استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة الأسبوع الماضى الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة الفلسطينى السابق، والذى قدمَّ ندوة بعنوان «البعد الثقافى فى نكبة فلسطين» وذلك ضمن مشروع «حلول للسياسات البديلة». وفى حديثه قال: إنه يجب النظر إلى النكبة باعتبارها تتويجًا لجهودٍ طويلة من الاقتلاع الثقافى، والمعرفى الذى قامت به الحركة الصهيونية خلال عقودٍ طويلة بهدف التمهيد لفكرة أن يتقبل العالم لطرد الفلسطينيين من بلادهم، ولجعل عمليات الاقتلاع بوصفها تحقيقًا لوعد إلهى طال انتظاره؛ لذلك فقد تمت سرقة فلسطين على مستوى الفكرة، وعلى مستوى الرواية قبل أن يُترجم الأمر فى النهاية بشكل مادى وعسكرى. كما تمت سرقة فلسطين ثقافيًا وتنكيبها قبل أن يتم سرقتها فعلياً خلال النكبة. فعبر سلسلة طويلة - لم تنتِه حتى تلك اللحظة - تم إخراج فلسطين كجغرافيا، والفلسطينيين كسكانٍ للبلاد من سياق المرويات والسرديات التاريخية الخاصة بالمنطقة، وتقديم الشواهد التى لا تشهد بالحقيقة ولكنها تشهد لما يُراد أن يتم تمريره من تزوير. فقد تم نفينا كفلسطينيين خارج الوعى العام لمسار التاريخ، وجرى الاستعانة باللاهوت، والمرويات، والسرديات الغربية المختلفة من أجل تثبيت مقولة «أن ثمة غريباً يسكن البلاد مؤقتًا، ويجب طرده من هذه البلاد، وإحلاله بشعب آخر». ويضيف: شكلت المرجعية التوراتية العامة إطارًا لدعم الادعاء الذى يزعم بملكية الأرض والوطن القديم وضرورة العودة إليه وتعزيز فكرة أن الرابط الإلهى لم ينقطع بين شعب الله المختار وبين الأرض المقدسة. كما جرى توظيف الاستشراق فى ذلك الأمر بشكلٍ مُمنهج لخدمة المشروع الاستعمارى الغربى، وقد عكست الكتابات الغربية وأيضًا التصاوير الغربية والمخيال على هذه التوجهات من خلال تقديم «الشرق» باعتباره همجيًا؛ وبالتالى فهذه الأرض تنتظر قدوم الحضارة الغربية لإعادتها للمسار الصحيح. كما تحدث أبو سيف عن محاولات إسرائيل المستمرة لسرقة التراث الثقافى الفلسطينى إذ أوضح أن إسرائيل عادة ما تستهدف البشر، والحجر فقد استهدفت المبانى الأثرية، والتراثية، والتاريخية وكذلك المتاحف، والمؤسسات الثقافية بشكلٍ عام عن عمد؛ لذلك أبلغت مسئولة اليونسكو فى وقتٍ سابق أنه قد جرى هدم جزء من ذاكرة العالم بسبب الممارسات التى ارتكبها الاحتلال فى غزة أثناء الحرب.
