أيامٌ معدودات تفصلنا عن مرور عام كامل من الحرب الإسرائيلية المستعرة في غزة، والتي يشنها العدوان الإسرائيلي الغاشم منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، ويستهدف بها شعبًا بأكمله يعاني من ويلات الحرب وتحت براثن القصف دون هوادة. وخلال عام بأكمله من الحرب لم تتوقف الطائرات الحربية الإسرائيلية عن الإقلاع والقصف والتدمير سوى لأسبوع واحد خلال الفترة من 24 نوفمبر وحتى 1 ديسمبر من العام الماضي، بعد اتفاق هدنة إنسانية تخللها صفقة تبادل أسرى بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، جاءت برعاية مصرية قطرية. خلاف ذلك، فشلت كل جهود الوساطة الدولية والإقليمية في التوصل إلى اتفاق هدنة آخر أو إبرام صفقة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة لتستمر آلة الحرب الإسرائيلية في حصد أرواح الفلسطينيين دون رحمة أو شفقة. وأودت الحرب في غزة بحياة أكثر من 41 ألفًا و600 فلسطيني ارتقوا شهداء جراء العدوان الإسرائيلي، إلى جانب أكثر من 96 ألف جريح حتى الآن. وبالتزامن مع مرور عام من الحرب في غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية لتشمل عملية اجتياح بري في الأراضي اللبنانية، لتتسع رقعة الصراع في المنطقة، التي تعيش على وقع الحرب الإسرائيلية، التي لم يتم التوصل لاتفاق بعد من أجل إنهائها في قطاع غزة، على الرغم من الجهود المتواصلة من الوسطاء من أجل الوصول لصفقة. تغيرات في بوصلة رهانات الصفقة وفي غضون ذلك، يقول المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع، «أنا في اعتقادي أن فرص الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار ربما تكون الآن أكثر بروزًا وجدية، ولكن هذا يعتمد على (بنيامين) نتيناهو». ويستطرد قائلًا: «أما من ناحية حركة حماس فالرهانان الأساسيان، اللذان راهنت عليهما الحركة، ربما خسرتهما، أولهما الرهان على التغيير الداخلي في إسرائيل، والآن أصبح حزب الليكود (حزب نتنياهو) في أفضل مستوياته، ونتنياهو في أفضل مستوياته في استطلاعات الرأي، واستعاد مرة أخرى نفسه، فاررهان الداخلي لم يعد قائمًا». ويضيف مطاوع، في تصريحات ل"بوابة أخبار اليوم"، "الرهان الآخر هو محور المقاومة، وقدرة المحور على الاشتباك مع إسرائيل، وقدرته على الاشتباك مع إسرائيل، وإجبار إسرائيل على القبول بشروط تتناسب مع حماس أو توسيع الحرب، ولكن هذا الخيار أيضًا أصبح فاشلًا، ولكن بعدما يتعرض له حزب الله في لبنان، وهو الأقوى من حركة حماس، في حين لم تقدم إيران الكثير الآن، وسترفض التدخل حتى لحماية حزب الله". ويتابع قائلًا: "أنا أعتقد أن أي مفاوضات قادمة تتعلق بالهدنة ستتعامل معها حماس بأكثر مرونة من المرات السابقة، وعلى الجانب الآخر نتنياهو غير معنٍ حاليًا بأي صفقة في الوقت القريب إلى حد ظهور نتائج الانتخابات الأمريكية، التي بناءً عليها سيحدد طريقة تعامله مع غزة أو لبنان". اتفاق «بعيد» في المدى القريب وفي المقابل، يستبعد عاهد فروانة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، فرصة أن يتم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، خلال الوقت الراهن أو على المدى القريب. ويقول فروانة ل"بوابة أخبار اليوم"، "أعتقد أنه لا زال التوصل إلى صفقة وإنهاء الحرب على غزة بعيدة حتى الآن، لأن نتنياهو يريد أن يجعل جبهة غزة في مضمار الاستنزاف الدائم بحيث أنه خفف عمليات الاجتياح الواسعة واستعاض عنها بالاستهداف المتتالي من الطيران للمدراس ومراكز الإيواء والخيام، وقتل أكبر عدد من أبناء الشعب الفلسطيني، وقام بتدمير ما لم يُدمر حتى الآن لتبقى غزة مشغولة بنفسها وهمومها والضغط عليها وفصل أجزائها عن بعضها البعض، من أجل الوصول إلى الحد الأدنى من الصفقة بما يخص الأسرى في قطاع غزة ليحصل عليهم بأقل الأثمان إن لم يستطع أن يحررهم بالعمليات الخاطفة". ويضيف فروانة: "كما أن نتنياهو لا يريد أن يعطي أي إنجاز لبايدن أو كامالا هاريس قبيل الانتخابات الأمريكية، ولا يريد أن يحقق لهم أي استفادة فيما يخص الهدنة والصفقة بغزة لأنه يتطلع لإنجاح صديقه القديم ترامب وإعادته إلى الرئاسة الأمريكية، نظرًا لاعتقاده أنه سيوفر له كل الفرص للبقاء في حكم إسرائيل ونجاته من المحاكمات وتحقيق حلمه في تصفية القضية الفلسطينية، عبر ما يُسمى بصفقة القرن".