أكد عضو لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الشورى السعودي د. زهير الحارثي أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر هي إشارة لعودة فاعلة للمحور السعودي المصري لقيادة الأمة العربية. وشددعلى أن المساس بأمن مصر أو السعودية هو مساس بالأمن القومي العربي ، مشيرا إلى أن السعودية تقف مع القيادة المصرية بزعامة الرئيس السيسى وتحترم خيارات الشعب المصرى وتدعمه سياسيا وماديا لتقوم مصر بدورها الطليعى الذى يعرفه الجميع، وأوضح أن السعودية تشعر بوجود محاولات لتشويه الدور المصرى ومحاولة سحب البساط من القاهرة من قبل أطراف ودول إقليمية، وقال: إن السعودية ترفض ذلك بشدة ولا تقبل به لقناعتها بأن ذلك سيؤدى حتما إلى اختلال فى موازين القوى وإليكم نص الحوار: ما أهم دلالات زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر فى هذا التوقيت؟ الزيارة محملة بكثير من الدلالات والأبعاد، فهى رسالة دعم وانحياز ومساندة واضحة وقوية لجمهورية مصر الشقيقة لا سيما فى هذه الفترة التى تشهد تطورات للأحداث، وهى تأكيد أيضا لخصوصية العلاقة ما بين السعودية ومصر كونها تصادم كل الترهات التى يطرحها البعض فيما يتعلق بطبيعة العلاقة ما بينهما. الرهان على الاصطياد فى الماء العكر تحت أى ذريعة ما هو إلا وهم، فالعلاقات بين البلدين تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، فضلا عن أن المساس بأمن مصر او السعودية هو مساس بالأمن القومى العربى.فى هذا السياق تأتى زيارة خادم الحرمين الشريفين بمثابة تأكيد لهذا المسار فى الانطلاق من تأمين الدائرة العربية وبعث رسالة للقوى الإقليمية فى المنطقة من أن مصر ستبقى ملتزمة بهويتها وعروبتها وإسلامها المعتدل ولذلك كان من المهم ان تكون مصر عضوا فى التحالف العربى وكذلك التحالف العسكرى الإسلامى لاعتبارات يطول شرحها. تاريخية العلاقات كيف ترون طبيعة العلاقات التاريخية التى تربط مصر بالسعودية؟ وما أهم المواقف التاريخية للبلدين التى تتوقف أمامها كثيرا؟ التفرد الذى تحظى به العلاقة السعودية المصرية لا يشبه طبيعتها مع مثيلاتها من الدول الاخرى وهو ما قد يغيب عن كثيرين ذلك ان هناك ارتباطات متشعبة يختلط فيها الروحى بالثقافى بالاجتماعى بالاقتصادى. منظومة من وشائج التواصل وسلسلة من الدوائر تكرس عمق العلاقة التاريخية ونستحضر هنا صفحات مضيئة فى تاريخنا المعاصر كما حدث فى عامى 1973 و1990، 2012 وغيرها حينما شهدت آنذاك تحالفا سعوديا - مصريا عكس حقيقة مفهوم التضامن العربى وبامتياز. كيف تسهم إبرام نحو ١٧ اتفاقية بين البلدين فى توقيت واحد فى إحداث نقلة نوعية فى العلاقات ؟ هذه الاتفاقيات ليست للاستهلاك الإعلامى. هى ترجمة لحيوية العلاقة وتعبير عن الإرادة السياسية لقادة البلدين وانعكاس لحجم التعاون الوثيق. فالعلاقات الودية والمشاعر الأخوية لا شك انها مهمة ولكنها لا تلبث ان تتلاشى ما لم يتم توظيفها والاستفادة منها لمصلحة ومنفعة البلدين.إن الزيارة هى أيضًا اشارة لعودة فاعلة للمحور السعودى - المصرى لقيادة الأمة العربية، ودليل قدرة ارادة واضحة على الارتقاء بالعلاقة ما يدفع باتجاه تنشيط العمل العربى المشترك. وهل ترى أن العلاقات المصرية السعودية ستنتقل من مرحلة التنسيق والتعاون إلى مرحلة التكامل ؟ أتمنى ذلك.. بطبيعة الحال ان ارتهنا للواقع فهذا ليس مستحيلا خاصة والعوامل متوفرة لتهيئة هذا المناخ الإيجابى. هناك أفكار وخطط كثيرة لكن اللافت فى العلاقة الراهنة انها صبت كل ذلك ضمن اطر واليات إجرائية تسعى للوصول للهدف المراد تحقيقه. مثلا مجلس تنسيقى ولجان مشتركة وجداول زمنية ولقاءات دورية وكلها أدوات فاعلة تدفع طبيعة التعاون من علاقة ثنائية تبادلية الى شراكة ضخمة ومنتجة وهذا ما يطمح اليه الجميع كما اتصور. أصوات نشاز حاول البعض من هنا وهناك النيل والتشكيك فى العلاقات المصرية السعودية على مدار أكثر من عام كامل... كيف ترد هذه الزيارة على أمثال هؤلاء؟ وما هى توقعاتكم لموقفهم الآن؟ للأسف هناك أصوات نشاز ولها مصلحة رغبوية او فئوية واجندة معينة فى الإساءة الى العلاقات او تأجيج اختلاف وجهات النظر ومحاولة الإيحاء بان الأمور تتجه الى فتور وربما قطيعة. الشيء المفرح ان تلك الأساليب لم تعد تنطلى على أحد. ويبدو ان محاولاتهم باءت بالفشل بدليل هذه الزيارة الملكية التى تأتى فى سياق إعادة بناء منظومة العمل العربى المشترك. هذه الزيارة تقطع الطريق على من أمعنوا فى التصيد لإعطاء انطباع بوجود خلافات تهدد العلاقة بين البلدين وبالتأكيد هم يشعرون بالإحباط ويجرون خيبة الامل لفشل مخططاتهم. ما افضل الوسائل التى ترونها لقطع الطريق أمام المشككين فى العلاقات بين البلدين ؟ اعتقد ان الحوار والتواصل والتنسيق وترتيب الأولويات والتعاون الجاد والزيارات كلها تعزز حيوية العلاقة وتجدد فاعليتها والاهم من كل ذلك عدم الحساسية المفرطة من اختلاف وجهات النظر لا شك ان هناك اطراف لا تميل للتقارب الحالى بين القيادتين والدولتين ويتقدمهم الاخوان ومؤيديهم فى العالم العربى ومن يقف معهم ويدعمهم والذين كرسوا هذا الإيحاء محاولين تضخيم وتهويل اختلاف وجهات النظر حول ملفات معينة. مصر تقدر مكانة المملكة الروحية ودورها الإقليمى وعمقها العربى وتأثيرها الدولى، وتصريحات الرئيس السيسى تعكس تقديرا لقيادة المملكة ومواقفها العروبية والإنسانية مع الشعب المصرى منذ عقود والى ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يوليو، كون دعمها القاهرة سياسيا وماديا يساعدها لتعود لموقعها الطبيعى. والسعودية تقف مع القيادة المصرية بزعامة الرئيس السيسى وتحترم خيارات الشعب المصرى وتدعمه سياسيا وماديا من اجل ان تقوم مصر بدورها الطليعى الذى يعرفه الجميع. وفى هذا السياق أقول انه فى ظل تغير قواعد اللعبة الدولية وإعادة تموضع للسياسة الدولية فى المنطقة المؤمل ان يصل الزعيمان وفى هذا الوقت تحديدا إلى رؤية تُعيد صياغة ترتيب الأولويات بما يحمى الامن القومى العربى ويواجه الإرهاب فتوافق الرياضوالقاهرة فيما بينهما على حزمة المصالح ونوعية التهديدات يعنى بناء تكتل قادر على التعاطى مع التحديات الراهنة. طبيعة الشعبين كيف تردون على من يقولون أن العلاقة بين مصر والسعودية تقوم على «خد وهات» ؟ هؤلاء فى تقديرى بحاجة الى قراءة دقيقة ومتأنية للتاريخ ومعرفة خفايا المواقف الإيجابية للبلدين وفهم طبيعة الشعبين العلاقات السعودية -المصرية.أسلوب المقايضة قد ينجح لعلاقة دولة بأخرى ولكن فى الحالة السعودية المصرية فان الامر يتجاوز هذه الدائرة بكثير ليس لأنه لا توجد مصالح تبادلية بل لان على عاتقهما أدوار كبيرة تستوجب عليهما النهوض بها من اجل مصالح الامة العربية. بات التحالف السعودى المصرى ضرورة استراتيجية لحماية القضايا العربية ومواجهة المشاريع التى تحاك فى المنطقة فضلا عن مواجهة الإرهاب. طبعا ليس سرا ان علاقاتهما شهدت تاريخيا بعض التوتر فى بعض المراحل الا انها لم تدم طويلا لإصرار القيادات السعودية والمصرية على تجاوز كل الأزمات لقناعتهم الراسخة أن ما يجمع بين البلدين اقوى وأكبر بكثير من حيز الاختلاف. ولعل القراءة السياسية للزيارة تشى بعزم البلدين نحو بناء رؤى وتفاهمات وخيارات إستراتيجية إزاء همومنا العربية، فالتحديات مشتركة والمخاطر تتفاقم وكلاهما مستهدفان.وعند تأمل الوضع الإقليمى تلحظ بأنه يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية وتسارع المتغيرات ما يحتم التعاطى معها ومواجهتها ببلورة رؤية استراتيجية لا سيما فيما يتعلق بملفى الأمن القومى العربى الإرهاب. ولذا فالسعودية تشعر بان هناك محاولات لتشويه الدور المصرى ومحاولة سحب البساط من القاهرة من قبل أطراف ودول إقليمية، ما يجعلها ترفض ذلك بشدة ولا تقبل به لقناعتها بأن ذلك سيؤدى حتما إلى اختلال فى موازين القوى، فضلا عن جهودها فى القضية الفلسطينية لأنه لا بديل عنها فى هذه المسألة، ناهيك انه لا يوجد من يمتلك مقوماتها وتوازنها فى المنطقة سواء فى علاقتها مع إسرائيل أو مع الأطراف الفلسطينية، ما يجعل دعم الدبلوماسية المصرية وفى هذا الوقت تحديدا ضرورة استراتيجية لاستقرار المنطقة ودول الخليج تحديدا. الشفافية والمصارحة ما ألآليات التى ترونها مناسبة لمواجهة أى تحديات أو عقبات أمام تسهيل التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين ؟ مزيد من الشفافية والمصارحة ومزيد من اللقاءات والزيارات والاجتماعات. اللقاء المباشر بين المسؤولين له فعل السحر فى تجاوز المعوقات والعراقيل. هناك مقومات مهولة لدى البلدين لم يُستفد منها ولم تُستغل بعد بسبب إجراءات روتينية بيروقراطية عقيمة لاسيما فى المجالين الاقتصادى والاستثمارى. لا أتصور ان هناك بلدين لديهما من الأدوات والعوامل الضخمة لعلاقة فريدة ومميزة كما للسعودية ومصر. الحقيقة ان وضع رؤية شاملة للتعاون المثمر بين البلدين فى كل المجالات خطوة فى الاتجاه الصحيح والمطلوب البناء عليها لمرحلة الشراكة والتكامل الحقيقى. هل ترى أن العلاقات المصرية السعودية تتمتع بتحصينات فولاذية فى ظل اى تباين يحدث فى وجهات النظر ؟ رغم ان العلاقات السعودية -المصرية قد شهدت تاريخيا بعض التوتر فى بعض المراحل الا انها لم تدم طويلا لإصرار القيادات السعودية والمصرية على تجاوز كل الأزمات لقناعتهم الراسخة بأن ما يربط الشعبين من منظومة مجسدة فى علاقات دينية وثقافية وتاريخية قادرة على الوقوف فى وجه ما يثيره المتربصون، واصوات المشككين. هذه الزيارة تقطع الطريق على من أمعنوا فى التصيد لإعطاء انطباع بوجود خلافات تهدد العلاقة بين البلدين. لا شك ان الاخوان فى العالم العربى ومن يقف معهم ويدعمهم كرسوا هذا الإيحاء محاولين تضخيم وتهويل اختلاف وجهات النظر حول ملفات معينة. كيف تنظر القاهرة إلى الرياض فى ظل المتغيرات والتحديات الكبرى التى تحيط بالمنطقة بأكملها ؟ مصر تقدر مكانة المملكة الروحية ودورها الإقليمى وعمقها العربى وتأثيرها الدولى، وتصريحات الرئيس السيسى تعكس تقديرا لقيادة المملكة ومواقفها العروبية والإنسانية مع الشعب المصرى منذ عقود والى ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يوليو، كون دعمها القاهرة سياسيا وماديا يساعدها لتعود لموقعها الطبيعى. المتأمل فى الوضع الإقليمى يلحظ بأنه يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية وتسارع المتغيرات ما يحتم التعاطى معها ببلورة رؤية استراتيجية لا سيما فيما يتعلق بملفى الأمن القومى العربى، والإرهاب هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى التعاطى الأمريكى مع قضايا المنطقة قصة أخرى ولكنه بالتأكيد عامل مهم يدفع الدول العربية لتعتمد على ذاتها لاسيما أن واشنطن لم تعد ذلك الحليف الذى يعتمد عليه. كيف رأيتم مصر فى التحالفات التى قادتها السعودية مؤخرا وما أهم الرسائل التى توجهها التحالفات ؟ كان من المهم ان تكون مصر عضوا فى التحالف العربى وكذلك التحالف العسكرى الإسلامى ، السعودية جمعت فى هذا التحالف 40 دولة من ضمنها تركيا، ونستطيع ان نقول ان الرياض تسعى لتفعيل هذا التحالف ليقف سدا منيعا امام تمدد المشروع الإيرانى الذى بدأ يتراجع فى اليمن ويترنح فى سورية. صحيح ان المهمة ليست يسيرة وتحتاج إلى جهد كبير فعلى سبيل المثال هناك بعض الدول المشاركة لديها مواقف سياسية معينة من بعضها البعض ما قد يعطل التعاون الفعلى، ناهيك عن تصنيف هذه الجماعة أو تلك من كونها تنظيماً إرهابياً أم لا. ومع ذلك هناك من يرى السعودية بقيادة الملك سلمان قادرة على لم الشمل وربما قد تبادر إلى تقريب وجهات النظر وحل الخلاف. هل تقصد بأن السعودية ستقوم بمصالحة ما بين مصر وتركيا فى المرحلة المقبلة ؟ لا شك ان التقارب المصرى - التركى أولوية سعودية فى تقديرى كونه يدفع بتوحيد الصف ومواجهة ما يحاك من مشروعات تستهدف العالمين العربى والإسلامى. ونراهن هنا على موقعية السعودية وفاعلية دورها بانفتاحها على الجميع ما يساهم فى حلحلة الازمات التى تعيشها المنطقة