هو دقى يا مزيكا عدت من العمل لأجد ملامح فرح قد بدت واضحة فى شارعنا من بعيد.اقتربت أكثر فتأكدت من وجود زينات وميكروفون يصدح بأغانى راقصة، وكلما اقتربت أكثر وجدت صيحات البهجة والسعادة تنطلق من عمارتنا، فقلت فى نفسى لعلها تكون عروسة من بنات العمارة قد تقدم لها عريس أو ربما شابة تخرجت من جامعتها أو طالب ثانوية عامة انتهى من امتحاناته. الغريب أنه كلما اقتربت من شقتى علت أصوات الفرحة والبهجة.كان باب الشقة مفتوحاً والشقة مزدحمة بالجيران ولمحت زوجتى توزع جاتوه وشربات وحاجة ساقعة.أيقنت لحظتها أن وراء الأمر مفاجأة سارة وأن زوجتى أرادت أن تفاجئنى بها بعد أن سمعتنى أكثر من مرة افضفض معاها قائلاً:- الواحد من زمان ماسمعش خبر حلو. المهم أنى اندمجت فى الاحتفالات وبما أنى ليس عندنا طالبة تخرجت ولا شاب فى الثانوية العامة فقد أيقنت أن الموضوع فيه حتماً ولا بد عريس لواحدة من البنات وان تلك هى المفاجأة السعيدة.لذا أخذت أرحب بهم جميعاً معبراً عن امتنانى لحضورهم وتشريفهم لنا مع تمنياتى لهم بأن نرد لهم هذه الزيارة قريباً فى الأفراح. وهم يباركون لى مجدداً مؤكدين أنهم سينتظرون شهر نوفمبر على أحر من الجمر حيث الاحتفالية الكبري!!. اندهشت من كل تلك المعلومات التى يعرفها الجيران عن موعد فرح بنتى قبل أن أعرفه أنا شخصياً،لكن قلت ربما تكون زوجتى أرادت أن تعفينى من كل تلك التفاصيل وأنها ربما أنهت الاتفاقات كلها وحتماً ستخبرنا بالتفاصيل بعد أن ينصرف الضيوف الذين لاحظت أن بعضهم يردد كلمات غريبة عن وعودهم بالاحتفال فى شقتنا عقب الفوز بالمعركة فى نوفمبر المقبل، لكنى قلت لنفسى ربما أنهم يبالغون فى وصف الزواج بالمعركة مع كثرة المصاريف والذى منه. لم أطق صبراً مع انصراف آخر ضيف وقلت لزوجتي: ها فرحينى وهات ماعندك ففوجئت بها تقول ألم تعرف أن جو بايدن قد انسحب من انتخابات الرئاسة الأمريكية؟ سألتها مندهشاً عن علاقة بايدن بعريس بنتى أم تقصدين أن العريس أمريكاني؟! فقالت: هو حد جاب ياراجل سيرة عريس.الفرح ده كله لأن انسحاب بايدن معناه فوز سهل لترامب!! وهنا اسقط فى يدى وأدركت أن زوجتى أقامت كل هذا الاحتفال ابتهاجاً بترامب. أُصبت بدوران وكدت أقع على الأرض وفقدت النطق مثل حالة الريس عبد الواحد الجناينى فى فيلم رد قلبى عندما طلب له الباشا مستشفى المجانين عقاباً له على طلب إيد إنجى لإبنه على ياويكا.ومع ذلك فوجئت بزوجتى تمد يدها قائلة: قبل ما تسورق إيدك على خمستلاف جنيه تكاليف الحفلة!. هى سر الحفلة بمجرد تنحى بايدن عن سباق الرئاسة وترشيحه لنائبته كامالا هاريس لتحل محله فى السباق الإنتخابى وجدت زوجى قد كتب على الفيس بوك بوست من كلمتين يقول فيه: إهرسيهم ياهاريس.كنت أدرك أنه أراد بهذا البوست أن يغيظنى ومما أكد لى ذلك لم يكتف بذلك بل فوجئت به يعمل لى «تاج « على البوست! طبعاً بصراحة اشتطت غضباً من البوست ومن تعمده حرق دمي،فكرت لأول وهلة ومن غيظى الشديد أن أعمل له بلوك على الفيس بوك حتى لا أرى مثل تلك البوستات المثيرة لأعصابي،لكنى تراجعت قائلة لنفسى أن عدم تبليك زوجى على الفيس بوك يضمن لى مراقبته على مدار الساعة.فقد أثبتت التجارب أنه يمكن من خلال بوستات الرجل معرفة فيما يفكر خاصة فى النواحى الاجتماعية،هل ينوى مثلا التخلص من زوجته أم عياله بالطلاق أو أضعف الإيمان أنه ينتوى الزواج بأخرى أو أنه بيلعب بديله من عدمه!. لذا صرفت النظر عن فكرة تبليكه وفكرت فى إلغاء التاج لكنى أيضاً تراجعت حيث أن وجودى فى التاج يضمن لى أن يصلنى كل الإشعارات كلما تلقى زوجى أى رد فعل على البوست،وهنا يمكن حصر من يتفاعل معه خاصة من الجنس الناعم لاتخاذ أى إجراءات وقائية حتى لا تخطفه غيري.هذه قهرة لا أحتملها ومع إنى على ثقة بأن زوجى لم يعد شاباً مثلاً ليكون جاذباً للنساء لكنى متأكدة أيضاً أن هناك نوعاً من النساء هوايتهم الإيقاع بالرجال كبار السن بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية . وقد قالها الحكماء زمان الوقاية خير من العلاج وأن تراقبى زوجك لحمايته من الزواج باخرى أفضل بكثير من الجلوس سلبية حتى تقع الفأس فى الرأس. اشتد غيظى فعلقت على بوست اهرسيهم ياهاريس وكتبت : ولا مليون هاريس تفرق معانا.ترامب هو رئيس أمريكا القادم فإذا به يعقب على تعليقى قائلاً:أنا مش عارف إيه اللى عاجبك فى ترامب الراديكالى ده اللى كل همه يدلع الأغنياء ويدوس على الفقراء ويطرد كل المهاجرين؟!.بحثت فى جوجل بسرعة فعرفت أن الراديكالى معناها تقريبا اليسارى المتطرف،فقلت له إذا كان ترامب راديكالى فهاريس بتاعتك هى أم الراديكالية وبايدن أبوها كمان! ومتنساش إن كامالا فشلت فى ملف الهجرة اللى كلفها بيه بايدن وأنها هى وحزبها لهم شطحات فى قضايا العلاقات غير السوية وبيعترفوا بيها وكمان بحق الإجهاض وأنها لو نجحت هتسود عيشة أمريكا؟! فوجدته بيستظرف وبيقولى فى تعليق على تعليقى وقدام الناس كلها: واضح إن ترامب أثر على قواكى العقلية وخلاكى مش دارية بتقولى إيه،وكان أقل رد فعل لكرامتى إنى أفاجئه بحفلة بمناسبة اعلان بايدن انسحابه اللى باعتبره اعلان لفوز ترامب!