ربما يكون نائب وزير المالية السابق للسياسات الضريبية عمرو المنير الأفضل بين أقرانه الذين يغوصون فى أعماق الضرائب وسياساتها ولذا يمكن تسميته ب «جبرتى الضرائب» . هو خبير محلى ودولى فى هذا الشأن وعندما يتحدث عنها ينطلق بصراحة دون تخطى الأسلاك الشائكة إلا قليلا وخاصة عند سؤاله عن أوضاع بعينها مثلما حدث فى لقاء نظمته الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع وأداره د. سعيد عبد الخالق عضو مجلس إدارة الجمعية . ولكونه مثل المؤرخ الجبرتى فقد روى تاريخ الضرائب منذ أيام الفراعنة حيث كانت تحسب وفقا لفيضان النيل كلما زاد زادت الضريبة . لكن الأمر تطور عند البريطانيين حيث تقررت الضرائب عام 1697 عندما فرضت ضريبة على الدفايات بالمنازل باعتبارها دليل ثراء لكن الأغنياء رفضوها لتتجه إلى النوافذ وفقا لعددها ووقتها لم يكن هناك تعريفا واضحا للنافذة ومن ثم كانت أى فتحة فى جدار المنزل تعتبر نافذة تستحق الضريبة فلجأ أصحاب المنازل إلى إغلاق أكبر عدد من الفتحات تهربا من الدفع وقد نتج عن ذلك عدم دخول الشمس والهواء وبالتالى انتشرت الأمراض وهو ما استدعى تحمل الحكومة نفقات باهظة لعلاج المواطنين ليتم إلغاء الضريبة بعد مرور 154 سنة ، فالضريبة ليست حصيلة والسلام وتأثيرها ليس ماليا فقط بل اقتصادى واجتماعى وصحى وقد تكون التكلفة أكبر من الإيرادات . لقد كان الهدف من اللقاء مع المنير وضع الضرائب فى صورتها الصحيحة بعيدا عن صورتها القاتمة لدى البعض فلا يجب أن تكون جباية ولا وسيلة لوضع الحكومة يدها فى جيوب الناس بل هى نظام عرفه العالم منذ القدم لخلق نوع من المشاركة بين البشر تستهدف وضع نظام يحقق العدالة ويسهم فى توفير الدولة للخدمات اللازمة للمواطن ، وقال المنير إنه وفقا لتقارير المنظمات الدولية يمكن لمصر زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة تتراوح بين 2 % و4٫5 % من الناتج المحلى الإجمالى بدون زيادة معدلات الضرائب وهو ما يعنى تقليل الاعتماد على الاقتراض وخفض عجز الموازنة بنسبة تتراوح بين 2 % و4 % من الناتج المحلى بشرط إجراء إصلاحات فى السياسة الضريبية ومراجعة الحوافز والإعفاءات الضريبية، فالتجارب أثبتت عدم فاعلية تلك الإعفاءات فى جذب الاستثمارات لكون المستثمر يهتم بأمور كثيرة قبل اتخاذ قرار الاستثمار ليس من أهمها الإعفاءات والدليل أن أعلى معدل لصافى تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر كان عام 2007 بعد إلغاء الإعفاءات إياها فى 2005 ، وإذا كانت المنظومة الضريبية بحاجة إلى مزيد من التطوير يجب أن يكون لهذه المنظومة مجلس أعلى للساسات الضريبية يضع السياسات وخطط العمل للمصالح الإيرادية ومتابعة التزامها بتنفيذ السياسات واقتراح التشريعات التى تكفل تنفيذ السياسات الضريبية والجمركية .. تلك كانت أفكار عمرو الجبرتى أقصد عمرو المنير .