الوعى.. خمسة حروف فقط تمثل فارقًا مذهلًا فى تاريخ الأمم ما بين حياتها أو فنائها، فالدول عند العلَّامة ابن خلدون لها أعمار طبيعية مثل الأشخاص، وتمر بثلاث مراحل، تبدأ بمرحلة البناء ثم مرحلة الاستقرار ثم مرحلة السقوط، ومن أسباب هذا السقوط انهيار المسئولية الفردية أى إحساس الفرد بمسئوليته تجاه المجتمع ولمنع الوصول لمرحلة السقوط والاستمرار بمرحلة الاستقرار، ويأتى وعى الفرد بمسئوليته تجاه وطنه والمحافظة عليه. تمر بلدنا بمرحلة دقيقة، كل محيطها الجغرافى فى حالة حرب سواء حروب داخلية أو تعانى من عدوان خارجى ومشهد يراد له إعادة رسم خريطته السياسية والاستراتيجية، ويتعرض الشعب المصرى نفسه منذ أحداث يناير 2011 لحروب غير تقليدية سلاحها مُوجه إلى الوعى الجمعى للشعب المصرى وتماسكه ووحدته. حروب لا تُطلق فيها رصاصة واحدة ولكنها يطلق سيل من الشائعات الهدامة لتسريب الإحباط والاحتقان والتقليل من كل إنجاز والنيل من الرموز.. حروب لا تتحرك لها الجيوش ولكنها تحرك التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى لتفتيت التماسك المجتمعى وهدم القيم والثوابت المُتعارف عليها وإبراز كل قبيح. لا بديل لمواجهة هذه الحروب الفتاكة سوى الوعى بكل ما يُحاك لنا سواء على مستوى الأفراد أو الأسرة، ولا يترك الرئيس عبد الفتاح السيسى أى مناسبة يتحدث فيها للشعب إلا ويؤكد ضرورة تماسك المصريين ووحدتهم للحفاظ على سلامة الوطن واستقراره، ويحذر من الالتفات للشائعات والأكاذيب والانتباه لما يحدث حولنا. أثق فى قدرة الشعب المصرى على الانتصار فى هذه الحروب النفسية، فالمصريون من أرقى الشعوب وأكثرهم ارتباطًا بالوطن والأرض، وتاريخنا ملئ ببطولات الكفاح والدفاع عن الأرض، نحتاج فقط الوعى بالذات الحضارية المصرية والقيم المتوارثة عبر آلاف السنين والاعتزاز بالهوية المصرية بكل ما تشمله من جوانب وبالذات لأبنائنا الصغار، فذلك حائط الصد المنيع أمام جميع أشكال استهداف المجتمع المصرى والإيقاع بالوطن الغالى.