قبل أن يغادر بلينكن المنطقة، خرج نتانياهو بتصريحات يؤكد فيها رفضه للمقترح الأمريكى الأخير وتمسكه ببقاء القوات الإسرائيلية فى محور فيلادلفيا، الأمر الذى دعا بلينكن لأن يلتقى بالصحفيين فى مطار الدوحة ليقول إن نتانياهو أكد له موافقته صراحة على المقترح الأمريكى ! وقد فسر إعلاميًا تراجع نتانياهو هذا بأنه جاء بتحريض من ترامب الذى يخشى أن تستفيد هاريس انتخابيًا من اتفاق الهدنة فى غزة، خاصة أن نتانياهو يراهن على فوز ترامب الذى وعد بزيادة مساحة إسرائيل بعد أن لاحظ صغر مساحتها على الخريطة ! وهنا قد لا تكون هناك مفاجأة فى الأمر.. لكن المفاجأة تكمن فى أنه فى الوقت الذى يتردد فيه أن ترامب حرض نتانياهو على إفساد جهود بايدن للتوصل لاتفاق هدنة فى غزة تردد أيضا إعلاميا أن ترامب يقف وراء المظاهرات التى تجمعت أمام مؤتمر الحزب الديمقراطى فى شيكاغو احتجاجا على دعم الإدارة الأمريكية الديمقراطية لإسرائيل وعدم ممارسة ضغوط كافية عليها للقبول بوقف حرب غزة ! أى أن ترامب فى وقت واحد يفعل الشىء وعكسه ليكسب الانتخابات المقبلة ويفوز على هاريس التى تقدمت عليه فى استطلاعات الرأى.. يحرض نتانياهو على عدم قبول اتفاق الهدنة، ويحرض متظاهرى شيكاغو على مطالبة إدارة بايدن بالضغط على نتانياهو لوقف الحرب ! وفى المقابل فإن مرشحة الديمقراطيين هاريس فى الوقت الذى تقدم نفسها باعتبارها صوت البسطاء والفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة فإنها تمكنت فى غضون الأيام الماضية من جمع تبرعات لحملتها من الأغنياء تجاوزت نصف مليار دولار، كما تمكنت من استقطاب شخصيات بارزة من الحزب الجمهورى لتأييدها، وهو حزب الأغنياء ! وهكذا هى السياسة كما تعرفها أمريكا ويمارسها الساسة الأمريكان... سياسة فيها الشىء وعكسه تحت راية المبادئ والقيم والمثل العليا!