للمرة الثالثة.. محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات تنسيق القبول    وزير الداخلية يجتمع مع نظيره السعودي لبحث التعاون المشترك    «كونتكت» و«بساطة» تتعاونان لتقديم حلول دفع مبتكرة وتحسين تجربة العملاء في مصر    ترامب: سأسجن كل من مارس الغش في الانتخابات    رسميا.. بيراميدز يعلن التعاقد مع طارق علاء    ميدو: يجب تثقيف لاعبي الكرة قبل الدخول في مجال الإعلام    "الصفقات مش كيلو موز" .. 10 تصريحات مثيرة لرئيس لجنة التخطيط السابق بالأهلي    انقلاب سيارة ميكروباص دون إصابات على طريق الفيوم الصحراوي    احذر.. تهديد أصدقائك وتخويفهم يعرضك لعقوبات صارمة وفقًا للقانون    تأجيل محاكمة المتهمين بخلية العمرانية    وزير الخارجية يزور جامع الشيخ زايد الكبير    حماس: كل ما نشر من إشاعات لم يدفع محمد الضيف إلى الوراء    اشتروا دلوقتي.. "الغرف التجارية" توجه رسالة مهمة للمواطنين بشأن أسعار السيارات    معهد فلسطين للأمن القومي: نتنياهو ما زال يضع العصي في دواليب المفاوضات بشأن غزة    إصابة 4 في مشاجرة بكفرالشيخ للخلاف على قطعة أرض    3 أفلام عربية تشارك في مهرجان تورنتو بدعم من مؤسسة البحر الأحمر السينمائي    مكتبة الإسكندرية تستقبل سفير الفلبين بالقاهرة    ثروت البحر ينعى حلمي التوني: قدم الكثير للصحافة وتصميم الأغلفة    عالم بالأوقاف: الاحتفال بالمولد النبوي يعكس محبتنا وتقديرنا لرسالته (فيديو)    أمين الفتوى يوضح حكم منع المرأة نفسها عن زوجها المدخن (فيديو)    اليونيسيف: تطعيم نحو 70% من أطفال غزة ضد شلل الأطفال حتى الآن    شبانة: تصريحات محسن صالح تكشف عن "أزمة تواصل" بين كولر والتخطيط    برلماني: إقامة مشروعات تتخطى المليار دولار ب«اقتصادية قناة السويس» يساعد على توطين الصناعة    عاجل| السيسي يُصدر توجيها جديدا لوزير الاستثمار    اللجنة الثقافية بالصحفيين تنظم ندوات حول مشكلات أمراض الكبد وأسطورة ديليسبس الكاذبة، الأربعاء    إعلام إسرائيلي: صفارات الإنذار تدوي في عدد من مستوطنات الجليل الغربي    أول تعليق من إسعاد يونس بعد تكريمها بحفل "دير جيست" ونجوم الفن يعلقون    مفتي الجمهورية: الإفتاء قطعت شوطًا كبيرًا في مجال التحول الرقْمي    ب5000 جنيه.. قسط أرخص سيارة أوتوماتيك في مصر    الألعاب البارالمبية.. نادية فكري تفوز بالبرونزية وتعود لمنصات التتويج بعد 16 عامًا    يسري جبر: من يصلي الفرض في وقته يستظل بعرش الرحمن يوم القيامة    محافظة الجيزة تفتح شارع الجمهورية بالهرم بعد رفع التعديات والإشغالات    صحة أسيوط تشارك بالبرنامج التدريبي عن أساسيات الأمان الحيوي في المعامل الطبية    5 فوائد لتناول اللوز.. تعرف عليها    خبير طرق: ضرورة الاستفادة من موقع مصر الجغرافي في تطوير المواني البحرية    «التضامن» تواصل فعاليات حملة «هنوصلك» لإصدار بطاقة الخدمات المتكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة    ترقية 25 عضواً بهيئة التدريس وتعيين 34 مدرساً بجامعة طنطا    القوات المسلحة تنظم برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم    «أغلى من الدروس الخصوصية».. سؤال برلماني بشأن أسعار مجموعات التقوية: الحصة ب100 جنيه    رئيس هيئة قضايا الدولة لوفد «الوطنية للانتخابات» : ملتزمون بتحقيق العدالة الناجزة وحماية المال العام    5 قنوات مفتوحة تنقل مباراة اسبانيا ضد سويسرا اليوم الأحد.. ثبتها الآن بالمجان    الأونروا تطالب بتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار في غزة    «الوزير» يترأس وفدا رفيعا إلى بغداد لبحث المشاركة المصرية في مشروعات البنية التحتية بالعراق    «الصحة» تكشف أهمية العلاج الطبيعى في الحفاظ على صحة الجسم    الخرف الرقمي يهدد أطفالنا.. تحذير من تأثير التكنولوجيا على المخ    معهد إعداد القادة واتحاد الجامعات العربية ينظمان برنامجًا تدريبيًا حول إعداد قادة الذكاء الاصطناعي    تساؤل برلماني.. لماذا لم يدرج فاقدي العين الواحدة في قانون ذوي الإعاقة؟    بعد الهبوط الأخير للطن.. سعر الحديد اليوم الأحد 8 سبتمبر 2024 للمستهلك    مسئولو " الإسكان " يتفقدون سير العمل بمنظومة مياه الشرب والصرف الصحي بمدينة السادات    «الداخلية» تواصل حملاتها بضبط 12321 قضية سرقة تيار كهربائي    رئيس الكتلة البرلمانية لحزب (قوة يهودية) الذي يتزعمه بن غفير يقتحم المسجد الأقصى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 8-9-2024    كيفية معرفة وقت تذكرة المترو.. تجنب الغرامة الفورية لهذه الأفعال    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. وفرص لسقوط الأمطار على بعض المناطق    بدء عمية فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية بالجزائر    إبراهيم سعيد: "أوضة لبس" منتخب مصر في خطر    عامر حسين يكشف عن كواليس حريق ستاد الإسكندرية    داعية يفجر مفاجأة عن سبب وفاة عريس الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاط التقاء العلم بالأدب والفن
عصر الرقمنة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 29 - 07 - 2024


محمد سليم شوشة
بعض الفنون كانت تدريبًا على محاكاة الطبيعة وأصواتها، ومحاولة إعادة إنتاجها بصورة جمالية، وتحديدًا لعلاقة الإنسان بالطبيعة وعناصرها.
ليس صحيحاً أن هناك تعارضاً أو تبايناً واختلافاً بين العلم من جانب والإبداع الأدبى والفنى من جانب آخر، فالصحيح أن الالتحام التام بينهما هو الأمر الجوهرى والأصيل والراسخ منذ فجر الحضارة الإنسانية. الصحيح أنهما فى حال من الامتزاج والتداخل والتقاطع الذى لا يمكن تخيله، لدرجة أن الاثنين فى الأصل شيء واحد.
قد نتصور فى فترات الضعف والسذاجة الفكرية أن هناك تمايزاً بين العلم والأدب والفنون، وأن هناك اختلافات أساسية بينهما، لكن بالعودة إلى منابع الحضارات الإنسانية القديمة وفجر التاريخ، سنجد أن العلم والمعرفة من جانب والإبداع الأدبى والفنى من جانب آخر، ينحدران من الأصول الإنسانية نفسها، من المنابع والمقاصد الإنسانية ذاتها، فالرغبة فى تنظيم الحياة الزراعية مثلاً فى مصر القديمة والرغبة فى إقرار نظم ثابتة وعادلة لتوزيع المياه بين المزارعين، وتقليل الصراع بينهم، وكذلك تنظيم سلوكيات المصريين فى الأمور المعيشية، دفعت إلى تأليف وإبداع سرديات وقصص وأساطير وحكايات فى غاية الدهشة والجمال، إلى حد أن كثيراً منها تحول إلى مقدس، برغم كونها من ابتكار الخيال الإنساني، وبرغم أنها بدأت بوصفها قصصاً.
فيمكن القول بأن الأدب والخيال والسرديات القديمة، والحكايات الأسطورية، نظمت حياة البشر فى مصر القديمة، ونظمت سلوكهم، ودفعت إلى مزيد من الإنتاج، ودعمت استقرار الدولة، فقد أسهم الإبداع الأدبى والخيال القصصى والسردى للإنسان المصرى القديم فى ابتداع طقوس حياتية عظيمة، أخذت صفة التقديس، بعضها يرتبط بالحصاد ومواسم الزراعة وتغير فصول العام، وأمور الزراعة عموماً، وبعضها الآخر يتصل بالصناعة مثل الخزف وتشكيل المعادن، وبعضها يرتبط بطقوس الزواج والحياة الاجتماعية.
لم تكن قصص الإنسان المصرى القديمة منفصلة عن الحياة أو منفصلة عن الممارسات والسلوكيات العملية، بل كلها كانت تكريساً لقيم الإنتاج وتوزيع الإنتاج أو استهلاكه وترسيخ القيم الإنسانية. بعض القصص والحكايات مثلاً كانت عن النهر كما هو ذائع ومعروف، وبعضها ارتبط بالحيوانات والطبيعة أو البيئة والإطار الذى يعيشون فيه، أى كانت تحاول هذه السرديات والقصص تنظيم علاقة الإنسان بما حوله من عناصر الطبيعة والبيئة. بعضها كانت ترسخ لقيم البطولة والولاء والانتماء، وتحض على الانتصار للحق، أو لقيم العدل والحق والخير والجمال.
الأمر بالنسبة للفنون كان فى الإطار ذاته، فنجد أن فنوناً مثل الرقص أو الألعاب الحركية، سواء للرجال أو النساء، كانت فى أوقات معينة، إما قبل الزواج كنوع من التهيئة النفسية للقاء الرجل بالمرأة، وهو أمر كان مقدساً، ويعنى لديهم استمرار الحياة، ويعنى الخصوبة والإنجاب والامتداد وإكمال دورة الحياة، وبعضها كان مرتبطاً بأوقات الراحة من العمل، أو يبدو أقرب إلى ممارسة علاجية لمتاعب الجسد بعد أيام من الشقاء والعمل فى الزراعة أو الصيد أو البناء أو غيرها من الأمور الحياتية، وهكذا نجد أنه كان رقصاً علاجياً، أو يمكن رده إلى نوع من العلاج الطبيعى المرتبط بتمديد العضلات، وتنشيط الدورة الدموية، والتخلص من الطاقة السلبية.
بعض الفنون الأخرى مثل الموسيقى والغناء، كانت تدريباً على محاكاة الطبيعة وأصواتها، ومحاولة إعادة إنتاجها بصورة جمالية، وتحديداً لعلاقة الإنسان بالطبيعة وعناصرها، ومحاولة دمج الإنسان فيها أو جعل علاقته بالطبيعة علاقة حب والتحام وتناغم. وهكذا فإن الفنون إجمالاً لم تكن مجرد أشياء نظرية تدور فى مجال من الفراغ أو العدمية، بل كانت نابعة من الإنسان واحتياجاته، ومن إطاره ومحيطه وبيئته.
وهكذا، فإن الفنون والآداب كانت ذات طابع عملى وذات تأثير مباشر على السلوك، والأهم أنها كانت تتنامى بشكل علمي، أى أن الفنون والآداب كانت هى وعاء العلم أو الأداة التى ترسخ المفاهيم العلمية فى المجتمع، وكانت بعض القيم والمعارف لا يمكن ترسيخها فى المجتمع إلا عبر القصص والحكايات؛ فهذه القصص كانت تمثل البيان الإعلامى والمؤسسات التعليمية، ولكن بصورة جمالية، أى تدمج بين العلم والجمال والتذوق عبر وسيلة أو ممارسة واحدة.
وخلاصة هذا أن الحضارات التى تميز بصرامة بين الفنون والآداب من جانب، والعلم من جانب آخر، هى بالأساس حضارات ضعيفة، أو بدأ الضعف يدبّ فيها، ويجب أن تتنبه لهذا، ولا تميز فى أنظمتها التعليمية بصرامة بين الأدبى والعلمي، فهذا خطأ كبير جداً، وبخاصة فى المراحل الأولى للتعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.