آن الأوان لتطل علينا الحياة بوجه جميل كامرأة ناصعة البياض كالثلج بعد أشهر من عناء وملل الصيف الحار، فالشتاء له جانب جمالى وشاعرى يرتسم على كل مظاهر الحياة ويميزه عن باقى الفصول، فالحديقة التى لا تبدو جميلة فى الشتاء، هى ليست جميلة فى الأساس. أهلا بملهمة الشعراء، الوقت الذى يحتفل فيه الجميع بالحياة وموسم التغيير وتميل فيه النفس للجلوس والتأمل وقضاء وقت فى المنزل واحتساء فنجان من القهوة والشاى.. بعد انقضاء شهر نوفمبر المثالى، ومع وصول أولى نسمات الهواء البارد الجميل لينعش الإحساس ويداعب الخيال الدافيء ويحرك الذكريات. حسناء الشتاء، وفى جمالها تغنى الشعراء واستهلموا أحلى الأنغام، أصل الحب والسحر هو الطبيعة والجمال؛ أصل الجيتار كان شجرة دافئة تلتف حولها العصافير فتعلمت أجمل الموسيقى والألحان. حسناء الشتاء سخية تروى عطش الروح والنبات .. ما أجمل أن يشعر بنا السحاب فى نقاءه و علياه، وتلمس أرواحنا قطرات السماء، والزرع يحن لقطرات الأمطار ليزداد بسحرها جمال.. حتى شمسها باسمة ودافئة.. ما أجمل طلة الصباح و حلاوة خفة ظلها والغمام. هادئة فى جمالها.. و حتى حين يشتد طبعها بصوت الطبيعة وحسيس الأمطار وحفيف الأشجار؛ قسوتها وطول ليلها لا تعنى غياب الوئام؛.. لا نشعر بقسوتها إلا فى غياب الوئام، بل وسطية تكسوها بلاد الشرق بالاعتدال.. وبردها دفء وسلام وجمال الغيث المنزل من السماء بماء الطهر والخير والرخاء.. فتغتسل الدنيا ويغسل القلب والنفس وتسعد الكائنات.. هو إحساس الفطرة النقية والحياة .. تتجلى في معناه قدرة الخالق الذى أوجد الحياة وخلق الإنسان من طين وماء.. البديع الرحيم الرحمن الحنان المنان ذو الجلال والإكرام هكذا الحياة.. تتقلب المواسم ويغير الزمن أوراقه ومن شكل الإنسان والطبيعة، ولا يغير الزمن من طبع ومعدن الإنسان، لكن فى الواقع.. إن الشخص لا يتغير إلا إذا لامس الأعماق .. وقد تصقله الأزمات لتخرج أفضل ما فيه .. تمر المواسم و تنقضى الأعوام، لكن الزمن هو الزمن لا يتغير.. ولكل وقت جماله، فالطفولة هى الخيال والمرح والخصوبة، والشباب هو الحرية والربيع والجمال، والخريف هو المثالية والعظمة وخبرة الحياة. كم هى ملهمة النهايات والبدايات.. حين تضع نقطة فى نهاية كل قصة وفى آخر السطر وتفتح صفحة جديدة.. هناك أشخاص ومواقف كالدرس لتتعلم.. وأشخاص كالشمس بهم تشرق الحياة.. و أهم ما فى الرحلة و الطريق هو الرفيق، أما التجارب والشخصيات العابرة هى للتعلم.