مع نهاية فصل الصيف، تتجه أنظار المواطنين إلى توقعات هيئة الأرصاد الجوية، التى تلعب دورًا أساسيًا فى تحديد ملامح موسم الشتاء من حيث درجات الحرارة، والأمطار، وتقلبات الطقس، فقد ينتظر الجميع بفارغ الصبر معرفة ما إذا كان الشتاء سيكون شديد البرودة مع هطول أمطار غزيرة، أو معتدلًا مثلما يتمنى الكثيرون، فالتوقعات الجوية لا تؤثر فقط فى الحياة اليومية، بل تسهم فى استعداد الناس لمواجهة الطقس، سواء من خلال اختيار الملابس المناسبة، والتخطيط للسفر، أو تجهيز منازلهم لمواجهة الأمطار والعواصف. وفى هذا التقرير يرد خبراء الأرصاد والمناخ، على ما تردد على بعض صفحات السوشيال ميديا من أن الشتاء القادم سيكون الأشد قسوة منذ 30 عامًا. تؤكد الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد فى الهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن هيئة الأرصاد لم تصدر أى بيانات أو توقعات رسمية بشأن فصل الشتاء حتى الآن، نظراً لبُعد الفترة الزمنية، مشيرة إلى أن ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى حول التحذيرات الخاصة بالشتاء لا يمت للحقيقة بصلة، وأن ما يُنشر عبر الإنترنت رواه مصادر غير متخصصة، محذرة المواطنين من الانسياق وراء هذه الشائعات. ◄ أحوال الخريف وتوضح أيضًا أن ما تم التنبؤ به يخص فقط فصل الخريف، الذى يُعد من الفصول الانتقالية التى تنقلنا من حرارة الصيف إلى برودة الشتاء، ويعتبر أحد أكثر الفصول اعتدالًا على مدار العام، حيث تنخفض درجات الحرارة بعد صيف طويل وشديد الحرارة، ويتميز الخريف هذا العام بتخلل بعض المنخفضات الجوية، أبرزها منخفض البحر الأحمر أو ما يعرف بمنخفض السودان الموسمى، وغالبًا ما يتسبب فى سقوط الأمطار التى قد تصل لحد السيول في مناطق جنوب البلاد وسلاسل جبال البحر الأحمر وسيناء، كما تتأثر البلاد أيضًا بمنخفضات البحر المتوسط، التى تسهم فى انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار على المناطق الشمالية. وبحسب التوقعات الفصلية التى تصدرها الهيئة العامة للأرصاد الجوية، فمن المتوقع أن يشهد خريف 2024 درجات حرارة حول معدلاتها الطبيعية، مع احتمال ارتفاع درجات الحرارة فى بعض الأيام، أما بالنسبة للأمطار، فمن المتوقع أن تكون فوق المعدل الطبيعى، خاصة فى شمال البلاد وبعض مناطق الجنوب. ◄ اقرأ أيضًا | درجات الحرارة بمدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى في القاهرة 30 ◄ توقعات غير دقيقة فيما نفى الدكتور محمود شاهين، مدير مركز التنبؤات الجوية بالهيئة العامة للأرصاد، ما يتردد عن أن الشتاء القادم سيكون الأكثر برودة فى مصر منذ عقود، مؤكدًا أن هذه التوقعات مبكرة وغير دقيقة، كما أوضح أن التغيرات المناخية، مثل موجات الحرارة الشديدة وأمطار الصيف فى جنوب البلاد، أصبحت أكثر تكرارًا بسبب ظاهرة الاحتباس الحرارى، مؤكدا أن الدولة المصرية تتخذ خطوات جادة للتصدى لآثار التغير المناخى، مثل التحول إلى استخدام الوقود الصديق للبيئة ومحاولة التكيف مع التغيرات، خاصة فى المناطق الساحلية. ظاهرة اللانينا في حين ذهب الدكتور تحسين شعلة، خبير البيئة والمناخ، إلى أن الشتاء القادم سيشهد برودة شديدة وأمطارًا غزيرة، مستندا فى ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة الذى شهدناه يدخل ضمن ظاهرة "النينو"، وهى حالة طبيعية تتعلق بتذبذب درجات الحرارة فى وسط وشرق المحيط الهادئ. ورغم أنها ظاهرة دورية تحدث طبيعيًا، إلا أن التصرفات البشرية الخاطئة، مثل التلوث البيئى والانبعاثات المتزايدة لغازات الكربون والميثان، تفاقم من تأثيرها. وبعدما بدأت ظاهرة النينو فى شهر يونيو 2023، وانتهت بنهاية الصيف، يؤدى ذلك لتوقعات ببدء ظاهرة "اللانينا" خلال فصل الخريف، وهذه الظاهرة تختلف عن النينو فى أنها تتسبب فى انخفاض درجات حرارة المحيط الهادئ وتؤثر بالتالى على المناخ العالمى، حيث من المتوقع أن تشهد درجات الحرارة انخفاضًا تدريجيًا خلال شهر سبتمبر، وتعود إلى معدلات أقل من المعتاد مع استمرار هذا الانخفاض. ◄ السيناريو المتقطع أما فيما يتعلق بتوقعات الشتاء الأعنف، فقد أشار الدكتور مجدى علام، مستشار برنامج المناخ العالمى أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، إلى أن العالم يعيش حاليًا ما يُعرف ب "السيناريو المتقطع" فى تغير المناخ، حيث نشهد فترات متذبذبة فى درجات الحرارة، فقد تأتى أيام شديدة البرودة، تليها أسابيع بدرجات حرارة معتدلة تميل إلى الأجواء الصيفية. ويؤكد الدكتور علام أن هذه التقلبات فى المناخ ترجع إلى اضطراب الدورات الطبيعية للفصول، حيث لم يعد الربيع والخريف كما كانا من قبل، مما أثر سلبًا على الأنظمة الزراعية التقليدية. ورغم أن التنبؤات تشير إلى انخفاض درجات الحرارة فى شهر يناير، يوضح علام أنه من الصعب تقديم توقعات قاطعة حول حالة الطقس، نظرًا إلى أن الظواهر الجوية الجامحة تحدث بلا سابق إنذار، وقد يكون الشتاء الأعنف لأيام معدودة فقط، لكن من المستحيل الجزم بشكل مؤكد عن مدته أو تأثيراته.