برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    بايدن يؤكد عدم اتخاذ أي قرار بشأن السماح لكييف بضرب العمق الروسي    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    إعلام عبري: الشاباك ينفي تقارير عن مقتل السنوار    اليوم.. فصل الكهرباء عن 5 قرى بمدينة نقادة بقنا    ستوري نجوم كرة القدم.. رسالة صلاح لأحمد فتحي.. احتفال لاعبي الأهلي.. غالي في الجيم    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    محاميهم يكشف مستجدات زيارة فتوح لأسرة الضحية.. وموقف شكوى التوأم ضد المصري    عملوها الصغار ووقعوا فيها الكبار، مصرع شخص في مشاجرة بالشوم بالأقصر    مصدر مطلع: مؤتمر صحفي لوزير الصحة من أسوان الاثنين    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    الزراعة: تغير المناخ السبب في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة 80%    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    إعلام عبري: قرار أمني بالتصعيد التدريجي ضد حزب الله دون دخول حرب شاملة    إنفوجراف| حصيلة 350 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    نائب محافظ قنا يشهد بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    قائمة الفرق المتأهلة لدور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا    إعلامي مفاجأة.. سيف زاهر يُعلن بديل أحمد شوبير في «ملعب أون تايم»    رقم مميز جديد لبرشلونة في الدوري الإنجليزي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    قاد سيارته داخل مياه البحر.. القبض على سائح مصري بمدينة دهب في حالة سكر    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    محافظ أسوان: لا إلغاء لأي فوج سياحي.. وأحمد موسى يطالب بمحاسبة مروجي شائعات الوفيات    أستاذ علوم سياسية: تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر بجنوب لبنان ضربة غير مسبوقة    أتلتيكو مدريد يخطف تعادلا مثيرا من رايو فاليكانو في الدوري الإسباني    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    أحمد نبيل باكيا: "تعرضت لأزمة وربنا رضاني بصلاة الفجر"    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوى بمنطقة بيسان بعد تسلل مسيرة أطلقت من العراق    فريدة الشوباشى: الدولة تدرب وتؤهل الشباب للعمل وتتعاون مع المجتمع المدنى    أحمد بتشان يطرح كليبه الجديد "قتال" من اليونان    حدث بالفن| اعتزال فنان وآخر يعود لطليقته وأزمة بسبب فيلم أوراق التاروت    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    مصدر حكومى لإكسترا نيوز: مؤتمر صحفى لنائب رئيس الوزراء ووزير الصحة اليوم فى أسوان    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يتوه المثقف وسط أمواج مواقع التواصل الاجتماعى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 25 - 12 - 2021


شهاب ‬طارق
خلال ‬السنوات ‬القليلة ‬الماضية ‬لم ‬يعد ‬المثقف ‬‮«‬بوصلة‮»‬ ‬يتم ‬من ‬خلاله ‬توجيه ‬الرأى ‬العام ‬بشأن ‬قضايا ‬بعينها، ‬أصبح ‬عبارة ‬عن ‬‮«‬رقم‮»‬ ‬داخل ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬وبات ‬يتعامل ‬مع ‬أمور ‬جديدة ‬ربما ‬لم ‬تقابله ‬من ‬قبل، ‬فبدلًا ‬من ‬توجيه ‬الجمهور ‬لقضايا ‬بعينها، ‬أصبح ‬بفضل ‬منصات ‬التواصل ‬الاجتماعى ‬على ‬‮«‬الهامش‮»‬ ‬أمام ‬الكثير ‬من ‬الترندات ‬التى ‬تظهر ‬بسرعة ‬كبيرة ‬وتختفى ‬بالسرعة ‬نفسها، ‬ولم ‬يعد ‬أمامه ‬إلا ‬مجاراة ‬الواقع ‬الجديد ‬أو ‬أن ‬يلتزم ‬الصمت. ‬ولم ‬يسلم ‬المشهد ‬الثقافى ‬فى ‬مصر ‬من ‬عدوى ‬الترندات، ‬وربما ‬يكون ‬من ‬التبعات ‬جروبات ‬القراءة ‬التى ‬توجه ‬القراء ‬لأعمال ‬بعينها ‬من ‬خلال ‬الدعاية ‬الملحة.‬
تحدثنا ‬مع ‬عدد ‬من ‬الكتاب ‬والمثقفين ‬عن ‬الحياة ‬داخل ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬وموقفهم ‬من ‬الترند.‬
د. ‬سيد ‬ضيف ‬الله:‬ ‬كيان ‬المثقف ‬ضاع ‬ ‬داخل ‬الترند
أرى ‬الآن ‬أن ‬هناك ‬تحولًا ‬كبيرا ‬يخص ‬علاقة ‬المثقف ‬بالقضايا، ‬وفقد ‬أغلبية ‬المثقفين ‬سيطرتهم ‬على ‬الموضوعات ‬التى ‬يريدون ‬بحثها، ‬فلم ‬يعد ‬للمثقف ‬أجندة ‬يحددها ‬بنفسه، ‬لأن ‬الأجندة ‬تحدد ‬له ‬صباح ‬كل ‬يوم ‬من ‬خلال ‬مطالعته ‬لحساباته ‬على ‬مواقع ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬وبالتالى ‬أصبح ‬تابعا ‬إلى ‬حد ‬كبير ‬جدا، ‬ليس ‬فقط ‬فيما ‬يخص ‬الموضوعات ‬العامة ‬التى ‬يعلق ‬عليها ‬تحت ‬مسمى ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬بل ‬أرى ‬أنه ‬على ‬مستوى ‬النقد ‬الأدبي، ‬فهناك ‬بعض ‬النقاد ‬يبنون ‬قراءاتهم ‬النقدية ‬على ‬الأعمال ‬التى ‬يروج ‬لها ‬أصحابها ‬من ‬خلال ‬حساباتهم، ‬ويتأثرون ‬بتقييم ‬تلك ‬المنشورات، ‬ويصل ‬ببعضهم ‬الحال ‬إلى ‬أن ‬تكون ‬مقالته ‬النقدية ‬عن ‬الغلاف ‬الأكثر ‬رواجا ‬على ‬صفحة ‬الفيس ‬بوك؛ ‬بينما ‬هناك ‬أعمال ‬أفضل ‬لكن ‬ليس ‬لأصحابها ‬حضور ‬فعال ‬على ‬الفيس ‬بوك، ‬ولا ‬يتم ‬الانتباه ‬لها، ‬لذلك ‬فإن ‬من ‬لا ‬يتواجد ‬اليوم ‬على ‬مواقع ‬التواصل ‬لا ‬يتواجد ‬على ‬ساحة ‬الأدب ‬والثقافة ‬بشكل ‬عام. ‬
أما ‬المشكلة ‬الثانية ‬فهى ‬أن ‬المثقف ‬فقد ‬الميزة ‬الأساسية ‬التى ‬كانت ‬تميزه ‬عن ‬الجماهير، ‬لم ‬يعد ‬هناك ‬كيان ‬اسمه ‬‮«‬المثقف‮»‬ ‬لأن ‬المثقف ‬إذا ‬ما ‬دخل ‬من ‬بوابة ‬تلك ‬المواقع ‬أصبح ‬رقما ‬ضمن ‬الجماهير. ‬فالميزة ‬الأساسية ‬بين ‬المثقف ‬والجماهير ‬تكمن ‬فى ‬المسافة ‬بينه ‬وبين ‬الموضوع ‬الذى ‬يدرسه، ‬والتى ‬تمنحه ‬القدرة ‬على ‬التفكير ‬بشكل ‬فردى ‬ونقدى ‬ليمكنه ‬تحديد ‬موقفه ‬بناء ‬على ‬‮«‬رؤية‮»‬ ‬وبناء ‬على ‬موقف ‬نقدي، ‬حتى ‬وإن ‬كان ‬موقفه ‬ضد ‬التيار ‬السائد، ‬فالمثقف ‬لديه ‬قدرة ‬على ‬زعزعة ‬السائد، ‬على ‬مخالفة ‬المسلمات، ‬والسير ‬عكس ‬التيار، ‬فهذا ‬هو ‬تعريف ‬المثقف ‬بشكل ‬عام ‬خاصة ‬عند ‬إدوارد ‬سعيد. ‬لكن ‬ما ‬أراه ‬الآن ‬أنه ‬لا ‬أحد ‬يسبح ‬عكس ‬التيار، ‬فما ‬أن ‬يدخل ‬المثقف ‬إلى ‬مواقع ‬التواصل ‬الاجتماعى ‬فعليه ‬أن ‬يسبح ‬مع ‬الترند، ‬أو ‬أن ‬يكون ‬لديه ‬القدرة ‬النفسية ‬والقوة ‬الرمزية، ‬والمهنية، ‬والشللية، ‬والتى ‬تمكنه ‬من ‬صنع ‬الترند ‬بنفسه. ‬فإذا ‬جاء ‬مثلا ‬صحفى ‬مشهور، ‬وكتب ‬رواية ‬وجامله ‬جميع ‬النقاد ‬والمثقفين ‬بشأن ‬روايته ‬تلك، ‬فإما ‬أن ‬تسير ‬فى ‬الموكب ‬وتقول ‬بأن ‬هذه ‬رواية ‬جميلة، ‬وإما ‬عليك ‬أن ‬تسير ‬عكس ‬التيار ‬وتقول: ‬‮«‬هذه ‬أسوأ ‬رواية‮»‬ ‬لكن ‬عليك ‬تكوين ‬جبهة ‬مضادة ‬لتبنى ‬هذا ‬الرأى ‬المخالف. ‬
لذلك ‬فإما ‬أن ‬تسبح ‬مع ‬التيار ‬أو ‬أن ‬تتلقى ‬السهام، ‬التى ‬قد ‬تأتيك ‬من ‬قارئ ‬ربما ‬لم ‬يقرأ ‬فى ‬حياته ‬كلها ‬سوى ‬خمس ‬روايات، ‬ولديه ‬نفس ‬السلطة ‬الرمزية ‬للحكم ‬على ‬الاعمال، ‬مادمت ‬قد ‬ارتضيت ‬أن ‬تكون ‬وسيلة ‬التواصل ‬مع ‬الناس ‬هى ‬الفيس ‬بوك ‬فلا ‬قيمة ‬لأستاذية ‬أو ‬ألقاب، ‬الكل ‬سواسية، ‬وهذ ‬ما ‬يجب ‬على ‬الناقد ‬أن ‬يدركه ‬وبالتالى ‬عليه ‬أن ‬يستخدم ‬اللغة ‬المناسبة، ‬وأن ‬يختار ‬الموقع ‬الذى ‬يريد ‬أن ‬يضع ‬نفسه ‬فيه، ‬فإذا ‬أراد ‬أن ‬يكون ‬مع ‬‮«‬الموجة‮»‬ ‬فهذا ‬أمر ‬سهل، ‬لكنه ‬فى ‬المقابل ‬سيفقد ‬أى ‬ميزة ‬باعتباره ‬‮«‬مثقفا‮»‬ ‬أما ‬إذا ‬رأى ‬أن ‬له ‬رأيا ‬مخالفا ‬فمواقع ‬التواصل ‬ليست ‬ساحة ‬الأكاديميين ‬أو ‬كهنة ‬النقد. ‬
لكن ‬الخطير ‬فى ‬الأمر ‬أن ‬السياسات ‬الثقافية ‬بجانب ‬القرارات ‬المصيرية، ‬تأخذ ‬غالبا ‬عن ‬طريق ‬الحضور ‬الجماهيري، ‬بل ‬إن ‬اختيار ‬القيادات ‬يتم ‬غالبا ‬بناء ‬على ‬مدى ‬حضورهم ‬على ‬تلك ‬المواقع، ‬الأعلى ‬صوتا ‬تجده ‬حاضرا ‬وموجودا، ‬والأكثر ‬حضورا ‬ليس ‬بالضرورة ‬أن ‬يكون ‬الأكثر ‬كفاءة. ‬
أما ‬بالنسبة ‬إليّ ‬فقد ‬تعلمت ‬أن ‬أتجنب ‬الترندات، ‬أتجنب ‬الجدل ‬فى ‬مثل ‬هذه ‬الأمور ‬التى ‬لا ‬أعرف ‬أبعادها.‬
انتصار ‬عبد ‬المنعم:‬
‬أبتعد ‬للحفاظ ‬على ‬استقلال ‬توجهاتي
‮ ‬منذ ‬سنوات ‬بعيدة، ‬كان ‬الناس ‬يستيقظون ‬على ‬صوت ‬بائع ‬الجرائد ‬المتجول ‬وهو ‬ينادى ‬بأعلى ‬صوته: ‬اقرا ‬الحادثة! ‬اقرا ‬الحادثة! ‬فيتسابق ‬الناس ‬لشراء ‬الصحيفة ‬لمعرفة ‬الحادثة، ‬وتصبح ‬مجالا ‬للنقاش ‬فى ‬البيوت ‬والمقاهى ‬والجامعات، ‬صباحا ‬ومساءً، ‬إلى ‬حين ‬ينادى ‬البائع ‬المتجول ‬على ‬‮«‬ترند‮»‬ ‬جديد ‬فيحل ‬محل ‬الحادثة. ‬مر ‬زمن ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬المسموع، ‬ولم ‬تعد ‬الصحف ‬نفسها ‬قادرة ‬على ‬مواكبة ‬الحوادث ‬والأخبار، ‬وامتلأ ‬فضاء ‬الانترنت ‬بالأخبار، ‬وهنا ‬بدأت ‬ظاهرة ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬على ‬السوشيال ‬ميديا ‬لجذب ‬الانتباه ‬لخبر ‬ما ‬أو ‬لشخص ‬بعينه ‬كوسيلة ‬لتكوين ‬اتجاه ‬معين ‬سواء ‬كان ‬سلبيا ‬أو ‬إيجابيا.. ‬الترند ‬أو ‬الاتجاه ‬يرتبط ‬فى ‬الأساس ‬بسوق ‬المال ‬والأعمال، ‬ويقصد ‬به ‬تطور ‬قيم ‬السوق ‬أو ‬سعر ‬الأصل، ‬ويمكن ‬أن ‬تكون ‬الاتجاهات (‬صعودا) ‬أو(‬هبوطا) ‬أو ‬جانبية (‬مسطحة). ‬وللتدليل ‬على ‬الترند ‬الايجابى ‬‮«‬صاعد‮»‬ ‬والمعاكس»هابط‮»‬،‮ ‬ ‬لا ‬نجد ‬نموذجا ‬أبلغ ‬مما ‬حدث ‬بعد ‬وفاة ‬دكتور ‬أحمد ‬خالد ‬توفيق ‬عام ‬2018، ‬فحين ‬نعاه ‬محبوه ‬فى ‬ترند ‬تصدر ‬صفحات ‬السوشيال ‬ميديا، ‬ظهر ‬ترند ‬مناقض ‬له ‬تماما ‬يتعالى ‬على ‬قراء ‬الكاتب، ‬ويقلل ‬من ‬قيمته ‬كأديب، ‬ويسفه ‬من ‬قرائه.‬
‮ ‬والمدهش ‬أن ‬ما ‬نقوله ‬الآن ‬عن ‬دور ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬فى ‬جذب ‬الانتباه ‬سلبا ‬وإيجابا ‬تجاه ‬شخص ‬أو ‬حدث، ‬هو ‬نفسه ‬الذى ‬قيل ‬من ‬قبل ‬عن ‬‮«‬الشائعات‮»‬ ‬ودورها ‬فى ‬تكوين ‬آراء ‬واتجاهات ‬معينة. ‬ففى ‬كتابه ‬الصادر ‬عام‮ ‬ ‬1987 ‬‮«‬الشائعات: ‬الوسيلة ‬الإعلامية ‬الأقدم ‬فى ‬العالم‮»‬ ‬، ‬يذكر‮ ‬ ‬الكاتب ‬الفرنسى ‬جان ‬نويل ‬كابفيرير ‬Jean-Noël Kapferer، ‬أن ‬الشائعة ‬هى ‬فى ‬المقام ‬الأول ‬معلومة ‬تضيف ‬عناصر ‬جديدة ‬إلى ‬شخص ‬ما ‬أو ‬حدث ‬ما، ‬وغالبا ‬ما ‬تكون ‬الشائعة ‬مرتبطة‮ ‬ ‬بنجوم ‬الشهرة، ‬والمال ‬والأعمال ‬وغيرها. ‬وهذا ‬ما ‬يحدث ‬الآن ‬تماما، ‬يلجأ ‬الفنانون ‬والكتاب ‬أكثر ‬من ‬غيرهم ‬لما ‬يعرف ‬بالتسويق ‬النفسى ‬لأنفسهم ‬بإطلاق ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬عن ‬أنفسهم ‬وعن ‬منافسيهم، ‬بطريقة ‬مباشرة ‬أو ‬عن ‬طريق ‬توجيه ‬الجمهور ‬المتحمس ‬لهم.‬‮ ‬
‮ ‬وهكذا ‬كلما ‬أصبح ‬الكاتب / ‬الفنان ‬موضوعًا ‬للشائعات/ ‬الترند، ‬فهذا ‬يعنى ‬بالضرورة ‬أنه ‬أصبح ‬ذا ‬أهمية، ‬ولا ‬يهم ‬موضوع ‬الترند، ‬قد ‬يكون ‬خبر ‬مرض ‬أو ‬زواج ‬أو ‬حادث، ‬أو ‬تحرشات ‬فى ‬أسوأ ‬الحالات، ‬ولكنها ‬تشكل ‬أعلى ‬معدلات ‬‮«‬الترند‮»‬، ‬يكفى ‬أن ‬يقترن ‬اسم ‬فنان ‬أو ‬كاتب ‬بكلمة ‬تحرش، ‬لتتصدر ‬أخباره ‬صفحات ‬السوشيال ‬ميديا، ‬هجوما، ‬ودفاعا ‬فى ‬ذات ‬الوقت.. ‬كان ‬‮«‬برنارد ‬شو‮»‬ ‬يقول ‬إن ‬الإنسان ‬البدائى ‬عبد ‬أصناما ‬من ‬الخشب ‬والحجارة، ‬فى ‬حين ‬أن ‬الانسان ‬المتحضر ‬يهيم ‬بمعبود ‬من ‬لحم ‬ودم.. ‬وهكذا ‬يتصدى ‬‮«‬ألتراس‮»‬ ‬فنان ‬ما ‬إلى ‬‮«‬ألتراس‮»‬ ‬الفنان ‬المنافس، ‬وتشتعل ‬السجالات ‬ويرتفع ‬معدل ‬الترند، ‬وترتفع ‬القيمة ‬‮«‬السوقية‮»‬ ‬للفنان ‬بالتبعية ‬بازدياد ‬الطلب ‬عليه ‬بذريعة ‬أنه ‬تصدر ‬‮«‬الترند‮»‬.‬
‮ ‬فى ‬مجال ‬الكتابة، ‬وقبل ‬ظهور ‬مجموعات ‬القراءة ‬على ‬الفيس ‬بوك، ‬لجأ ‬بعض ‬الكتاب ‬إلى ‬تسويق ‬أنفسهم ‬بإطلاق ‬شائعة ‬منع ‬أو ‬مصادرة ‬أعمالهم، ‬ثم ‬بأسماء ‬وهمية ‬يطلقون ‬الهاشتاج، ‬وتطفو ‬أسماؤهم ‬على ‬سطح ‬‮«‬ترند‮»‬ ‬لأيام ‬ثم ‬تختفي. ‬على ‬عكس ‬الترند ‬المرتبط ‬بفنان ‬شعبى ‬مثلا.. ‬وتعد ‬عملية ‬تكوين ‬الاتجاهات ‬عملية ‬ناجعة ‬إذا ‬ما ‬اعتمدت ‬على ‬إقحام ‬الذات ‬الإلهية ‬فى ‬أى ‬‮«‬ترند‮»‬ ‬فمثلا ‬الكاتب ‬الذى ‬أطلق ‬على ‬نفسه ‬أنه ‬‮«‬إله ‬السرد‮»‬ ‬أراد ‬به ‬تكوين ‬ترند ‬صاعد ‬وهابط ‬فى ‬نفس ‬الوقت. ‬فمن ‬ناحية، ‬نجح ‬فى ‬تكوين ‬قاعدة ‬شعبية ‬تناصره ‬لمجرد ‬أنه ‬تجرأ ‬على ‬الوسط ‬الأدبى ‬قديما ‬وحديثا، ‬وشكك ‬فى ‬قيمة ‬أعمال ‬نجيب ‬محفوظ ‬مقارنة ‬بأعماله، ‬ومن ‬الناحية ‬الأخرى، ‬نال ‬هجوم ‬الكثيرين ‬وصل ‬إلى ‬حد ‬العداء، ‬وفى ‬كل ‬الأحوال ‬نعتبر ‬أن ‬ما ‬قام ‬به ‬‮«‬إله ‬السرد‮»‬ ‬النموذج ‬الأمثل ‬للتدليل ‬على ‬التهافت ‬على ‬تسويق ‬الأعمال ‬ولو ‬على ‬حساب ‬التسويق ‬السلبى ‬لشخصية ‬الكاتب ‬نفسه.. ‬وبعد ‬ظهور ‬مجموعات ‬القراءة ‬المتخصصة ‬على ‬الفيس ‬بوك، ‬أصبح ‬الأمر ‬أكثر ‬سهولة، ‬فالكاتب ‬أو ‬صاحب ‬دار ‬النشر ‬يقوم ‬بإنشاء ‬المجموعة، ‬ويكلف ‬أحد ‬الشباب ‬بإدارتها، ‬مباشرة ‬أو ‬بطريقة ‬غير ‬معلنة، ‬وعن ‬طريق ‬المجموعة ‬تنطلق ‬ترشيحات ‬القراءة ‬لكاتب ‬بعينه، ‬وينطلق ‬الترند ‬الواحد ‬تلو ‬الآخر ‬باسم ‬الكاتب ‬والدار ‬والكتاب، ‬وتنشط ‬الحركة ‬فى ‬موسم ‬ترشيحات ‬القوائم ‬الطويلة ‬والقصيرة ‬للجوائز.‬
‮ ‬والغريب، ‬أن ‬عملية ‬تكوين ‬ترند ‬معين، ‬توسع ‬مجالها، ‬ليشمل ‬أشياء ‬لا ‬علاقة ‬لها ‬بمشاهير ‬سواء ‬رياضيين ‬أو ‬فنانين، ‬ولكنها ‬تخص ‬أفرادا ‬غير ‬معروفين ‬يتصدرون ‬المشهد ‬بترند ‬يستغل ‬الحس ‬الدينى ‬عند ‬رواد ‬السوشيال ‬ميديا ‬على ‬شاكلة ‬‮«‬جمعة ‬مباركة‮»‬ ‬أو ‬‮«‬مسلم ‬وأفتخر‮»‬ ‬وتكون ‬النتيجة ‬أن ‬يتسابق ‬الجميع ‬فى ‬التدليل ‬على ‬صلاحهم ‬الدينى ‬بمتابعة ‬الترند ‬وهكذا.‬
‮ ‬الحقيقة، ‬هناك ‬تريندات ‬أفادتنى ‬كثيرا، ‬ولكن ‬أغلبها ‬تخص ‬البيئة ‬وحماية ‬الحيوانات ‬المعرضة ‬للانقراض ‬التى ‬تطلقها ‬جمعيات ‬حماية ‬الحيوان ‬فى ‬كل ‬أنحاء ‬العالم، ‬كذلك ‬المتعلقة ‬بشركات ‬تصنيع ‬المبيدات ‬الزراعية ‬الملوثة ‬للبيئة، ‬وجميعها ‬جعلتنى ‬فى ‬حالة ‬معرفية ‬متزايدة ‬كل ‬يوم، ‬على ‬عكس ‬الترندات ‬المتعلقة ‬بعالم ‬الفن ‬والأدب ‬التى ‬تسبب ‬التوتر ‬وضيق ‬الصدر، ‬لأنها ‬تتطلب ‬أخذ ‬موقف ‬إما ‬مناصرا ‬أو ‬معاديا ‬لطرف ‬ما.. ‬وذلك ‬ما ‬جعلنى ‬لا ‬أتابع ‬أى ‬ترند ‬خاص ‬بهذين ‬المجالين، ‬كى ‬أحافظ ‬على ‬استقلال ‬توجهاتى ‬بعيدا ‬عن ‬أى ‬استقطاب ‬من ‬أى ‬نوع. ‬
أحمد ‬الملوانى:‬
لن ‬أتحول ‬لإنتاج ‬كتب ‬بمواصفات ‬الترند ‬القياسية!‬
الحديث ‬عن ‬علاقة ‬الكاتب ‬بالترند ‬هو ‬فى ‬رأيى ‬حديث ‬بشكل ‬غير ‬مباشر ‬عن ‬علاقة ‬الكاتب ‬بالقراء. ‬فكما ‬أعتقد ‬أننا ‬نتحدث ‬هنا ‬عن ‬الترند ‬بوصفه ‬بوصلة ‬تحدد ‬اتجاه ‬الجمهور ‬نحو ‬موضوعات ‬محددة ‬تشغله ‬وتأخذ ‬حيزًا ‬كبيرًا ‬من ‬أفكاره ‬وجهده ‬اليومي.‬‮ ‬
بالنسبة ‬لى ‬العلاقة ‬بين ‬الكاتب ‬والقارئ ‬هى ‬علاقة ‬متبادلة ‬ذات ‬اتجاهين، ‬لكنها ‬فى ‬رأيى ‬تبدأ ‬بالضرورة ‬من ‬عند ‬الكاتب. ‬فأنا ‬ككاتب ‬أقدم ‬للقارئ ‬إبداعًا، ‬ثم ‬أعود ‬لأستقبل ‬منه ‬آراء ‬ووجهات ‬نظر ‬قد ‬تكون ‬مفيدة ‬بالنسبة ‬لى ‬فى ‬تقييم ‬تجربتى ‬الإبداعية. ‬ولكن ‬فى ‬مرحلة ‬صناعة ‬منتجى ‬الأدبى ‬سواء ‬فى ‬مرحلة ‬كتابة ‬النص ‬أو ‬حتى ‬ما ‬يسبقها ‬من ‬مراحل، ‬منذ ‬أن ‬كان ‬النص ‬مجرد ‬فكرة ‬تداعب ‬خيالاتى ‬فلا ‬وجود ‬فى ‬حساباتى ‬لما ‬يعرف ‬بالقارئ! ‬ربما ‬هى ‬إجابة ‬صادمة ‬لنوع ‬من ‬القراء ‬اعتاد ‬أن ‬يقوم ‬الكاتب ‬بتملقه، ‬وإشعاره ‬بأهميته ‬الفائقة. ‬ولكنى ‬سأكون ‬منافقًا ‬إن ‬أخبرتك ‬بعكس ‬الحقيقة. ‬والحقيقة ‬أنى ‬لا ‬أكتب ‬من ‬أجل ‬القارئ، ‬وإنما ‬أكتب ‬من ‬أجلي. ‬أكتب ‬لإشباع ‬رغبتى ‬الذاتية. ‬أكتب ‬لأبحث ‬عن ‬إجابات ‬لأسئلة ‬تحرقني. ‬أنا ‬أكتب ‬لنفسي، ‬ولكنى ‬أنشر ‬من ‬أجلك. ‬وهى ‬علاقة ‬بسيطة ‬أفترض ‬فيها ‬الانفصال ‬بين ‬عملية ‬الكتابة ‬وقرار ‬النشر. ‬فليس ‬كل ‬ما ‬أكتبه ‬بالضرورة ‬يجب ‬أن ‬أنشره. ‬وكل ‬رواية ‬أكتبها ‬أتساءل ‬بعد ‬الانتهاء ‬منها: ‬هل ‬أريد ‬للناس ‬أن ‬تقرأها؟ ‬ببساطة ‬أنا ‬أفكر ‬فى ‬القارئ ‬بعد ‬انتهائى ‬من ‬كتابة ‬الرواية. ‬لذلك ‬فبالنسبة ‬لى ‬فكرة ‬أن ‬يقوم ‬الكاتب ‬أولا ‬بمتابعة ‬الترند، ‬وقياس ‬اتجاهات ‬القراء ‬على ‬مواقع ‬السوشيال ‬ميديا ‬ ‬وخاصة ‬أماكن ‬تجمع ‬قراء ‬الأدب، ‬مثل ‬جروبات ‬الفيس ‬بوك ‬الأدبية ‬ ‬هو ‬شيء ‬قاتل ‬للإبداع، ‬ويحول ‬الكاتب ‬لآلة ‬إنتاج ‬أدب ‬بلا ‬روح، ‬أدب ‬ليس ‬حقيقيًا ‬ولا ‬صادقًا. ‬فالكاتب ‬يكتب ‬ليعبر ‬فقط ‬عن ‬نفسه، ‬لا ‬ليرضى ‬رغبات ‬وذائقة ‬القارئ. ‬الذى ‬هو ‬فى ‬الحقيقة ‬ليس ‬قارئًا ‬واحدًا، ‬ولا ‬ذائقة ‬واحدة. ‬فكلمة (‬قارئ) ‬التى ‬نستخدمها ‬بتلك ‬البساطة ‬وكأنها ‬عنوان ‬جماعى ‬مطلق ‬مسلم ‬به، ‬فى ‬الحقيقة ‬هى ‬تتضمن ‬ملايين ‬القراء، ‬وملايين ‬الأذواق، ‬وملايين ‬الاتجاهات ‬والتفضيلات. ‬والأهم ‬أن ‬كل ‬هذا ‬ليس ‬ثابتًا، ‬وإنما ‬هو ‬فى ‬حالة ‬تغيير ‬دائم ‬وسريع. ‬فالقارئ ‬الفرد ‬قد ‬تتغير ‬اتجاهات ‬تفكيره ‬مع ‬كل ‬ترند ‬جديد. ‬فماذا ‬ستفعل ‬عزيزى ‬الكاتب ‬المسكين ‬إذا ‬ما ‬وضعت ‬أمام ‬عينيك ‬فكرة ‬إرضاء (‬القارئ) ‬ ‬بمفهومها ‬الجماعى ‬المشوه ‬ ‬قبل ‬أن ‬تشرع ‬فى ‬كتابة ‬عملك!‬
أنا ‬لا ‬أتعالى ‬على ‬القراء ‬بالطبع. ‬وأنا ‬نفسى ‬عضو ‬فى ‬جروبات ‬القراءة، ‬وأحب ‬أن ‬أحلل ‬ما ‬يدور ‬فيها ‬وأستنتج ‬اتجاهات ‬وتيارات ‬النجاح ‬فى ‬مجال ‬الرواية، ‬وقد ‬أستفاد ‬منها ‬عند ‬اتخاذ ‬قرار ‬النشر. ‬لكن ‬عندما ‬أجلس ‬لأكتب ‬فأنا ‬لا ‬أفكر ‬فى ‬أى ‬من ‬هذا. ‬فى ‬يوم ‬بعيد ‬وضع ‬أحد ‬الناشرين ‬يده ‬فوق ‬واحد ‬من ‬كتبى ‬وكان ‬قد ‬حقق ‬مبيعات ‬جيدة ‬ ‬وقال ‬لي: ‬اعطنى ‬كل ‬عام ‬كتاباً ‬كهذا، ‬وأنا ‬سأضمن ‬لك ‬مبلغًا ‬كبيرًا ‬سنويًا ‬من ‬أرباح ‬مبيعاتك. ‬وذكر ‬مبلغًا ‬على ‬سبيل ‬المثال، ‬وكان ‬كبيرًا ‬بالفعل! ‬هذا ‬الناشر ‬تحدث ‬معى ‬بتلك ‬الثقة ‬لأنه ‬يعرف ‬أن ‬ما ‬كتبته ‬فى ‬هذا ‬الكتاب ‬يساير ‬الترند، ‬ويرضى ‬اتجاهات ‬القراء؛ ‬هذا ‬الترند ‬وتلك ‬الاتجاهات ‬التى ‬ساهم ‬الناشر ‬نفسه ‬فى ‬وضعها ‬من ‬خلال ‬تحكمه ‬فى ‬واحد ‬من ‬أكبر ‬جروبات ‬الأدب ‬وقتها ‬على ‬الفيس ‬بوك! ‬إذن ‬اللعبة ‬بسيطة ‬ومربحة، ‬والكثيرون ‬يعرفون ‬قواعدها ‬ويلعبونها ‬ببراعة. ‬كل ‬ما ‬فى ‬الأمر ‬أنى ‬أحب ‬ما ‬أفعله، ‬وأخشى ‬أن ‬يضيع ‬شغفى ‬بالكتابة ‬إذا ‬ما ‬تحولت ‬لآلة ‬إنتاج ‬كتب ‬على ‬مقاسات ‬السوق، ‬وبمواصفات ‬الترند ‬القياسية. ‬حتى ‬لو ‬اعتبرت ‬فى ‬نظر ‬واحد ‬من ‬أكبر ‬الناشرين ‬فى ‬الوطن ‬العربى ‬ذلك ‬الشخص ‬الغامض ‬المذكور ‬سلفًا ‬ ‬مجرد ‬شخص (‬فقرى.. ‬ما ‬يعرفش ‬مصلحته ‬فين).‬
فى ‬النهاية ‬أنا ‬لا ‬أحب ‬الأحكام ‬المطلقة. ‬وأنا ‬أتحدث ‬عن ‬تجربتى ‬الشخصية ‬وفقط. ‬لكن ‬من ‬الوارد ‬أن ‬يظهر ‬من ‬بيننا ‬ذلك ‬الكاتب ‬العبقرى ‬القادر ‬على ‬إرضاء ‬كل ‬القراء، ‬ومسايرة ‬كل ‬الاتجاهات، ‬والعزف ‬على ‬كل ‬الترندات، ‬وفى ‬ذات ‬الوقت ‬يقدم ‬أدبًا ‬رفيعًا ‬قابلا ‬للخلود، ‬وليس ‬مجرد ‬حواديت ‬سيتم ‬تجاوزها ‬سريعًا ‬من ‬نفس ‬القراء ‬الذين ‬يسعى ‬لإرضائهم، ‬مع ‬ظهور ‬ترند ‬جديد ‬يفشل ‬هو ‬فى ‬مسايرته.‬
زين ‬العابدين ‬فؤاد:‬
ثقافة ‬موجهة ‬
أنا ‬لا ‬أتعامل ‬بفكرة ‬‮«‬الترند‮»‬ ‬على ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬فالسؤال ‬هو: ‬‮«‬هل ‬مهمة ‬المثقف ‬أن ‬ينجر ‬وراء ‬الترند، ‬أم ‬أن ‬مهمته ‬الحقيقية ‬هى ‬أن ‬يقود ‬الرأى ‬العام؟ ‬فهذه ‬وجهة ‬نظرى ‬لأنى ‬أرى ‬أن ‬مهمته ‬الحقيقية ‬هو ‬أن ‬يتولى ‬دور ‬الريادة ‬لا ‬أن ‬يكون ‬تابعا، ‬لكن ‬للأسف ‬لم ‬يعد ‬بإمكان ‬المثقف ‬أن ‬يوجه ‬الرأى ‬العام، ‬نتيجة ‬عدم ‬ظهور ‬المثقفين ‬فى ‬بعض ‬القنوات ‬التلفزيونية ‬مثلما ‬كان ‬يحدث ‬فى ‬الماضي، ‬وبالتالى ‬أصبحت ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعي، ‬هى ‬الوسيلة ‬الوحيدة ‬التى ‬بات ‬المثقف ‬يخاطب ‬من ‬خلالها ‬الجمهور، ‬ونحن ‬نحاول ‬بذل ‬المجهود ‬فى ‬هذه ‬المسألة. ‬
أما ‬بخصوص ‬ظهور ‬كتاب ‬على ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعى ‬بصورة ‬مفاجأة ‬نتيجة ‬تنفيذ ‬حملات ‬دعائية ‬لصالحهم، ‬فأنا ‬لا ‬أعتقد ‬أنهم ‬قادرون ‬على ‬الاستمرار، ‬فأى ‬شيء ‬موجه ‬لا ‬يمكن ‬أبدا ‬أن ‬يبقى، ‬ولا ‬أتصور ‬أن ‬هناك ‬كاتباً ‬‮«‬حقيقيا‮»‬ ‬يقدم ‬على ‬فعل ‬مثل ‬هذه ‬الأمور، ‬فالكاتب ‬ليست ‬مهمته ‬أن ‬يخرج ‬أعمالا ‬أدبيا ‬لتناسب ‬‮«‬السوق‮»‬، ‬فأنا ‬منعت ‬أعمالى ‬لمدة ‬10 ‬سنوات ‬ولم ‬أستطع ‬النشر ‬طوال ‬تلك ‬السنوات، ‬إلا ‬أننى ‬لم ‬أكتب ‬وقتها ‬ما ‬يريده ‬‮«‬السوق‮»‬، ‬وقد ‬كنت ‬أشارك ‬فى ‬الكثير ‬من ‬الفعاليات ‬لإلقاء ‬شعري، ‬وكنت ‬أستخدم ‬وسائل ‬أخرى ‬لنشر ‬أعمالي، ‬من ‬خلال ‬استخدام ‬المغنين ‬لأشعاري، ‬فحين ‬منعت ‬من ‬النشر ‬بقرار ‬من ‬السادات ‬يوم ‬16 ‬أكتوبر ‬1973، ‬إذ ‬إن ‬آخر ‬قصيدة ‬نشرتها ‬كانت ‬‮«‬الحرب ‬لسه ‬فى ‬أول ‬السكة‮»‬ ‬وقد ‬كتبتها ‬حين ‬كنت ‬مجندا، ‬ونشرت ‬فى ‬جريدة ‬الجمهورية ‬يوم ‬8 ‬أكتوبر، ‬ومن ‬حسن ‬حظى ‬أن ‬عدلى ‬فخرى ‬قام ‬بتلحينها، ‬وكذلك ‬الشيخ ‬إمام، ‬وأحمد ‬الشابوري. ‬ورغم ‬ما ‬تعرضت ‬له ‬إلا ‬أننى ‬لم ‬أكتب ‬ما ‬يريده ‬‮«‬السوق‮»‬ ‬فى ‬تلك ‬الفترة، ‬لذلك ‬على ‬الكاتب ‬الحقيقى ‬ألا ‬يلتفت ‬لمثل ‬هذه ‬الأمور ‬التى ‬تحدث ‬على ‬وسائل ‬التواصل ‬الاجتماعى.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.