البعد عن تقليد «البدء من الصفر» واستكمال المشروعات الثقافية التي جرى بدء العمل فيها، دعم الهوية المصرية، حل مشكلة النشر القومي، دعم قطاع الترجمة، الاهتمام بصناعة السينما.. أهم المطالب التي يقدمها جموع المثقفين للفنان د. أحمد هنو وزير الثقافة الجديد عقب أداء اليمين الدستورية أمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية. ينتظر جموع المثقفين من الحكومة الجديدة ممثلة في وزارة الثقافة، إحداث نقلة سريعة، وملموسة لكل المناحى فى حياتنا الثقافية، رصدت «الأخبار» فى التقرير التالى بعض المطالب التى يأمل المفكرون والأدباء أن تتبناها الوزارة الجديدة. فى البداية يقول الناقد الكبير د.حسين حمودة: من الأولويات المهمة فى هذه الفترة مواصلة استكمال المشروعات الثقافية التى كانت قد بدأت، وقطعت خطوات، وتقديم الخدمات الثقافية للأطراف المصرية، فى سيناء، وفى الصعيد، وفى الصحراء الغربية.. بحيث نبتعد عن تقليد «البدء من الصفر»، وهو التقليد الذى ينتهجه بعض المسئولين الذين يسعون لتأكيد تميز فترة توليهم المسئولية خلال الاختلاف مع السابقين، أيضا من هذه الأولويات ضرورة الاهتمام بالاستراتيجية الثقافية، أو بالخطة بعيدة المدى للنهوض بالثقافة المصرية، ويمكن الاستعانة بالأفكار، والتصورات التى بلورها المثقفون المصريون فى هذا الاتجاه، وهى متاحة بوزارة الثقافة. كذلك هناك الملفات المرتبطة بموضوعات بعينها يجب الاهتمام بها: مثل حل مشكلات النشر القومى، النهوض بصناعة السينما، تنشيط فعالية الأعداد الكبيرة من الموظفين فى بعض الهيئات الثقافية المصرية بحيث يمكن الإفادة من جهودهم، السعى إلى تقديم دعم أكبر لقطاع الترجمة من العربية وإليها، بحيث يجرى تغطية النقص الواضح فى هذا الاتجاه، البحث عن مزيد من سبل التعاون بين وزارة الثقافة المصرية، وبين الجهات الثقافية العربية والدولية، العناية بالحضور الثقافى المصرى فى بلدان العالم خلال توفير إمكانات أكبر للمراكز الثقافية. دعم القوى الناعمة ويوضح الروائى د.زين عبد الهادى خبير المكتبات، أن هناك مجموعة من القضايا التى لابد من حسمها ومواجهتها، ربما تكون رؤية مصر 2030 قد حددت العديد منها، لكن بالإضافة إلى ذلك هناك ملف الصناعات الثقافية والإبداعية، ومؤشرات العمل عليها، وملف المشروعات الناشئة فى الثقافة، وملف المعارض المصرية المتنقلة فى دول العالم بالتعاون مع الآثار، وملف تكرار النشر بين المؤسسات القومية، وملف دعم الهوية المصرية بالتعاون مع وزارتى التعليم والتعليم العالى، والتنمية المستدامة فى الثقافة، والمؤتمر الدورى لوزارة الثقافة، وإحياء مشروع مكتبة عامة بكل قرية، والتعاون بين دار الكتب،ومكتبة الإسكندرية، واتحاد الناشرين، وصناعة النشر والترجمة واتجاهاتها، وملف السينما المصرية، وإعادة إحيائها، وزير الثقافة تنتظره ملفات التعامل معها سيجعل الثقافة والفعاليات الثقافية فى متناول كل مواطن، وهو واحد من مؤشرات رؤية مصر، وكذلك التعاون بين وزارتى الثقافة والخارجية فى مسألة دعم القوى الناعمة، وقد تكون أهم ثلاثة مؤشرات نظرت لها رؤية مصر 2030 مقياس السعادة والتنافسية والاقتصاد، ويمكن للوزارة لعب كثير من الأدوار خاصة فى مؤشر سعادة المواطنين، وهناك قضايا أخرى تحتاج إلى نقاش جمعى مع الأدباء، والمثقفين كالدعم الثقافى لطلاب المدارس والجامعات وكذلك ملف المواهب الإبداعية، وأيضا علاقة الثقافة بذوى الهمم. تأسيس الوعي ويرى المفكر الكبير د. سعيد توفيق الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، أن وزارة الثقافة في مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة منذ زمن طويل، والثقافة هى تأسيس الوعى فى سائر تجلياته، ويشمل ذلك الوعى العلمى والدينى والسياسى والتاريخى والفنى، عملية تأسيس الوعى، بمعنى أنه يجب أن تقوم كجسر بين المنتج للثقافة والإبداع من جهة، والمتلقى من جهة أخرى، وأن تصل إلى المتلقى فى كل ربوع البلاد، كما أن تحديد استراتيجيات هذه الهيئات التابعة لوزارة الثقافة يدخل ضمن عملية الهيكلة بما يخدم عملية تأسيس الوعى هذه على أن يقوم المجلس الأعلى للثقافة، ويقوم المجلس الأعلى للثقافة بمتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية كل ستة أشهر، وهذا هو المشروع الذى أنجزته بعون من كبار الأساتذة لوضع قانون جديد للمجلس الأعلى للثقافة، ولكنه ظل حبيس الأدراج حتى الآن، وربما إلى الأبد. لا للشللية! بينما تقول الناقدة التشكيلية د. فينوس فؤاد: تختلف أولويات الثقافة الآن عن الماضى، حيث أضيفت إليها مستجدات العصر، فالتحول الرقمى أصبح ضرورة مؤكدة، وإنشاء قناة خاصة بوزارة الثقافة أصبح أمرًا حتميًا لزيادة الدخل للإنفاق على الفعاليات، وتطوير فكر المجتمع، فالغزو الثقافى أصبح خطرًا يهدد الهويات، ويعتدى على التراث. أرى أنه لا يجوز تجميد الوزارة لتصبح فى يد حفنة قليلة يتولى كل منهم عدة مناصب دون بذل مجهود للتطوير، والبحث عن كوادر جديدة، فلا يصح أن يكون مستشارو الوزير المسئولون عن التطوير والتغيير هم صغار الموظفين، ومعدومو الخبرة، ولا يصح أن يغلق كل وزير المناصب القيادية على أصدقائه فقط فهذا ما أفشل سياسة الوزارة، ولا يصح أن تتوارى الكفاءات ليحل محلها الانتدابات من الخارج فى ظل سياسة ترشيد الإنفاق. فلدينا كفاءات مبهرة وعلماء مثقفون يعملون داخل أروقة الوزارة لابد من إتاحة الفرصة لهم للظهور، فمن ينتدب من خارج الوزارة لا يشعر بالانتماء إليها، ولا يستطيع أحد محاسبته فى حالة المخالفات القانونية والإدارية، فنحن أمام متاحف لا تؤدى دورها، وبعض قصور ثقافة بدون ثقافة، وصندوق للتنمية الثقافية تقلص دوره، ومسارح تسعى جاهدة بقوة للثبات أمام منافسات شرسة من القطاع الخاص، وكتب ورقية تحتاج إلى تطوير، و«أوبرا» تحتاج إلى تسويق دولى. نحن وزارة تحتاج إلى أن تؤكد وجودها ودورها فى المجتمع خاصة بعد أن وضعها الرئيس السيسى على رأس أولوياته بالتساوى مع الصحة والتعليم، وأتفاءل خيرًا بوجود رجل علم مستنير له خبرة فى الإدارة الأكاديمية ليعيد مكانة أكاديمية الفنون لسابق عهدها، ويعيد الوزارة إلى أهلها من المثقفين، وليس الدخلاء عليها من المعارف، والأصدقاء، ومن يبحثون عن المال والشو الإعلامى فقط. نحن فى حاجة إلى مشروعات ثقافية تنموية تساهم فى زيادة الدخل القومى لمصر، نحن فى حاجة إلى أيدٍ عاملة فى مجال الصناعات الثقافية، نحن فى حاجة إلى تفعيل سياسة الدولة فى مكافحة الفساد، ونحن فى حاجة إلى تفعيل سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسى لحقوق الإنسان، وتفعيل توصيات المجالس النيابية ومراكز البحوث التربوية، وتفعيل نتائج الأبحاث والدراسات الأكاديمية المدفونة بين دفتى الرسائل العلمية، نحن فى حاجة إلى التسويق الثقافى وأن يكون فى مقدمة الأولويات. تعديل اللوائح وفى الختام يقول المؤرخ الكبير ومحقق التراث البارز د. أيمن فؤاد سيد: أتمنى التوفيق لوزير الثقافة الجديد وأرجو أن يوجه عناية الوزارة إلى تيسير الاستفادة من مقتنيات دار الكتب والوثائق القومية وإعادة النظر فى اللوائح التى تعوق الباحثين عن الاستفادة من مقتنيات الدار وخاصة من المخطوطات والوثائق، وأن يتاح الإطلاع عليها دون قيود مثلما هو معمول به فى دور الكتب والمكتبات الوطنية والأرشيفات الغربية، كما أرجو الاهتمام بعقد وتنظيم مؤتمرات وندوات دولية متخصصة فى مجال الدراسات التاريخية والأثرية من خلال لجان المجلس الأعلى للثقافة.