على مشارف حي السيدة زينب.. يافطة معلقة لمحل تجاري صاحبه طبيب لكن اللافت للنظر أن الطبيب هو البائع.. بابتسامة معتادة تطغى على قصة ملهمة للكثيرين صاحبها "أحمد محمد علي". في شارع ضيق يحمل اسم "العتريس" بمنطقة السيدة زينب تكمن حكاية مُلهمة بعيدًا عن الأضواء، بدأت كواليسها قبل سنوات طويلة.. طبيب نساء وتوليد يعمل بائعًا ل«الزبدة» نهارًا، يقضي نصف يومه في المحل والنصف الآخر في عيادته الطبية. «لم يمنعني البالطو الأبيض من ممارسة مهنة والدي في بيع الزبدة».. بهذه الجملة بدأ الطبيب أحمد محمد علي استشاري أمراض النساء والتوليد، سرد حكايته في امتلاك محل للزبدة ل«بوابة أخبار اليوم». اقرأ ايضا|حكايات| «قنطرة السباع».. «قبلة السياحة الدينية» السيدة زينب وقال: «التحقت بكلية الطب في عام 1980، دخلتها بالمجموع فقط، لم أكن أهوى ذلك، لكن فعلت حسب ما يقول الناس، وأحببتها بعدها.. وتدرجت في المراحل إلى أن تخرجت وخدمت في محافظات كثيرة.. لكن في الفترة التي قضيتها في القاهرة كان والدي هو من يدير المحل الخاص بنا الذي كان يمتلكه جدي لأمي». تطرق طبيب النساء والتوليد إلى حكاية المحل التجاري الذي يملكه حاليًا، مشيرا إلى أن والده ليس من أسس المحل، حيث إنه رجل مُزارع من محافظة سوهاج، ويمتلك أرضا زراعية، واضطرته الظروف لأن يأتي إلى القاهرة، حينما توفى والد والدته الذي كان يمتلك المحل التجاري". تابع الدكتور أحمد: «كانت والدتي وشقيقاتها صغار السن، وكان لا بد من استمرار تجارتهما، وأن يكون هناك من يرعاهما، وهنا بدأ والدي إدارة المحل وبعدها أنجبنا أنا وشقيقي». عن علاقته بالمحل، أوضح: «كنت متعاونًا مع والدي منذ الصغر في المحل، آتي إليه باستمرار و أرى إذا ما كان لديه أي طلبات، وبعد وفاته منذ 13 عامًا، كان هناك عامل واحد باق من العمال الذين كانوا يعملون معه، واثنان توفاهما الله، وظل هذا الرجل لعامين أو 3 بعد وفاة أبي، ثم ترك العمل، وهو كان آخر من لديهم خبرة في الزبدة، وأصبحت ما بين خيارين، استمرار العمل أم إغلاق المحل؟، فلدي شقيقان يعملان في الهندسة بإحدى الشركات الكبرى، وبعد خروج شقيقي الأكبر على المعاش بدأ في التواجد معي في المحل بمواعيد ثابتة منذ الثامنة صباحًا حتى الخامسة مساءً". لم يكن الأمر سهلًا للدكتور أحمد.. كما يقول: «واجهت صعوبات كبيرة للغاية، وكنت مُدركا لهذه الصعوبات، فالمحل كان يديره أبي و3 معه، والآن أصبحت وحدي من يفعل ذلك، لكن نجحت في الأمر عن طريق تنظيم وقتي تنظيمًا دقيقًا، بمعنى أنه بعد المساحة التي كانت لدي قبل إدارة المحل بأن أنام وقتما أحب وأستيقظ وقتما أريد، ولم يكن لدي سوى العيادة وبعض المسئوليات المجتمعية، فتغيّر الأمر وأصبح هناك نظام صارم، بأن أستيقظ منذ الرابعة فجرًا لأصلي الفجر ثم أمارس الرياضة صباحًا، وأذهب إلى المحل منذ العاشرة صباحاً حتى موعد العيادة في الثامنة مساءً التى قمت بتأجيرها بالقرب من المحل وبعدها قمت بشراء دراجة نارية لسرعة التحرك بها في أي ظروف طارئة". تابع قائلا: "زبائن (الزبدة) ليسوا كثر، فهناك أوقات طويلة تمُر بين كل زبون وآخر، وهي فترات يشعر فيها الطبيب بالملل، لذا فأجعل من وقت الفراغ فرصة للقراءة والاطلّاع في المحل الذي حوّلته إلى الطراز المعماري فجعلته على الطراز المملوكي، ليُصبح كما لو كان قطعة من مبنى أثري عدما تخطوه قدماك تنقلك ساعة الزمن إلى سنوات طويلة في الماضي حيث كان يعيش المماليك". يقول الدكتور أحمد إنه يعمل من أجل العمل فقط ليس من أجل المال ولبقاء المحل مفتوحًا حاملاً اسم أجداده منذ افتتاح المحل عام 1939 حتى الآن. وتحدث الدكتور أحمد أن حالة الولادة لا تنتظر، وهذا عملي الأساسي والتزامي الأول، لذا فحينما تأتيي حالة ولادة أثناء الوقت الذي أقضيه في المحل؛ فالأولوية لها سرعان أقوم بالاتصال بشقيقي لتكمله ساعات العمل وأنا أتوجه على الفور لحاله الولادة ثم أعود مجدداً للمحل. يؤكد الدكتور أحمد: "تعتبر الزبدة البقري سهلة الهضم مقارنة مع الزبدة الجاموسي، حيث إن نسبة الدهون في حليب البقر أقل ونسبة الأحماض المتطايرة والقابلة للذوبان أكبر مما يجعلها سهلة الهضم مقارنة بزبدة الجاموس". وعن مدة صلاحية "الزبدة" يقول: "الجاموسي أطول من الزبدة البقري، وذلك لاحتواء الجاموسي على كمية كبيرة من الدهون والتي تعطيها مدة صلاحية أطول، مما يمكن حفظها وتخزينها لفترة أطول، كما أن الزبدة البقري تعد أفضل للأطفال وتوفر لهم الغذاء الذي يحتاجونه، أما الزبدة الجاموسي يفضل أن يتناولها الأشخاص الأكثر حركة ونشاطا بدنيًا".