الضربة الإيرانية التى استهدفت الكيان الإسرائيلي، بجانب العملية النوعية التى قامت بها المقاومة الفلسطينية فى يافا، تمثل تحولاً جذرياً فى ميزان القوى بالمنطقة، وتوضح بشكل جلى أن المقاومة لم تعد مقتصرة على ردود الفعل المحدودة، بل باتت تعمل وفق استراتيجيات ردع شاملة، تستهدف إحداث تغيير حقيقى فى المعادلة، واستعادة التوازن النفسى فى المنطقة، مما جعل حزب الله يعيد تنظيم صفوفه، ويستعيد ثقته بإمكاناته، رغم الضربات الموجعة التى تلقاها فى الأيام الماضية، وهو ما زاد من الضغط النفسى على القيادة الإسرائيلية، التى باتت تشعر بثقل الضربات المتلاحقة التى تتعرض لها. تلك الضربات لم تقتصر على الجوانب العسكرية فحسب، بل تضمنت رسائل سياسية واضحة، أثرت بعمق على المجتمع الإسرائيلى الذى بات يعيش حالة من الخوف والترقب، وجعلت الحكومة الصهيونية فى موقف حرج أمام مواطنيها فى ظل تصاعد الغليان الداخلي، حيث جاءت تصريحات الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، فى المؤتمر الذى عقده مع الشيخ تميم بن حمد بالدوحة، بمثابة ضربة دبلوماسية قوية فى توقيت بالغ الأهمية، وحملت بين طياتها رسائل سياسية قوية، هذه التصريحات، التى وصف فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية ب»مصاص الدماء وقاتل الأطفال»، لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل انعكاساً لواقع قاسٍ يعيشه الشعب الفلسطينى فى ظل الصمت الدولى المخزي. أمير قطر وجه الرسائل بشكل أساسى إلى الدول الأوروبية التى تخشى تصعيداً عسكرياً فى المنطقة، وهى تفتح الباب أمام مبادرات جديدة، تعيد ترتيب الأوراق السياسية بالشرق الأوسط، وتحدث تغييرات لن تؤثر فقط على إسرائيل، بل على جميع القوى الإقليمية والدولية المعنية بالصراع، بما فى ذلك الإدارة الأمريكية، على الجانب الآخر جاءت دعوة الرئيس الإيراني، بضرورة بناء تحالفات جديدة بين الدول الإسلامية، فى وقت تشهد فيه المنطقة انقساماً بين الدول الإسلامية، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للتحديات، هذه التحالفات الجديدة فى ظنى هى السبيل الوحيد لردع إسرائيل، ومنعها من ارتكاب المزيد من الجرائم بحق شعوب المنطقة. فى ظنى أن ما يحدث الآن بداية مرحلة جديدة من التوازنات السياسية بالمنطقة، قد تقلب المعادلة بالكامل، وتؤدى إلى تحولات كبرى فى العلاقات الدولية بالشرق الأوسط، ربما تحدث تغييراً جذرياً فى قواعد اللعبة السياسية، ويكون لها تأثيرات عميقة على مستقبل الصراع.