الاجتياح البرى وشيك.. والانسحاب لشمال «الليطانى» يُؤجل المواجهة اختلف تقديرات المحللين الغربيين لتداعيات التصعيد الأخير والخطير على الساحة اللبنانية، مع بدء شرارة عدوان إسرائيلى جديد على ذلك البلد. وقال تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: إن أحداث هذا الأسبوع تمثل قطيعة كبيرة مع القواعد التى لطالما حكمت الاشتباك والمواجهة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية.وبعد حرب مدمرة للغاية فى عام 2006، أمضى قادة حزب الله سنوات فى بناء القدرة العسكرية التى اعتقدوا أنها قد تواجه وربما تردع الهجمات الإسرائيلية. وحتى الأسبوع الماضي، امتنعت إسرائيل عن شن أى هجمات كان قادتها يخشون فى السابق من أن تؤدى إلى ضرباتٍ انتقامية على البنية التحتية الحيوية أو توغلات من قبل قوات الكوماندوز التابعة لحزب الله. ومع ذلك، فإن أحداث الأيام القليلة الماضية تشير إلى أن حزب الله قلل بشكل صارخ من شأن خصمه، حيث اندفعت إسرائيل عبر ما كان يُعتبر غير رسمى خطوطًا حمراء. وفى حين أصدر حزب الله دعواتٍ للانتقام يوم السبت وأطلق وابلًا من الصواريخ على شمال إسرائيل، إلا أنها ردود فعل روتينية. وركز تقرير نشرته صحيفة «تليجراف» البريطانية عن أسباب عدم تفعيل حزب الله كامل ترسانته العسكرية بمواجهة إسرائيل اليوم. وقالت الصحيفة : إن رد الحزب على الاستفزاز الإسرائيلى كان فاترًا إلى حد ما حتى الآن. فقد حذر زعيم الحزب حسن نصر الله، إسرائيل مراراً وتكراراً من أن أى غارات جوية على معاقله فى جنوببيروت ستقابل بوابلٍ من الضربات الصاروخية على تل أبيب، لكن القيادة مع ذلك مترددة فى تصعيد الصراع. وفسر التقرير ذلك بأنه ربما تسعى إيران لكبح جماح الحزب خوفاً من أن يجر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الولاياتالمتحدة إلى المعركة. ورغم شدة القصف الإسرائيلى الأخير، لم يستهدف الحزب عمدًا المراكز السكانية الإسرائيلية كما لم ينشر أسلحته الأكثر تطوراً. وقال تقرير تليجراف: إن إيران تعمل على كبح جماح الحزب، لأنها تنظر إليه باعتباره بوليصة تأمين لها إذا هاجمت إسرائيل برنامجها النووى وأنه كلما زاد عدد الصواريخ التى يطلقها حزب الله تآكلت قوة الردع الإيرانية، كما أن إضعاف إسرائيل من خلال مواجهة استنزافية طويلة الأمد يبدو أنها الإستراتيجية التى يفضلها حزب الله.وفى سياقٍ متصل، قال تحليل لقناة «ايه بى سي» الأمريكية : إن الهجوم الإسرائيلى المميت على لبنان يُظهر أن صواريخ حزب الله لم تردع إسرائيل. ونقل التحليل عن «مهند حاج علي» الباحث البارز بمركز كارنيجى للشرق الأوسط أن حزب الله تصور أنه قادر على احتواء صراعه مع إسرائيل. وقال زعيمه حسن نصر الله فى نوفمبرالماضي: إن هجمات الحزب قد أثارت الذعر، فضلاً عن الخوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً، بين إسرائيل وأمريكا. وكان نصر الله محقاً فى أن إسرائيل، والولاياتالمتحدة على وجه الخصوص، تخشيان اندلاع حرب إقليمية قد تجر إيران إلى القتال. لكن الوقت أثبت خطأه الفادح فيما يتصل بالردع. والآن، تُظهر الضربات الإسرائيلية الضخمة فى القرى اللبنانية أنها مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك. وأضاف «علي»: أن إسرائيل لم تتقبل طرح حزب الله ونصيحة الأمريكيين- بأن الطريقة الوحيدة لوقف هجمات الجماعة هى التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع حماس فى غزة. والآن، إذا تخلى حزب الله عن مساندة غزة كما قرر سابقاً، فسيمثل ذلك «هزيمة تاريخية»، ويوجه ضربة مدمرة لمصداقية الجماعة وصورتها الإقليمية أكثر من الضربة التى وجهتها لها ثغراتها الأمنية». أما المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث أمريكى مرموق، فقد رأى أن حملة التخريب التى شنتها إسرائيل، والضربات الاستباقية، والغارات الجوية ضد منصات إطلاق الصواريخ ومستودعات التخزين، قد فاجأت حزب الله. وقُوبل ذلك برد متواضع. وفسر ذلك بسبب قتل أو جرح العديد من كبار القادة فى الجماعة الأسبوع الماضي. وقال المجلس: إن ما سيأتى بعد ذلك يعتمد على حزب الله. فإذا رفض حزب الله التحرك شمال نهر الليطاني، فقد تضطر إسرائيل إلى شن غزو برى فى جنوبلبنان لطرد حزب الله. وفى حين أن هذا من شأنه أن يشكل توسعًا عسكريًا كبيرًا لحكومة نتنياهو، إلا أنه يبدو أن هناك دعمًا سياسيًا فى تل أبيب واسع النطاق. وقد يشمل الغزو البرى اجتياحاً للمنطقة من قِبَل وحدات مدرعة ومدفعية ومشاة وقوات خاصة.