تشهد فرنسا اليوم الجولة الثانية والحاسمة من انتخاباتها البرلمانية، إذ أنه على وقع صناديق الاقتراع، تتصاعد التكهنات حول تحول جذري محتمل في السياسة الخارجية الفرنسية، خاصة فيما يتعلق بالموقف من الصراع الدائر في أوكرانيا. صعود لليمين المتطرف في مفاجأة هزت الأوساط السياسية الفرنسية والأوروبية، تصدر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف نتائج الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، محققاً نسبة 33% من الأصوات. هذا الصعود المدوي جاء على حساب حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حل ثالثاً بنسبة 20% فقط، في ضربة موجعة لطموحاته السياسية. وفي خضم هذه التطورات، أدلت مارين لوبان، الزعيمة السابقة لحزب التجمع الوطني، بتصريحات مثيرة للجدل لشبكة "سي ان ان"، كاشفة عن رؤية حزبها للسياسة الخارجية في حال فوزه بمنصب رئيس الوزراء. اقرأ أيضًا: باريس تحبس أنفاسها: هل تنجح الديمقراطية الفرنسية في امتحانها الأصعب؟ "لا لإرسال القوات إلى أوكرانيا" في موقف حاسم، أكدت لوبان أن حزبها سيمنع أي نشر محتمل للقوات الفرنسية في أوكرانيا. وفي تصريح لافت، قالت: "إذا أراد إيمانويل ماكرون إرسال قوات إلى أوكرانيا ورئيس الوزراء ضد ذلك، فلن يتم إرسال أي قوات إلى أوكرانيا. رئيس الوزراء لديه الكلمة الأخيرة." هذا التصريح يضع حداً واضحاً لتصريحات ماكرون الأخيرة التي لوح فيها بإمكانية إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا، مما يشير إلى تحول جذري محتمل في السياسة الفرنسية تجاه الصراع الأوكراني-الروسي. قيود صارمة على استخدام الأسلحة الفرنسية وفي موقف آخر مثير للجدل، صرحت لوبان قائلة: "سنمنع كييف من استخدام الأسلحة الفرنسية لشن هجمات على الأراضي الروسية." وبررت هذا الموقف بأن السماح بذلك يجعل فرنسا "متحاربة مشاركة" في النزاع. هذا الموقف يتعارض بشكل صارخ مع سياسات معظم الدول الغربية التي سمحت لأوكرانيا باستخدام أسلحتها في مثل هذه الهجمات. ويثير هذا التصريح تساؤلات جدية حول مستقبل الدعم العسكري الفرنسي لأوكرانيا في حال فوز التجمع الوطني. مخاوف أوروبية من تحول راديكالي نقلت وكالة يوراكتيف عن مصادر دبلوماسية لم تكشف عن هويتها أن هناك مخاوف متزايدة في أروقة الاتحاد الأوروبي من احتمال اتخاذ حزب التجمع الوطني إجراءات أكثر راديكالية في حال فوزه. وتتراوح هذه المخاوف بين احتمال وقف كل أشكال الدعم لأوكرانيا، وصولاً إلى سيناريو أكثر دراماتيكية يتمثل في إخراج فرنسا من حلف الناتو. هذه المخاوف تعكس حجم التغيير الذي قد يحدثه فوز التجمع الوطني على المشهد الأوروبي والعلاقات عبر الأطلسي، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الغربية بشكل جذري. توقعات بفوز كاسح وتداعيات محتملة تشير التوقعات الحالية إلى احتمال فوز كاسح لحزب التجمع الوطني، حيث قد يحصد ما يصل إلى 280 مقعداً من أصل 577 في الجمعية الوطنية الفرنسية. هذا الفوز المحتمل، إن تحقق، سيمثل زلزالاً سياسياً ليس في فرنسا فحسب، بل في أوروبا بأكملها. وفي حال تنفيذ التجمع الوطني لسياساته المعلنة، فإننا قد نشهد تحولاً جذرياً في الموقف الفرنسي من الصراع في أوكرانيا، مما قد يؤدي إلى إحداث شرخ عميق في التحالف الغربي الداعم لكييف. هذا التحول قد يؤثر بشكل مباشر على مسار الحرب في أوكرانيا، خاصة مع احتمال تقليص الدعم العسكري الفرنسي. علاوة على ذلك، قد تشهد العلاقات الفرنسية مع الولاياتالمتحدة وحلف الناتو توترات غير مسبوقة، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل جذرية للسياسة الخارجية الفرنسية بشكل عام. هذه التداعيات المحتملة تضع المشهد السياسي الأوروبي والدولي على حافة تغيير استراتيجي قد تكون له انعكاسات بعيدة المدى على موازين القوى العالمية.