بلغ سباق البيت الأبيض ذروة الإثارة مع محاولة اغتيال الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب التى فاقمت حالة الارتباك المهيمنة على المشهد السياسى بالولاياتالمتحدة وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى العنف السياسى. ورغم خطورة الحادث الذى يهدد الديمقراطية حسب تعبير الكثير من السياسيين الأمريكيين، فإن إطلاق النار على ترامب قبل يومين من حصوله رسميًا على ترشيح الحزب الجمهورى لانتخابات الرئاسة المقررة نوفمبر المقبل يأتى بمثابة دفعة قوية له. اقرأ أيضًا | فى أزمات المنطقة... اسأل عن إسرائيل وبعقلية رجل الأعمال الذى لا يقبل الخسارة، خرج ترامب منتصرًا من محاولة الاغتيال التى عَظَّمت مكاسب الرئيس السابق الذى يتقدم بالفعل فى استطلاعات الرأى على مدار الأشهر الماضية، ووفقًا لمتوسط الاستطلاعات الذى نشرته مجلة «إيكونوميست» أمس، فإن نسبة دعم ترامب تصل إلى 46% مقابل 44% للرئيس جو بايدن، ومن المُرجح أن تتزايد هذه الأرقام خلال الأيام القادمة مع احتمال أن يحصل ترامب على دعم الكثير من المستقلين بعد محاولة الاغتيال التى ستمنحه المزيد من التعاطف. وعلى الفور تحولت صورة ترامب والدماء تغطى أذنه ووجهه فى حين يرفع قبضته وخلفه العلم وحوله عناصر الخدمة السرية إلى لقطة أيقونية أدخلت الرئيس الأمريكى التاريخ، ومن المرجح أن تصبح هذه اللقطة هى الصورة الرئيسية للحملة الانتخابية وربما لمسيرة ترامب السياسية بأكملها وفقًا لمجلة «بوليتكيو» الأمريكية التى نقلت عن مايك ميرفي، الخبير الاستراتيجى قوله إن «القبضة المرفوعة ستصبح الرمز الأيقوني» لمؤتمر الحزب الجمهورى الذى ينطلق اليوم. وسارع أعضاء الكونجرس الجمهوريون إلى استخدام الصورة الأيقونية التى نشرها دونالد ترامب جونيور نجل الرئيس السابق على الإنترنت مدفوعًا بشعور من الانتصار وليس الصدمة، حيث كتب: «لن يتوقف أبدًا عن القتال من أجل إنقاذ أمريكا». وبعد أشهر من الاجتماعات والأنباء عن دعمه لترامب، جاءت محاولة الاغتيال لتحسم موقف الملياردير وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك الذى أعلن صراحةً تأييده للرئيس خلال الانتخابات المقبلة. وبعدما منحته «لحظة من الوحدة»، ستؤدى محاولة الاغتيال إلى «احتشاد الأمة» خلف ترامب حتى إنها قد تدفعه إلى «النصر الكامل» فى الانتخابات الرئاسية وفقًا لتوقعات الخبير الاستراتيجى الجمهورى جون توماس، وفى تصريحات لمجلة «نيوزويك» الأمريكية، أشاد توماس برد فعل الرئيس قائلًا: «فى حين يسعى معظم الناس إلى الاختباء والاحتماء، نهض ترامب على الفور وضرب قبضته ورَدَّد (قاتلوا، قاتلوا، قاتلوا)، لأنه أدرك أن حجم اللحظة كان أكبر منه»، وهذه الصورة هى ما يسعى الجمهوريون لغرسه فى عقول الأمريكيين مقارنةً ببايدن الذى يواجه اتهامات بالضعف وانتقادات حول عمره المتقدم ولياقته العقلية والبدنية مما يفرض ضغوطًا متزايدة عليه للانسحاب من السباق الرئاسى خاصة بعد أدائه الكارثى فى المناظرة. وتلقى بايدن والديمقراطيون القدر الأكبر من اتهامات الجمهوريين فى إطار نظرية المؤامرة التى يرددها أنصار ترامب الذين اعتبروا محاولة الاغتيال حلقة جديدة فى استهدافه، وألقى السيناتور الجمهورى جى دى فانس بالمسئولية على حملة بايدن التى «ارتكزت على فرضية أن ترامب فاشى استبدادى يجب إيقافه بأى ثمن»، معتبرًا أن هذا الخطاب هو ما أدى مباشرة إلى محاولة اغتيال ترامب. لكن الديمقراطيين حاولوا تنحية الخلافات الحزبية، وأدان كبار قيادات الحزب محاولة الاغتيال وأصدروا بيانات تعاطف وصلوات من أجل ترامب، وربما يكون هذا التحول الجذرى فى النقاش السياسى فى الولاياتالمتحدة واحدًا من مكاسب ترامب من الحادث الذى أدى إلى إسكات الهجمات السياسية الديمقراطية ضد عدوهم اللدود.