أكد الخبراء العسكريون أن إيران وإسرائيل لا يزالان يخوضان الحرب وفق معارك اشتباك محددة تراعى المصالح الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط وأشاروا إلى أن الضربات الصاروخية الإيرانية باليوم على القواعد الإسرائيلية لا يمكن اعتبارها بداية لحرب إقليمية ولكنها تأتى فى إطار الرد المنضبط على العمليات الإسرائيلية الأخيرة وسلسلة الاغتيالات لزعماء وقادة حزب الله وحماس ولا يستبعد الخبراء خطر اندلاع حرب إقليمية فى حالة قيام أحد الطرفين بتجاهل قواعد الرد المنضبط والمبالغة فى التصعيد العسكري. وحول ابلاغ إيرانالولاياتالمتحدة وروسيا بتوقيت وأهداف ضرباتها الصاروخية على إسرائيل قبل تنفيذها بعدة ساعات يقول اللواء أحمد يوسف عبد النبى قائد حرس الحدود الأسبق ومستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا أن الحرب الجارية بالمنطقة هى حالة خاصة ومختلفة عن الحروب التقليدية وهى ليست مسرحية ولكنها تتم وفق القواعد الأمريكية حيث لا ترغب إيران فى المقام الأول أن تكون الولاياتالمتحدة على علم بأهدافها حتى لا تقوم واشنطن بترجمة الهجوم بشكل مختلف وأن الضربات هى مجرد رد فعل على الاغتيالات الإسرائيلية لقادة أذرعها بالمنطقة موضحا أن الولاياتالمتحدة لا ترغب فى التصعيد لحرب إقليمية بالمنطقة لعدة أسباب أهمها تأثير ذلك على النفط ومسار النقل البحرى مما سيكون له أسوأ الأثر على الاقتصاد الأمريكى والعالمي. ويشير قائد قوات حرس الحدود الأسبق أن سيناريو الحرب الإقليمية قد يقع فى حالة إذا ما قاد الغرور نتنياهو وقام باستهداف أحد المفاعلات النووية الإيرانية أو قيام إيران باستهداف مباشر للمصالح الأمريكية بالمنطقة أو توجيه ضربات صاروخية لإسرائيل بدون تنسيق منضبط وأوضح أن جميع الجماعات الفاعلة المسلحة من غير الدول التابعة لإيران بالمنطقة تعمل وفق قواعد الاشتباك الايرانية ولن تخرج عنها والسيناريو الأقرب هو أن تنتهى الحرب الجارية بعملية سياسية تفاوضية عقب وصول رئيس جديد للبيت الأبيض. وحول الاجتياح البرى الإسرائيلى لجنوبلبنان فيرى عبد النبى أن تل أبيب تسعى من العملية الى إضعاف القوة العسكرية لحزب الله وتدمير قواعده وتشتيت عناصره بحيث يكون الجيش اللبنانى قادر على تنفيذ المادة 107 من قرار الأممالمتحدة والتى تقضى بتوليه حماية حدوده على تتولى الولاياتالمتحدة تسليحه وبالطبع ذلك سيستغرق ذلك وحول الرد المنتظر من إسرائيل على الهجوم الإيراني. ويرى اللواء د. وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية أن إسرائيل تمتلك من الأسلحة ما يمكنها من ضرب البرنامج النووى الإيراني، لأن لديها طائرات F-15 و F-35، والتى تستطيع الوصول إلى عدة مواقع للمفاعلات النووية الإيرانية ولكنها ستكون عملية انتحارية أولاً لوجود المفاعلات النووية الإيرانية فى مناطق جبلية وهذا يعنى سهولة استهداف الطائرات الإسرائيلية وثانياً لأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدى وسترد على الهجوم بقوة وتتوسع الحرب لحرب إقليمية. وأضاف أن إيران لن تتوانى عن ضرب مفاعل ديمونة الإسرائيلى فى حالة قيام إسرائيل باستهداف برنامجها النووى وسترد باستهداف المفاعلات النووية الإسرائيلية ، لأن إسرائيل أقصى عرض لأراضيها التى أحتلتها تبلغ 145 كم، وأقل عرض لها 75 كم فى الشمال، وهذا يعنى أنه لا يوجد عمق للأراضى المحتلة. وأشار مستشار الأكاديمية العسكرية المصرية أنه لا يستبعد الرد الإسرائيلي، ولكنه يتوقع أن تقوم إسرائيل باستهداف مصانع للصواريخ أو الذخيرة أو الطائرات الموجهة بدون طيار، أو أهداف استراتيجية للحرس الثورى الإيرانى بمنطقة الشرق الأوسط. وأوضح اللواء ربيع أن الضربة الإيرانية لإسرائيل لها نتائج مؤثرة فى الصراع الدائر فى لبنان، فاختيار التوقيت مناسب جداً رداً على اغتيال حسن نصر الله وقيادات حزب الله فى لبنان، وقدمت بذلك دعما معنويا كبيرا رفع الروح المعنوية لكل أعضاء تنظيم حزب الله، وانتهت إشاعة أن إيران «باعت» حزب الله، كما أنها أعطت فرصة لقيادات حزب الله الجديدة لتتولى ترتيب البيت من الداخل، كما أن الداخل الإسرائيلى تأثر جداً بما حدث، وشعر المواطن اليهودى بأنه غير آمن فى إسرائيل، ونزوله للملاجئ أمر لم يحدث منذ سنوات. ورفض مستشار الأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية وصف الضربة الإيرانية لإسرائيل ب»المسرحية»، مؤكداً أن إيران لها مصالح فى المنطقة، وضربت ما يقرب من مئتى صاروخ بالستى لتحقيقها، وأنها إن كانت «مسرحية» لم تكن لتطلق هذا العدد الكبير من الصواريخ، واستهدفت 3 قواعد عسكرية فى قلب إسرائيل، مشدداً على أن تل أبيب من عادتها إخفاء خسائرها، وعدم الإعلان عنها بشفافية فى حينها. و أكد اللواء د. سمير فرج مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق أن جنوبلبنان لن يواجه مصير غزة، ولن يصبح غزة جديدة كما هو مخطط من قبل إسرائيل فحزب الله يملك المواجهة على الأرض خاصة أن الطبيعة الجغرافية تقف فى صف حزب الله وجنوده، حيث إن أرض المعركة هى أرض جبلية وصلبة يصعب فيها الهجوم على أهلها لأنهم أكثر دراية بها، موضحاً أن لدينا تجربة فى عام 2006 انتصر فيها حزب الله على إسرائيل، وعلى الرغم من تصفية قادة الحزب حالياً إلا أن هذا سيكون دافعا قويا كى نشاهد معركة شرسة من حزب الله تجاه إسرائيل على الأرض. من جانبه يرى اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أن ما حدث أمس الأول من هجوم ايرانى على إسرائيل يسير فى اتجاهين: الأول وهو إتفاق إيرانى أمريكى وتم إبلاغ أمريكا بنية الهجوم وتحديد الأهداف التى سيتم توجيه الضربات لها من أجل حفظ «ماء الوجه»، وإيهام الأذرع العسكرية التابعة لإيران بأنها لا تتخلى عن حلفائها، والاتجاه الثانى هو انتهاء إيران من البرنامج النووي، وأصبحت قادرة على مواجهة إسرائيل فى المنطقة بشكل أقوى، وهو ما جعلها توجه ضربات انتقاماً لاغتيال قيادات حزب الله أحد أهم الأذرع العسكرية لها فى المنطقة، موضحاً أن ما سوف يحدد الاتجاه هو حجم الخسائر التى نتجت عن هذه الضربات عندما يكشف عنها فإذا كانت الخسائر الإسرائيلية قليلة فما حدث هو «تمثيلية»، ولكن إذا كان هناك ضحايا فهذا رد انتقامى وانتقال نوعى فى المواجهة، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسى من ضربات إيران هو طمأنة أذرعها العسكرية بأنها قادرة على حمايتهم .