يشاهده أبناؤهم على وسائل التواصل الاجتماعى من خلال استخدام بعض التطبيقات التى تتيح لهم التحكم فى عدد الساعات التى يمكن للأبناء قضاؤها باستخدام الهاتف المحمول، أو تحديد الأشخاص الذين يمكنهم التواصل معهم، أو حتى التحكم فى التنقل بين صفحات السوشيال ميديا، إلا أنه حذر من أن هذه القدرة على التحكم تصبح أقل فعالية مع مرور الوقت، حيث تضع التكنولوجيا قيودًا تجعل التحكم أكثر صعوبة بعد وصول الطفل إلى سن معينة، وعادة ما يكون هذا العمر 14 عامًا، وهو ما يُعتبر ذروة سن المراهقة. أسس التربية وأضاف خبير أمن المعلومات أن التكنولوجيا تصبح فى هذا العمر أكثر تحررًا، مما يعنى أن التحكم الإلكترونى قد لا يكون كافيًا، وهنا يأتى دور التربية الأساسية،فكلما كانت التربية قوية ومبنية على أسس سليمة، كلما كان الابن أكثر قدرة على حماية نفسه من المخاطر التى قد يواجهها على الإنترنت، وأكد على ضرورة عدم ترك الهاتف المحمول فى متناول الطفل طوال اليوم منذ سن صغيرة، بالإضافة إلى تعليم الطفل أن لكل شيء ضوابط وحدود يجب الالتزام بها. كما حذر عصمت من الألعاب الإلكترونية اللانهائية التى تعتمد على التواصل مع أشخاص آخرين عبر الإنترنت، حيث تبدأ هذه الألعاب بجذب الطفل من خلال تشويقها وتفاعلها، لكنها قد تصل إلى مراحل خطيرة قد تؤدى إلى تحديات تنتهى بنتائج مأساوية، وأضاف أن مثل هذه الألعاب تحمل مخاطر كبيرة عندما يتعلق الأمر بالتحكم فى عقل المراهق وتوجيهه نحو تصرفات غير مسئولة. علامات تحذيرية واختتم عصمت أنه يمكن للأهل رصد بعض العلامات التى يجب مراقبتها جيدا أثناء سن المراهقة، وهى تشير إلى أن الأبناء بدأوا الانجراف نحو الأمور السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي، من بين هذه العلامات: الانعزال والانطواء على النفس، رفض التواصل الاجتماعى المباشر مع الآخرين، قضاء ساعات طويلة فى غرفة مغلقة، والسعادة الزائدة بالنظر إلى الشاشات والتفاعل معها، فكل هذه المؤشرات تدل على أن ابنك قد يكون فى مسار خاطئ، ويجب على الأهل التدخل بسرعة لحمايته.