span style="font-family:" Arial",sans-serif"يتذكر محسوب عبد الصبور كلمات الشيخ الأكبر (كل مكان لا يؤنث، لا يعول عليه) وهو متجه إلى العمل عبر شارع النهضة، الناس تنهض إلى العمل كل يوم عدا يوم الجمعة، الناس تتدافع من أجل العيش، من أجل لقمة العيش، هل وجد الإنسان على هذه الأرض ليسعى على لقمة العيش فقط؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"لا أعرف! span style="font-family:" Arial",sans-serif"هكذا دار في خلده، يصل إلى شركة النصر للصابون في السواح، يعرج على المدير العام يطلب منه سلفة، كالعادة يرفض المدير، يذهب إلى مكتبه في قسم الحسابات، يجلس في هدوء، يأتي الفراش، يوزع طلبات الموظفين ولا يقترب إلى محسوب الذي اعتاد ألا يطلب منه شيئاً. span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينكب على العمل دون هوادة، يأتي موعد الانصراف، يسرع كي يلحق بعمله الآخر، يعمل كاشير في محل كشري عرفة بشبرا، يركب الأتوبيس، يحصل على مقعد فارغ، يجلس، يتأمل في لافتات المحلات، ووجوه الناس، يصل إلى محطة دوران شبرا، يدلف إلى مطعم كشري عرفة، يستلم الوردية، تأتى سمية بائعة الخضار تحصل دفعة خضار اليوم، ترتدى عباية سوداء، تزيد من أنوثتها، تضع كحل وروج أحمر لون الكريز جعلها أشبه بشادية، تبتسم، تقول: يسعد مساك يا أستاذ محسوب span style="font-family:" Arial",sans-serif"يرد: مساء الورد span style="font-family:" Arial",sans-serif"تضحك ضحكة خفيفة، تنظر إليه بإعجاب وهو غافل عنها، لا يلتفت لغير أخذ الحساب. span style="font-family:" Arial",sans-serif"نادت عليه برقة، التفت إليها وطالت النظرة بينهم، حتى انتبه الى صوت span style="font-family:" Arial",sans-serif"سيد ومعه زبون يريد الحساب span style="font-family:" Arial",sans-serif"سيد للزبون: خليه علينا المرة دي يا بيه span style="font-family:" Arial",sans-serif"الزبون مبتسم: شكراً span style="font-family:" Arial",sans-serif"سيد: وعندك واحد سوبر للباشا span style="font-family:" Arial",sans-serif"مازلت نظرة سمية عالقة، لم تلتفت رغم الصياح، وحدثت محسوب : span style="font-family:" Arial",sans-serif"جرى أيه يا أستاذ محسوب ، ها تسبني واقفة كدة كتير ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينظر إليها معجبا بوجهها الضاحك، وعينها الساحرة، يشتهى تلك المرأة، ولكن. : span style="font-family:" Arial",sans-serif"حاضر، يا ست الكل ، حالا span style="font-family:" Arial",sans-serif"تذهب سمية وتأخذ معها جزءا من قلبه، هذه أنسي كان يتمنى أن يرتبط بمثلها ولكن، النصيب. span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينتهي من عمله ويتجه إلى صاحب المحل طالبا سلفة، يعطيه نصف ما طلب، يشكره ويذهب إلى البيت في الزاوية الحمراء. span style="font-family:" Arial",sans-serif"لماذا سميت بهذا الاسم؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"يفكر ولا يعرف ويحدث نفسه أنه سيبحث في الأمر. span style="font-family:" Arial",sans-serif"عاد إلى حارة السيد أنور، على الناصية ينادى المنادى على البطيخ : span style="font-family:" Arial",sans-serif"حَمَار وحلاوة يا بطيخ span style="font-family:" Arial",sans-serif"يذهب ويشترى واحدة، يطرق عليها كإعادته، ويسمع نفس الصوت تقريبا في كل مرة، يحمل البطيخة ويعرج على مخبز حماد يشترى خبز، يصعد الطابق الثالث، يطرق الباب، تفتح نورا . span style="font-family:" Arial",sans-serif"يبتسم، حبيبتي، نور حياتي، القمر الصغنن span style="font-family:" Arial",sans-serif"هكذا كان يدلل أخر العنقود، ذات السبع سنوات، التي تشغل مكانة كبيرة في قلبه، تهون عليه مرارة الأيام. span style="font-family:" Arial",sans-serif"تضحك، تصيح: بابا جه بابا جه span style="font-family:" Arial",sans-serif"بابا جاب بطيخة span style="font-family:" Arial",sans-serif"تخرج سوسن الأم من المطبخ على صياح نورا ممسكة في يديها كبشة. : span style="font-family:" Arial",sans-serif"فيه ايه يا بت ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"عاملة هيصة ليه؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"عشان جاب بطيخة، أمال لو جاب كباب والا تورتة كنتي عملتي أيه.! span style="font-family:" Arial",sans-serif"يتلقى هذا الاستقبال باللامبالاة، قد اعتاد على ذلك منها . span style="font-family:" Arial",sans-serif"يضع ما في يده ونورا تحاول تمسك البطيخة وهو يحذرها أنها ثقيلة عليها وهو يبتسم، ثم يضعها على المنضضة، span style="font-family:" Arial",sans-serif"يتجه إلى غرفة نومه، يبدل ملابسه، يفكر في سمية، يجدها أشبه بطبق الحلوى، يتحسر على ما مضى من عمره، يأسف على نفسه، يتساءل، لماذا لم أتزوج مثل سمية؟، كان يراها مهلبية عليها قشطة وعسل ويسيل اللعاب لها، لماذا تم اعتقالي في سجن سوسن.؟ أعوذ بالله، راضعة نكد وخمسة أطنان عكننة، لا تعرف معنى الدلع، ولم تنل من الأنوثة سوا اسمها، لايت كان لدى الاختيار، لكن، النصيب. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يدخل إلى الحمام، يخرج، يجد طبق عدس كبير وحوله جرجير، وبصل، يجلس يأكل، يبتسم لنورا، تبادله الابتسامة، ينتهي من طعامه، يخبرها بأنه يريد كوب شاي، تشيح بيديها، وتقول: أنا تعبانة ومش قادرة وعندي غسيل ونشر وكنس وووو span style="font-family:" Arial",sans-serif"يشير إليها بيده كمن يريد أن يسكتها : span style="font-family:" Arial",sans-serif"بس بس ، حقك عليا ، أقوم أنا أعمل. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يشرب الشاي في البلكونة، مصطحبا صورة سمية، أه يا دنيا، لكن معلش، كل شيء نصيب، ينتهي من كوب الشاي على صراخ سوسن: انت قاعد في البلكونة، هنشر فين أنا أن شاء الله؟ قوم يا رجل انزل على القهوة والا اعملك حاجة. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يبتسم في سخرية ويحمل معه كوب الشاي، ويضعه في المطبخ بعد أن قام بغسله، يتجه إلى غرفته، يبدل ملابسه، ينزل إلى القهوة، يجلس، يجد حسين صديقه، يسلم عليه، يطلب شاي. span style="font-family:" Arial",sans-serif"حسين: فينك يا محسوب، بقالك أسبوع مش باين span style="font-family:" Arial",sans-serif"محسوب: ادينى بنت يا خويا span style="font-family:" Arial",sans-serif"حسين ضاحكاً: بنت والا راجل؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"هههههههههههه span style="font-family:" Arial",sans-serif"يضحكوا سويا، ثم يتبع حسين كلامه: لا بجد، مش بتقعد معايا على القهوة زى زمان ليه؟، ما انت عارف انى لاجئ هنا كل يوم بعد ما رجع من الشغل. : span style="font-family:" Arial",sans-serif"مفيش يا حسين، انت عارف إنى بشتغل 3 شغلانات ، والنهاردة إجازة الجزارة ، وبشتغل بالليل كام ساعة عند الحج سيد الذباح، اللي في المطرية، وادينى جيت . span style="font-family:" Arial",sans-serif"تأمل حسين في نبرة صوت محسوب، ولمس مسحة حزن تحيطه، فقال له: بقولك تيجى أخدك دور شطرنج زي بتوع زمان، فاكر؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"يومئ محسوب برأسه، وهو غير مبالي: زي ما تحب يا حسين span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينادى حسين على النادل أن يحضر الشطرنج، يلعب في دوره وهو يحاول أن يخرج صديقه من الهم الذي يعتريه، يحرك الحصان تجاه الملك، ثم يضحك وهو يقول: كش ياحلو هههههه. span style="font-family:" Arial",sans-serif"ينظر محسوب في رقعة الشطرنج، ثم يقول كمن يحدث نفسه : span style="font-family:" Arial",sans-serif"منا كاشش من زمان span style="font-family:" Arial",sans-serif"حسين : الله الله ، مالك يا عم مالك مغمقها ليه ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"يرد محسوب كمن لا يجد مفر من الحكى بغية إزاحة ما هو متراكم على صدره. : span style="font-family:" Arial",sans-serif"مفيش ، مش عارف يا اخى اعمل ايه ؟ زي الطور مربوط في ساقيه ومفيش فايدة، ولسه لما اطلع وتبدأ العركة. span style="font-family:" Arial",sans-serif"حسين متسائلا: عركة أيه؟ : span style="font-family:" Arial",sans-serif"الهانم بعد ما جوزت بنتى مرفت، لازم في كل موسم نروح نودى طلبات لمرفت شيء وشويات ، وانا قدمت على سلفة والدنيا لسه مش متظبطة، غير الجمعية وقسط تجهيز مرفت، وقسط حضانة نورا، هه، ربنا المعين. span style="font-family:" Arial",sans-serif"كمن يحاول أن يخفف عنه قال حسين: ايه ياعم، ما كل الناس على دا الحال، كبر دماغك، وكله هيعدى. span style="font-family:" Arial",sans-serif"كمن لم يستمع شيئا، وهو غارق في صورة سمية، ظل سارحا في محيها ولا يبالي بكلام حسين الذي يعرفه. span style="font-family:" Arial",sans-serif"هنا أدرك حسين أن الأمر غير ذلك، حينها الح عليه أن يحكى فحكى عن سمية وما يعتريه من حالة لا يعرف تسميتها غير أنه أصبح يفكر فيها كثيرا ويشتهي مقابلاتها وان يحاكيها ولكن.! لا يعرف ماذا يفعل، هنا قام حسين بدوره وأدرك أنه ليس على وفاق مع زوجته وأنه يعانى جراء ذلك، وان ما يعتريه من ألم، بسب إهمال زوجه له، وقد وجد ما يفتقده في سمية، وكمن يريد أن يلطف الجو span style="font-family:" Arial",sans-serif"حسين: قولي، هى حلوة ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"ابتسم محسوب، وهو يصفها كأنها أمامه. span style="font-family:" Arial",sans-serif"طبعاً يا بنى، كنافة بالقشطة، مهلبية. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يضحك حسين: سمية المهلبية span style="font-family:" Arial",sans-serif"ههههههههههه span style="font-family:" Arial",sans-serif"يضحك محسوب، محاولا الخروج من ألمه. span style="font-family:" Arial",sans-serif"يكمل اللعب، وينصحه حسين بالتريث وأن ما به من أثر تدهور العلاقة مع زوجته، وأن الإنسان في هذا الوقت لا ينال ما يريد، ثم أردف : span style="font-family:" Arial",sans-serif"إلا قولي يا محسوب، لينا أكتر من 20 سنة صحاب وانا بنسي أسألك ، هو ليه انت اسمك محسوب ؟ span style="font-family:" Arial",sans-serif"ابتسم محسوب وهو يدرك محاولات صديقه المتعددة كي يخرجه من تلك الحالة. span style="font-family:" Arial",sans-serif"محسوب: ابدأ يا سيدى، كان لى جد شغال عند باشا كبير من بتوع زمان، وكان كل كلامه عن محسوبك كذا وساعدت الباشا من المحاسيب ، وهكذا ، فقال لأبويا يوم مولدي يسميني محسوب ، واهو من ساعتها وأنا مش عارف أنا محسوب على مين.؟