أعلنت إسرائيل عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في غارة جوية استهدفت مقره، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام سيناريوهات متعددة قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، في هذا الصدد تسلط القارير الضوء على التداعيات المحتملة لهذا الاغتيال على لبنان والمنطقة، مستندين إلى تحليلات خبراء من المجلس الأطلسي. ضربة قاصمة لحزب الله يشكل اغتيال نصر الله ضربة موجعة لمعنويات حزب الله، خاصة في ظل الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على بنيته التحتية العسكرية، إذ انه وفقًا لنيكولاس بلانفورد، الزميل الأول غير المقيم في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، فإن عملية اختيار خليفة لنصر الله قد تواجه تعقيدات غير متوقعة. يقول بلانفورد: "رغم أن هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله وابن عم نصر الله، يعتبر المرشح الأوفر حظًا، إلا أن مقتل قيادات أخرى إلى جانب نصر الله قد يعقد - وربما يؤخر لفترة - عملية إعادة تأسيس القيادة والسيطرة على المنظومة بأكملها". هذا الوضع قد يترك الحزب عرضة للخطوات الإسرائيلية القادمة، مما يضع علامات استفهام حول مستقبل حركة حزب الله اللبناني نشوة النصر ومخاطر التصعيد مع نجاح إسرائيل في اغتيال نصر الله، تواجه الآن معضلة استراتيجية، يشير توماس س. واريك، الزميل الأول في مشروع مستقبل وزارة الأمن الداخلي بالمجلس الأطلسي، إلى أن إسرائيل قد تضطر للاختيار بين خطتين لما بعد الحرب في لبنان. يوضح واريك: "الخطة الأولى تتضمن حملة محدودة لتدمير مواقع حزب الله العسكرية ومخابئ أسلحته جنوب نهر الليطاني، على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. أما الخطة الثانية، فقد تشمل غزوًا بريًا لمعقل حزب الله في وادي البقاع وحملة في المناطق الحضرية بجنوببيروت". هذا الخيار الأخير قد يؤدي إلى إعادة كتابة الترتيبات السياسية في لبنان بشكل جذري، مما يجعل التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في لبنان أكثر تعقيدًا من غزة. مخاوف من انهيار الوحدة الوطنية اغتيال نصر الله قد يكون له تأثير مدمر على الوحدة الوطنية اللبنانية، إذ تشير سارة زعيمي، الزميلة الأولى غير المقيمة لشمال إفريقيا ونائبة مدير الاتصالات في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، إلى تعميق الانقسامات بين اللبنانيين. تقول زعيمي: "هناك انقسام واضح بين من يشعرون بالارتياح لتصفية القائد المعروف باسم 'أبو هادي' ويتهمون الميليشيا باحتجاز البلاد رهينة، وبين أنصار حزب الله الذين ينكرون الأحداث الأخيرة ويتوعدون بالانتقام". هذا الوضع قد يهدد السلام الاجتماعي في لبنان ويشير إلى نهاية محتملة لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا. معضلة استراتيجية وخيارات محدودة يضع اغتيال نصر الله إيران في موقف صعب، حيث يشرح داني سيترينوفيتش، الزميل غير المقيم في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، المعضلة الإيرانية قائلاً: "إيران تواجه خيارًا صعبًا بين رد فعل حاد على إسرائيل، مما قد يؤدي إلى حرب إقليمية، أو عدم الرد، مما سيضر بشدة بشبكة وكلائها المسلحين في محور المقاومة". هذا الوضع قد يدفع إيران لإعادة النظر في استراتيجيتها النووية، خاصة وأن حزب الله كان أداة الردع الرئيسية ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية. بين التصعيد والخيارات العسكرية بعد اغتيال حسن نصر الله، تواجه إسرائيل قرارات حاسمة حول مسار عملياتها في لبنان، إذ انه وفقًا لتوماس س. واريك، الزميل الأول في مشروع مستقبل وزارة الأمن الداخلي بالمجلس الأطلسي، فإن إسرائيل تبدو مصرة على التصعيد في جنوبلبنان. يقول واريك: "إسرائيل ستواجه على الفور خيار شن غزوها البري المخطط له لجنوبلبنان، بهدف تحييد قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ قصيرة المدى على شمال إسرائيل"، ما يشير بوضوح إلى أن الهجوم البري على لبنان لا يزال خيارًا قائمًا أمام قوات الاحتلال الإسرائيلية. يضيف واريك: "هذه الحملة ستهدف إلى تدمير المواقع العسكرية لحزب الله ومخابئ الأسلحة جنوب نهر الليطاني"، ومع ذلك، فإن هذا التصعيد قد لا يقتصر على الجنوباللبناني فقط. في سيناريو أكثر تصعيدًا، يشير واريك إلى احتمال أن تضطر إسرائيل "لتوسيع الحرب أكثر لتحقيق الهزيمة الاستراتيجية لحزب الله"، وهذا قد يتطلب "غزوًا بريًا لمعقل حزب الله في وادي البقاع وحملة من الجو وربما على الأرض في المناطق الحضرية في جنوببيروت". هذه التصريحات تؤكد أن إسرائيل لا تزال تدرس بجدية خيار التصعيد العسكري الشامل، بما في ذلك الهجوم البري على لبنان. ومع ذلك، يحذر واريك من أن "أي خطة ما بعد الحرب - أو الفشل في وجود خطة - ستعيد كتابة الترتيبات السياسية في لبنان بشكل أساسي". من جانبه، يشير داني سيترينوفيتش، الزميل غير المقيم في برامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، إلى أن إسرائيل تبدو وكأنها تستغل "ميزان قوى يميل بوضوح لصالحها"، ما قد يدفعها نحو مزيد من التصعيد، خاصة وأن إيران وحزب الله يبدو أنهما فقدا شهيتهما للحرب، على حد تعبيره. ومع ذلك، يحذر خبراء آخرون من مخاطر التصعيد المفرط، حيث تقول نور دبوسي، المديرة المساعدة في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي: "الآن هو الوقت المناسب للمجتمع الدولي للعمل بإلحاح لضمان تجنب غزو إسرائيلي بري للبنان".