في قلب الضفة الغربية، يشتعل صراع مرير بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، في محاولة منهجية لاقتلاع جذور الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم. ففي كل خريف، يتجه المزارعون الفلسطينيون نحو بساتينهم لقطف ثمار الزيتون التي تعتبر رمزًا للأرض والهوية، لكن هذا الموسم، الزيتون لم يعد مجرد ثمرة تُجمع، بل بات سلاحًا جديد في يد المستوطينين بالضفة الغربية، الذين يعتدون على الأراضي والمزارع الفلسطينية، ويقتلعون الأشجار كأداة جديدة للسيطرة على الأرض وتهجير سكانها. اقرأ أيضًا| عام من الحرب على غزة| كيف رسم الصراع خريطة الاستيطان الإسرائيلي؟ أكد نائب المتحدث باسم الأممالمتحدة، فرحان حق، على أن الهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون خلال موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية تشهد تصاعدًا خطيرًا، وحذر من أن هذه الاعتداءات تهدد معيشة الفلسطينيين وتزيد من معاناتهم في وقت يعتمدون فيه على موسم الحصاد لدعم حياتهم الاقتصادية والبقاء على أرضهم. ومع بداية موسم قطف الزيتون، أشارت وكالة «وفا» الفلسطينية، عن تزايد الهجمات التي يشنها المستوطنون على المزارعين الفلسطينيين، ففي شهري أكتوبر ونوفمبر، تحول موسم الحصاد إلى معركة يومية، حيث يحاول المستوطنون تدمير محاصيل الزيتون ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، في مسعى لفرض واقع جديد على الأرض. قطع شريان الحياة الاقتصادية للفلسطينيين! ووثقت الأممالمتحدة 32 هجومًا نفذه المستوطنون منذ بداية الشهر، أسفرت عن إصابة 39 فلسطينيًا، وتخريب ما يقارب 600 شجرة زيتون، هذه الاعتداءات ليست مجرد اعتداءات على محاصيل زراعية، بل هي محاولة لقطع شريان الحياة الاقتصادي للفلسطينيين الذين يعتمدون بشكل رئيسي على محصول الزيتون في تأمين احتياجاتهم الأساسية، وفقًا لما أفادت به «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» الفلسطينية. في قرية يتما جنوب نابلس بالضفة الغربية، اندلعت مواجهات عنيفة بعد أن هاجم مستوطنون المزارعين الفلسطينيين ومنعوهم من قطف الزيتون، حيث أشار رئيس مجلس القرية، أحمد أبو صنوبر، إلى أن المستوطنين هاجموا القرية من ثلاث جهات تحت حماية الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى إصابة عدد من المزارعين بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع. هجمات المستوطنين المتكررة.. «تشبه الحرب» في منطقة «باطن المعصي» جنوب بيت لحم بالضفة الغربية، تعرض مزارعون فلسطينيون للتهديد بالسلاح من قبل مستوطن إسرائيلي، وأجبر المستوطن المزارعين على مغادرة أراضيهم ومنعهم من قطف الزيتون، مهددًا باعتقالهم إذا عادوا، ولم تكن هذه الحادثة الأولى، إذ يمنع هؤلاء المزارعون للعام الثاني على التوالي من حصاد محصولهم في المنطقة. اقرأ أيضًا| دمار كبير في إسرائيل.. حزب الله ينفذ سلسلة عمليات نوعية فيما اتهم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إسرائيل باستخدام أساليب «تشبه الحرب» ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأفاد المكتب بتزايد الهجمات على مزارعي الزيتون وأراضيهم، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات تؤدي إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين وزيادة احتياجاتهم الإنسانية وسط ظروف معيشية متدهورة. في حادثة أخرى، استشهدت امرأة فلسطينية قرب جنين خلال محاولتها قطف الزيتون على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، بينما تثير هذه الممارسات قلقًا دوليًا بشأن الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين، خصوصًا خلال موسم الزيتون الذي يُعتبر شريان الحياة الرئيسي للعديد من العائلات بالضفة الغربية. كما أفاد تقرير أممي بأن نحو 600 شجرة زيتون تعرضت للقطع أو الحرق أو السرقة منذ بداية موسم الحصاد، الهجمات على أشجار الزيتون ليست مجرد تدمير لمحاصيل، في خطوة تهدف إلى تقويض ارتباطهم التاريخي بالأرض التي يعيشون عليها منذ أجيال، فيما أعلن برنامج الأغذية العالمي أن استمرار العنف في الضفة الغربية يهدد الأمن الغذائي لأكثر من 600 ألف فلسطيني، إلى جانب آثار حرب غزة. أخيرًا، مع تصاعد العنف في الضفة الغربية بالتزامن مع حرب غزة، قُتل مئات الفلسطينيين في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، بينما تواجه مزارع الزيتون تهديدات مستمرة، ولا يقتصر هذا التصعيد على القتال المسلح، بل يمتد إلى الهجمات على الاقتصاد الزراعي للفلسطينيين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الزيتون في معيشتهم.