القي الأخ الرئيس مرسي خطابا رسميا في ذكري ثورة يوليو،حاول الأخ الرئيس أن يبدو موضوعيا بالحديث عن انجازات واخفاقات الثورة وركز في حديثه علي التعثر في بناء الديمقراطية، لكنه لم يذكر شيئا عن أسباب هذا التعثر. بمنطق العصر كانت معظم الدول الحديثة والاستقلال تريد تعويض سنوات التخلف الذي فرضه الاستعمار، وكانت تري ان حشد الجهود في تنظيم سياسي واحد قد يساعد في الاسراع علي طريق التنمية وبناء الدولة. لكن ذلك لم يكن كل شيء في مصر. كانت تلك هي سنوات الجمر التي لم تتوقف فيها الحرب التي خاضتها امريكا لضرب الثورة واسقاط نظامها، والتي استخدمت فيها امريكا كل الوسائل.. والحصار الاقتصادي الي الضغوط السياسية الي التآمر العسكري، الي تحريك اسرائيل، الي تجنيد الحلفاء في الخارج والعملاء في الداخل. وكانت تلك هي سنوات النضال العربي من أجل التحرر والنهضة والوحدة، وكانت مصر في مكانها الطبيعي مع الشعوب العربية، بينما كانت بعض الأنظمة العربية تقف في مواجهة شعوبها وتنحاز للاستعمار وتتآمر علي مصر وثورتها! وكانت دول اسلامية حاضرة في هذه الحرب غير المقدسة علي ثورة يوليو، وكان الاستعمار يجمع تركيا وايران في عهد الشاه وباكستان في حلف »إسلامي«!! لحصار مصر وثورتها ولاجهاض الحركة القومية العربية. يعرف الأخ الرئيس كل ذلك، ويعرف ان المعركة في الداخل لم تكن أقل ضراوة. كانت الثورة تنفذ مشروعها الوطني.. تحقق الاستقلال وتستعيد قناة السويس، وتبني السد العالي، وتبدأ النهضة الصناعية، وتعيد الكرامة لملايين المسحوقين من العمال والفلاحين، وتقيم العدل الاجتماعي وتنحاز للفقراء في هذا الوطن. وكان علي الثورة ان تواجه اعداء هذا المشروع الوطني في الداخل أيضا. كان هناك كبار الملاك الرافضين لتوزيع الأرض علي الفلاحين.. وكان هناك من رفضوا ان توزع ثورة الوطن علي ابنائه بالعدل. وكان هناك من اعتبروا الانحياز للفقراء جريمة، ومن افتوا بأن القرارات الاشتراكية كفر والحاد. وكان هناك الاخطر. الفاشيون الذين رفعوا السلاح ضد الدولة وحاولوا اغتيال رئيسها وخططوا لنسف كل المنشآت الحيوية في البلاد!! لم يكتمل المشروع الوطني ليوليو، ورحل عبدالناصر ليتم الانقلاب علي الثورة. وفي سنوات الانقلاب ضاع الاستقلال، وفقد الفقراء ما تحقق لهم. واستعادت قوي التخلف مواقعها. انتشر الفساد وساد اليمين. ضاع العدل ولم تتحقق الديمقراطية. وها نحن بعد ثورة يناير نواجه السؤال الذي طرحه عبدالناصر: كيف نحرر رغيف الخبز وصندوق الانتخابات معا؟! ما حدث في الانتخابات التي جاءت ببرلمان الزيت والسكر يؤكد ان السؤال مازال صحيحا، وان علينا جميعا أن نجد الاجابة.