تعد سياحة المشي الطويل في الصحاري واحدة من أبرز أنواع السياحة البيئية التى تتيح للزوار فرصة استكشاف المناظر الطبيعية والتفاعل مع الثقافات المحلية بطرق غير تقليدية. وهذا النوع من السياحة يجذب عشاق المغامرة والباحثين عن الهروب من ازدحام المدن، حيث يمكنهم السير لمسافات طويلة بين الجبال والكثبان الرملية والوديان، متأملين فى روعة الطبيعة واستكشاف البيئات الصحراوية، كما تتيح هذه التجربة الفريدة فرصة التعرف على التراث العريق للقبائل البدوية التى تعيش فى هذه المناطق، ما يجعلها تجربة لا تُنسى تمزج بين الطبيعة والثقافة. ◄ رحلة استكشافية للطبيعة والآثار التاريخية ◄ توفر فرص عمل للبدو وتدعم الاقتصاد المحلي قبل أيام، انطلق موسم سياحة المشى الطويل في صحراء البحر الأحمر، حيث استكملت الشركات السياحية المتخصصة فى رحلات السفارى استعداداتها لاستقبال المغامرين المشاركين فى هذه التجارب الفريدة. ■ اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر وأكد اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، أن رحلات السفاري والمشي الصحراوي قد أسهمت فى تحقيق انتعاش ملحوظ فى الحركة السياحية، فهى تُعد إضافة مميزة للسياحة فى المنطقة إلى جانب الغوص، حيث يمكن للمغامرين التمتع بمشاهد الجبال والرمال والهضاب والوديان المتنوعة. ويقول بشار أبو طالب، نقيب المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر، إن سياحة المشى الطويل تجمع بين النشاط الرياضى والعلاج النفسى، حيث يلجأ إليها السائحون لاستعادة شبابهم وتجديد طاقتهم بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية، وهذه السياحة ليست حديثة، بل تعود جذورها إلى الإنسان الأول الذى كانت حياته تعتمد على التنقل والترحال بحثًا عن الطعام والمأوى. أما فى العصر الحالى، فقد أصبحت سياحة السفارى فى جبال البحر الأحمر معروفة منذ عقود، وكانت تعتمد فى البداية على استخدام سيارات الدفع الرباعى للتنقل عبر الصحراء، ولكن مع مرور الوقت، تنوعت البرامج السياحية لتشمل سياحة المشى الطويل. ◄ أشهر المسارات تبدأ هذه الرحلات بشكل سنوى فى شهر أكتوبر وتستمر حتى أبريل، وهو الموسم المثالي نظرًا لاعتدال الطقس فى تلك الفترة، ومن أشهر المسارات في هذه السياحة هو المسار الدائرى الذى يبلغ طوله حوالى 170 كيلومترًا ويقع بالقرب من مدينة الغردقة، ويبدأ من منطقة «أم دلفة» ويتجه شمالًا نحو جبل القطار وجبل الدخان، ثم يعود إلى نقطة البداية، ويقوم السائحون بقطع مسافات يومية تصل إلى حوالى 30 كيلومترًا، ويستمتعون بمشاهدة الطبيعة مثل الجبال الشاهقة، الوديان، الهضاب، الرمال الناعمة، وأشجار الصحراء النادرة. ◄ اقرأ أيضًا | اكتشف مصر.. موقع عالمي يروج للأماكن السياحية والأثرية ◄ تجربة تأمل هذه الرحلات لا تستقطب فقط المغامرين، بل أيضًا الباحثين عن الصفاء النفسى، حيث يهرب السائحون من الضغوط الحياتية الحديثة، فالمشى فى الصحراء يوفر فرصة لاكتشاف جمال الطبيعة عن قرب، وهو ما قد لا يستطيع السائح ملاحظته عند التنقل بالسيارة أو بوسائل أخرى، والمشاهد الطبيعية الخلابة تشمل جبالا بألوان مختلفة، أشجارا ونباتات فريدة، بالإضافة إلى تنوع كبير فى الطيور والحيوانات البرية، وفى الليل يتاح للسائحين فرصة مراقبة السماء المرصعة بالنجوم بوضوح، مما يوفر لهم تجربة تأمل فى عجائب خلق الله. وتتميز صحراء البحر الأحمر بوجود أنواع متنوعة من الأشجار والنباتات، مثل شجرة السيال أو السنط، التى تُعرف علميًا باسم الأكاسيا، وتلقب ب«تاج الصحراء»، هذه الشجرة تعتبر موطنًا للعديد من الطيور، سواء المقيمة أو المهاجرة، إضافة إلى أنواع مختلفة من الزواحف، كما تنمو فى الصحراء مجموعة متنوعة من الأعشاب الطبية مثل الحنظل والحرجل، وكلها أعشاب تُستخدم فى علاج العديد من الأمراض. ◄ القبائل البدوية وخلال رحلات المشى الطويل، تتاح للسائحين فرصة التفاعل مع القبائل البدوية التى تقطن الصحراء، حيث يتعرفون على تقاليدهم وعاداتهم، وغالبًا ما يكون الأدلاء فى هذه الرحلات من أفراد القبائل، ويعتمد عليهم السائحون فى توفير الماء والطعام ونقاط الراحة. بالإضافة إلى ذلك، يقوم السائحون بزيارة مواقع تاريخية وأثرية تعود لعصور مختلفة، حيث استقر القدماء فى تلك المناطق بحثًا عن المواد الخام التى استخدموها فى بناء المعابد والآثار. ◄ بقايا أثرية ومن أهم هذه المواقع جبل الدخان الذى يحتوى على بقايا مدينة رومانية، بما فى ذلك معبد مخصص للمعبود سيرابيس، وفى منطقة جبل أبو خريف، توجد مدينة رومانية أخرى تعود لعهد الإمبراطور دقلديانوس، وتضم بقايا أثرية يتردد السائحون على زيارتها، كما تزخر المنطقة بالرسومات والنقوش القديمة والكهوف التى تعود إلى ما قبل التاريخ، مثل ما هو موجود فى جبال القطار وبلى والحمامات وأبرق. أما من حيث الجاهزية البدنية، فإن هذه الرحلات لا تتطلب لياقة بدنية كبيرة، بل هى نفسها تُعد نوعًا من الرياضة البدنية والنفسية، ويُنصح السائحون خلال الرحلة بخلع أحذيتهم والمشى حفاة، لأن ذلك يساعد فى التخلص من الطاقة السلبية ويعزز النشاط الجسدى، حيث تقوم الأعصاب الموجودة فى القدمين بتنشيط أجهزة الجسم المختلفة عند تدليكها بالمشى على الرمال. وفيما يتعلق بالإقامة، يدعو أبو طالب إلى السماح للسائحين بالتخييم فى الصحراء بدلاً من العودة يوميا إلى فنادق الغردقة، ثم الرجوع مرة أخرى إلى الصحراء فى الصباح الباكر، فهذه الرحلات تعتبر ذات قيمة مادية عالية، ويقدر السائح هذه التجربة ويدفع مبالغ جيدة مقابلها، مما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى. ◄ الطقس الملائم وتكون أفضل أوقات هذه الرحلات فى فصل الشتاء، حيث يكون الطقس ملائمًا لممارسة النشاطات الرياضية فى الصحارى المفتوحة، ونادرًا ما يواجه السائحون طقسًا سيئًا فى صحراء البحر الأحمر، لأن الجبال العالية تعمل كحواجز طبيعية تحمى المنطقة من الرياح القوية والعواصف، أما الخطر الوحيد الذى قد يواجه السائحين فهو السيول، لكن الدولة المصرية قامت بجهود كبيرة فى بناء سدود لحماية مدن البحر الأحمر، مثل سد فالق السهل وفالق الوعر، القريبين من مدينة الغردقة. ◄ دعم الاقتصاد وأخيرا تلعب سياحة المشى الطويل دورًا مهمًا فى دعم الاقتصاد المحلى، حيث تتيح فرص عمل للبدو الذين يعملون كمرشدين ويحملون الطعام والشراب للسائحين، كما يشترى السائحون منتجات يدوية من البدو، مثل السجاد والحلى، بالإضافة إلى الأعشاب الطبية التى يتم جمعها من الصحراء، مثل الحنظل والسواك وغيرهما.