ارتفعت أسعار البطاطس في الأسواق بشكل ملحوظ ولا تزال فى زيادة مستمرة، فمتى تنتهى هذه الأزمة، وقبل ذلك ما هى الأسباب التى أدت إلى جنون البطاطس وهذا الارتفاع غير المسبوق فى أسعارها؟.. التقرير التالى يحاول الإجابة عن هذا السؤال. الدكتور محمود سامي، الأستاذ بمعهد بحوث البساتين، يقول إن «العروة الصيفية» تبدأ زراعتها خلال شهرى ديسمبر ويناير من كل عام، ويتم استيراد التقاوى الخاصة بها من دول أوروبا، والحصاد سيكون فى أبريل ومايو، ويتم استخدام محصول هذه «العروة» فى ثلاثة استخدامات هى الاستهلاك المحلى سواء كان استهلاكًا مباشرًا أو تخزينًا للاستهلاك فى الفترة من يونيو إلى نوفمبر، ثم التصدير. أما تقاوى الكسر فيتم تخزينها وزراعتها فى العروة الشتوية. ◄ العروة الشتوية أما «العروة الشتوية» فيتم الحصول على تقاويها من العروة الصيفية السابقة، وتكون الزراعة فى سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، والحصاد فى ديسمبر ويناير وفبراير ومارس، ومحصول العروتين الصيفية والشتوية يغطى كل احتياحات السوق المحلية طوال العام، بخلاف تصدير كمية فى حدود مليون طن سنويًا. ويوضح سامي: طبقًا للاشترطات المصرية لاستيراد تقاوى البطاطس، فإن حجم الدرنات لا بُد أن يكون بين مقاس 28 و55 مم، ويجب أن يكون ميعاد وصول الشحنات لأى ميناء مصرى بحد أقصى يوم 5 يناير من كل عام، وتقبل التقاوى من رتبة S, SE, E ولا بد ألا تقل الرتبة عن E وبالنظر لكل هذه الشروط فإنه يتم توافرها فى كل عام إلا عام 2023 لم تتوافر بسبب التغيرات المناخية التى أثرت فى أكثر الدول الأوروبية المنتجة للبطاطس ومنها «التقاوى»، فكانت النتيجة انخفاض الإنتاج، بالتالى الانخفاض فى كمية التقاوى الموجودة. يتابع: ينتج عمّا سبق ارتفاع فى الأسعار مع قلة المعروض، وهطول الأمطار الغزيرة أيضا فى شهري سبتمبر وأكتوبر أدى لتأخير حصاد جزء كبير من المساحات، وقد أثر ذلك فى القدرة على فرز التقاوى وفحصها وتجهيزها والشحن ثم وصول الشحنة للموانئ المصرية قبل آخر ميعاد، وكانت النتيجة فى النهاية أن التقاوى التى تم استيرادها للموسم الصيفى عام 2024 كانت تقريبًا 80% من كمية التقاوى التى يتم استيرادها فى المتوسط، وهو ما أدى للأزمة الحالية. ◄ اقرأ أيضًا | «الإحصاء»: اليونان تحتل المركز الأول في استيراد البطاطس من مصر ◄ احتكار التجار فيما يقول حاتم النجيب، رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة: إن احتكار التجار للمحصول من أهم أسباب ارتفاع أسعار البطاطس فى الأسواق، ويجب على الجهات المختصة مراقبة الأسواق ومتابعتها بشكل يومى لعمل نوالات وثلاجات التخزين، منعًا لاحتكار بعض التجار لمخزون البطاطس، والذى ينتج عنه ارتفاع فى الأسعار، كذلك فإن ارتفاع أسعار البطاطس يعود إلى نقص التقاوى هذا العام وبالتالى انخفاض المساحات المزروعة، وتواصلت الشعبة مع مسئولى وزارة الزراعة وخاطبت الوزارة منذ نوفمبر الماضى، بشأن مشكلة نقص التقاوى، والكميات المستوردة من التقاوى هذا العام كانت أقل من المعتاد، بالتالى انخفاض المساحات المزروعة، ومع نهاية يونيو دخلت كل البطاطس الثلاجات، وسبق أن حذرنا من قلة المعروض، ووجود فجوة فى المعروض وبعض التخزين. والفجوة الحالية ستستمر لمدة 5 أشهر حتى موسم الحصاد الشتوى فى نوفمبر المقبل، والمخزون الحالى يكفى لكن زيادة التصدير ستؤدى لمشكلة كبيرة فى السوق المحلية، من ثم ارتفاع الأسعار، وكميات البطاطس الحالية فى يد بعض كبار المنتجين والمصدرين وليست فى يد الفلاح. ◄ التغيرات المناخية فيما يقول اللواء أشرف الشرقاوي، رئيس الاتحاد العام لمنتجى ومصدرى الحاصلات البستانية: إن التغيرات المناخية أثرت فى جميع دول العالم، ففى أوروبا التى تعتبر أكبر مورد لمصر لتقاوى البطاطس أدت التغيرات إلى تراجع نسب الإنتاج، بالتالى تراجع النسب التصديرية لمصر من تقاوى البطاطس بنسبة 30% حيث كان يتم استيراد فى حدود 130 ل 140 ألف طن وبعد التراجع وصل هذا العام 116 ألف طن فقط.. وقد قام الاتحاد باتخاذ بعض الإجراءات لتقليل الفاتورة الاستيرادية من بذور التقاوى، حيث ساهم الاتحاد فى مشروع التحالف العربى لإنتاج «المينى تيوبر» من خلال تكنولوجيا زراعة الأنسجة النباتية لإنتاج درنات البطاطس بالتعاون مع 6 شركات مصرية وبتكلفة مليار جنيه، لتقليل 30% من الفاتورة الاستيرادية. ■ د. علاء فاروق ◄ مشكلة عالمية من جانبه، يقول علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى: هناك مشكلة عالمية فى البطاطس هذا العام، فارتفاع أسعارها كان على مستوى العالم وليس مصر فقط، كما أن الارتفاع الحالى فى أسعار بعض الخضراوات ليس بسبب نقص المعروض بل يعود لانتهاء موسم تخزين لتلك المحاصيل، والأسعار ستعود إلى معدلاتها الطبيعية مع بداية العروة الجديدة من البطاطس فى نوفمبر المقبل، بالتالى ستشهد أسعارها انخفاضًا تدريجيًا، وأسعار البطاطس حاليًا مناسبة مقارنة بأسعار كثير من السلع الأساسية، وبالفعل لدينا مخزون استراتيجى من البطاطس يكفى احتياجات الأسواق، لحين نضوج المحصول، وحينها سيشعر المواطن بانخفاض أسعارها، وبالمناسبة فإن عملية تصدير الحاصلات الزراعية تتم تدريجيا وفقا لطلبات السوق المحلية والعالمية.