وُلد رافائيل نادال في جزيرة مايوركا الإسبانية، المعروفة بشواطئها الرملية، لكن نجم التنس سيظل اسمه مرتبطًا إلى الأبد بالملاعب الترابية. وحصد نادال، 14 من ألقابه بالجراند سلام (22)، على الأراضي الترابية في بطولة فرنسا المفتوحة، في رقم قياسي بتاريخ رياضة الكرة الصفراء. لكنه سيخوض معركة أخيرة، مع إعلان انسحابه من منافسات بطولة رولان جاروس 2023، لعدم تعافيه من الإصابة. ولعل لياقته وطاقته وقوته الذهنية وضرباته الأمامية الرائعة، جعلته من أعظم اللاعبين على الإطلاق، على الرغم من احتدام الجدل حول الأفضل في التاريخ. وشكل نادال بجانب الصربي نوفاك ديوكوفيتش والسويسري المعتزل روجر فيدرر، ما يُعرف باسم "الثلاثة الكبار" لأكثر من عقد من الزمن. وأشرف على تدريب نادال، عمه توني، بين 2005 و2017، وساهم في تطوير ضرباته الأمامية القوية. وينحدر نادال من عائلة رياضية، إذ لعب عمه الآخر ميجل أنخيل نادال، كرة قدم احترافية مع برشلونة، علمًا بأن رافائيل يشجع ريال مدريد. وبات نادال، لاعبًا محترفًا في سن 14 عاما، وخاض أولى مبارياته في ويمبلدون، عام 2003 عندما كان يبلغ 17 عامًا. المبارزة مع فيدرر حقق نادال، لقبه الأول في الجراند سلام في رولان جاروس 2005، واحتفظ به في العام التالي على حساب فيدرر، مما شكل بداية لمنافسة مثيرة. وسقط نادال في العام نفسه أمام فيدرر في نهائي ويمبلدون، ولكنه أثبت رغم الخسارة، أنه لم يكن فقط متخصصًا على الاراضي الترابية، بل على أي أرضية. وأضاف لقبين في رولان جاروس أمام المنافس ذاته قبل أن يخسر مجددًا أمام روجر فيدرر في نهائي ويمبلدون 2007. وفي المحاولة الثالثة في لندن، نجح في التغلب على فيدرر في نهائي مثير ومجنون، قبل أن يحقق بعد قرابة الشهر، ذهبية الفردي في أولمبياد 2008. ورفع نادال، الكأس الأولى في أستراليا المفتوحة عام 2009، أمام فيدرر مجددًا، منافسه في 7 من أصل أول 8 مباريات نهائية في البطولات الكبرى. ملك الملاعب الترابية عام 2010 شهد ربما أفضل مستوياته على الإطلاق، وبات نادال أول لاعب في فئة الرجال، يفوز بثلاثة ألقاب كبرى على 3 أرضيات مختلفة (رولان جاروس، ويمبلدون وأمريكا المفتوحة). وفي فئة الرجال، نجح نادال وأندري أجاسي فقط في الفوز بجميع بطولات الجراند سلام، بالإضافة إلى حصد ذهبية الفردي في الألعاب الأولمبية. وأنهى نادال، مسيرته المذهلة بأربعة ألقاب في الولاياتالمتحدة المفتوحة، اثنين في كل من ويمبلدون وأستراليا المفتوحة، بجانب الألقاب 14 في فرنسا. وغالبًا ما أظهر قوة ذهنية للخروج من المواقف الصعبة، واعتمد على قوة تحمل لا نهاية لها، وعلى الضربة الأمامية الفتاكة والدقيقة. وحقق نادال بين 2005 و2007، سلسلة من 81 انتصارًا تواليًا على التراب، وهي الأطول للاعب على الأرضية ذاتها في العصر الحديث، لكن فيدرر وضع حدا لها في هامبورج. ورفع نادال خلال هذه السلسلة، 13 لقبًا تواليًا على أرضيته المفضلة، وتوّج مسيرته مع 92 لقبًا في المجمل. وبين 2005 و2014، فاز بلقب رولان جاروس في كل عام باستثناء 2009، عندما سقط في الدور الرابع أمام السويدي روبن سودرلينج، وصيف فيدرر في النهائي. ورغم الإصابات التي أعاقت مسيرته، استمر نادال في التألق، وحقق لقبَي أستراليا المفتوحة ورولان جاروس في 2022، وبلغ في العام ذاته نصف نهائي ويمبلدون، قبل أن يضطر للانسحاب قبل نصف النهائي بسبب الإصابة. وقال السويدي ماتس فيلاندر المتوج بسبعة ألقاب كبرى "كلما تقدم نادال في السن، زاد عزمه لتغيير أسلوب لعبه والتصرف أكثر بالكرة، مع بعض الضربات والكرات الساقطة والإرسال مع الصعود المباشر للشبكة". وتابع "أصبح هو ونوفاك أكثر ذكاء على أرض الملعب، ولا يتوقفان عن التعلم أبدًا، إنه أمر لا يصدق". ويعتبر البعض، نادال، الأعظم في كل العصور، رغم وجود معركة جدلية في هذه المسألة بجانب فيدرر ونوفاك ديوكوفيتش. وهناك من يعتبر نادال، الأفضل على الإطلاق، وتشمل هذه الدائرة ماريا شارابوفا وستانيسلاس فافرينكا وإيجا شفيونتيك. وكان شاغل نادال الرئيسي، هو أن يتذكره الناس كرجل ولاعب صالح بدلاً من القلق بشأن مكانه بين عمالقة التنس. ويؤكد نادال "الإرث المهم هو أن جميع الأشخاص الذين قابلتهم خلال هذه السنوات، لديهم ذاكرة إنسانية طيبة عني". ويتابع "في نهاية المطاف، تأتي الأمور الشخصية والتربية والاحترام والمودة التي تُعامل الناس بها قبل الأمور المهنية، لأن هذا هو ما يبقى".
