في مقال له منذ ما يقرب من نصف قرن كتب يقول:» قد تظهرنا المرايا بوصفنا شعب الله المختار، وقد تظهرنا بوصفنا ورثة لتراث عظيم لسنا جديرين به،أما النوافذ فقد تفتح أمامنا عالماً يموج بالفرص وبالأمل، أو قد تظهر لنا عالماً من الأخطار والعداوات التي تتربص بنا في كل خطوة،ومن خلال تداخل المرايا والنوافذ نحدد علاقتنا بالذات وبالآخر».هكذا، لا ينبغي لك تضخيم الذات وتصغير الآخر، ولا تكريس عجزك الإنساني في مقابل تفوقه المفترض، وإنما يأتي موقفك من الذات والناس والوجود من خلال رؤية عقلية متوازنة وموضوعية، ولعل هذا ما قصده د. إسماعيل سراج الدين بما كتب. وللمرايا في تراثنا الثقافي حضور مميز كما للنوافذ، ولقد عالج الأمر بعد سراج الدين بسنوات الناقد الكبير د. عبدالعزيز حمودة »1937-2006» في كتابيه »المرايا المحدبة»، و»المرايا المقعرة نحو نظرية نقدية عربية»، في المرايا المحدبة، فإن المرء لا يري غير ذاته المتضخمة، فيظن أنه أنجز ما لم ينجزه أحد ويتصاغر في نظره الآخرون، وفي المقعرة، تصغر صورته فيشعر بضآلة حجمه تجاه الآخر، وينصاع له أو لنتاجه الفكري كما التابع مسلوب الإرادة.عبدالعزيز حمودة الذي أشغل مكتبه ومقعده اللذين شغلهما من قبل في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حين كان رئيساً لها، كانت رؤيته متجهة بالأساس نحو النقد والأدب العالمي، وإن لم تخل من تماس وتقاطع مع رؤية ثاقبة، كما سراج الدين، للثقافة والفكر والمعرفة وشُغْل العقل. أما عن النوافذ، نوافذ العقل والفكر والمعرفة، فلعل المفكر والناقد العالمي الكبير إدوارد سعيد »1935-2003» الذي ربما التشابه في تجربته وتكوينه مع المفكر الكبير إسماعيل سراج الدين أكبر مما يمكن حصره، لولا تفوق جانب العلوم التجريبية لدي سراج الدين، أقول إن إدوارد سعيد حاول كما سراج الدين فتح نوافذ للرؤية لم تكن معبدة من قبل، فقد تجاور فيها وتكامل البعد والتكوين العربي مع الأنجلوساكسوني، ليفتح نافذة للرؤية تتحلل من قيود الهوية وإن احتفظت بعمقها ومعانيها، لتتجاوز حدود الخصوصية المعرفية والثقافية نحو اعتناق رؤية إنسانوية Humanistic وظفت أفكار عصر التنوير واستخدمت الميراث الفكري للغرب في كشف وهم تفوقه علي ما عداه من ثقافات وأفكار. إنها نوافذ إدوارد سعيد التي توجه رؤيته للعيش والوجود والثقافة الإنسانية الواحدة مهما تعددت وتكاملت روافدها، ولعلها هي نفسها رؤية إسماعيل سراج الدين التي أهلته ليجعل من مكتبة الإسكندرية كما يقول دائماً »نافذة مصر علي العالم، ونافذة العالم علي مصر». ألم أقل لك من قبل ان للمرايا كما للنوافذ حضور مميز في تراثنا الثقافي المعاصر. وهكذا هي المرايا والنوافذ في حضارة العلم والفكر والثقافة، ولم تكن السياسة يوماً في مبعدة عنهما، إذ كانت حاضرة تطل علي استحياء وفي تردد تبحث بينهماعن مكان لها أو ظلال، إذ السياسة وفي كل المرايا ومن كل النوافذ،ماهي إلا منتج ثقافي في مظانها الأولي، وعليها أن تحل مشكلاتها المجتمعية علي أسس ثقافية لاتهاويم ومغالطات كما هو حالها في بلادنا. ومن أجل ذلك، كنا في ضيافة مكتبة الإسكندرية المبهرة بفضل جهد وفكر رئيسها الفذ إسماعيل سراج الدين، اتفق أو اختلف معه أو عليه، لكنه قيمة مصرية تضع أقدامها علي أرض المكتبة وتتطاول معها الأعناق لتجاوب آفاق الفكر والمعرفة العالمية، كنا زمرة من المهمومين بالعلم والفكر والثقافة، من المجلس الأعلي للثقافة، والمجمع العلمي، ومجمع اللغة العربية، لجنة الثقافة العلمية، ولجانها الفرعية. تحلق حول سراج الدين صاحب الدعوة باعتباره مستشار رئيس الوزراء للثقافة والعلوم والفنون كوكبة من الكبار أعضاء مجامع الخالدين والخبراء، منهم الأساتذة الدكاترة: حافظ شمس الدين عبد الوهاب، محمد عبدالرحمن الشرنوبي، نبيل علي، مصطفي فهمي، محمد رجائي الطحلاوي، سامية عبدالوهاب، ليلي موسي، ماجدة عبد العزيز، سامية سند، عبد العزيز كمال، منير أبوالعلا، وأ. أشرف عبدالرءوف، ولظروف صحية ألمت به غاب عنا بالجسد وكان معنا بروحه الوثابة وعطائه الذي لاينفد المثقف الكبير أ.د. محمود المناوي المقرر الحالي للجنة الدائمة للثقافة العلمية بالمجلس الأعلي للثقافة، وكان معنا من هيئة المكتبة ومستشاريها ومديريها قامات رفيعة مثل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي عضو المجمع العلمي وزير العدل الأسبق، والدكتور يسري الجمل وزير التعليم الأسبق، د. محمد الفحام، د.خالد عزب، د. ياسر الشايب، د. هشام جابر، وغيرهم ممن يشتعلون نشاطاً وحركة فاعلة من خبراء اللغويات والصوتيات والترجمة الحاسوبية التي تفوقت فيها المكتبة علي برامج جوجل العالمية، في الترجمة من العربية وإليها من لغات العالم عبر الوسيط اللغوي الحاسوبي UNL. استضافنا سراج الدين لوضع تصور لخطة عمل نشر الثقافة العلمية عبر كل مجامعنا وجمعياتنا العلمية والثقافية، إذ الثقافة العلمية في الأساس منهج وطريق في التناول لايعرف للخرافة أوالتعصب طريقاً، ولعلها هي السلاح الأمضي في مواجهة التخلف والتطرف والعدوانية. الثقافة العلمية مرآة طبيعية لا تعرف التهويل ولا التهوين، ولا تقيس بمعايير التقعير والتحديب فتغيب عن مجتمعها حقيقة الأحجام والمقاييس الطبيعية للناس والأشياء والأفكار والبرامج. الثقافة العلمية هي طريقنا لتعبيد طرائق الفكر والمعرفة والتفكير بالاستنارة والعقل. هي مرآتنا المتعادلة لذواتنا وللآخر مهما كانت معاملات اختلافه وتنوعه، وهي نافذتنا التي تتسع للرؤية المنصفة، تنشد مجتمع المعرفة والمعلوماتية بما تعنيه من ضوابط العقل والفكر وموضوعية التناول بلا تحيز أو تعال أو تضاؤل، وهي التي تساعدنا علي تجاوز الأفق المعرفي الضيق والنسق الشعبوي المحدود للدين والعلم ومعطيات العصر، وتنفتح علي الأفق الأوسع للفكر الإنساني في مظانه الأرحب. الثقافة العلمية هي وسيلتنا لقراءة الواقع المعيش وفهم تحدياته والتطلع لآفاق مستقبلية أبعد. الثقافة العلمية هي الحد الفاصل فيما يمكن اعتباره مطلقاً وماهو نسبي بالأساس، والذي يمكن من خلاله فهم أبعاد المجتمع العلمي الجديد كما ننشده في آلياته ونواتجه ومعطياته وتوجهات سياساته. لقد تحول العالم في العقود الثلاثة الأخيرة من الأيديولوجيا إلي التكنولوجيا، ولا سبيل لنا لفهم ذلك العالم الجديد إلا بالثقافة العلمية التي وحدها تمكننا من العيش فيه والبقاء جزءاً من سياقه المتقدم ومنظومته الفاعلة. وعلي السياسة إذا أرادت حل مشاكلها، أن تستجيب للعلم، ولا وسيلة للجمع بينهما دون مرايا توسع من دوائر الرؤية، ونوافذ تفتح آفاقاً للأمل وتجنبنا المخاطر والعداوات. في مقال له منذ ما يقرب من نصف قرن كتب يقول:» قد تظهرنا المرايا بوصفنا شعب الله المختار، وقد تظهرنا بوصفنا ورثة لتراث عظيم لسنا جديرين به،أما النوافذ فقد تفتح أمامنا عالماً يموج بالفرص وبالأمل، أو قد تظهر لنا عالماً من الأخطار والعداوات التي تتربص بنا في كل خطوة،ومن خلال تداخل المرايا والنوافذ نحدد علاقتنا بالذات وبالآخر».هكذا، لا ينبغي لك تضخيم الذات وتصغير الآخر، ولا تكريس عجزك الإنساني في مقابل تفوقه المفترض، وإنما يأتي موقفك من الذات والناس والوجود من خلال رؤية عقلية متوازنة وموضوعية، ولعل هذا ما قصده د. إسماعيل سراج الدين بما كتب. وللمرايا في تراثنا الثقافي حضور مميز كما للنوافذ، ولقد عالج الأمر بعد سراج الدين بسنوات الناقد الكبير د. عبدالعزيز حمودة »1937-2006» في كتابيه »المرايا المحدبة»، و»المرايا المقعرة نحو نظرية نقدية عربية»، في المرايا المحدبة، فإن المرء لا يري غير ذاته المتضخمة، فيظن أنه أنجز ما لم ينجزه أحد ويتصاغر في نظره الآخرون، وفي المقعرة، تصغر صورته فيشعر بضآلة حجمه تجاه الآخر، وينصاع له أو لنتاجه الفكري كما التابع مسلوب الإرادة.عبدالعزيز حمودة الذي أشغل مكتبه ومقعده اللذين شغلهما من قبل في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حين كان رئيساً لها، كانت رؤيته متجهة بالأساس نحو النقد والأدب العالمي، وإن لم تخل من تماس وتقاطع مع رؤية ثاقبة، كما سراج الدين، للثقافة والفكر والمعرفة وشُغْل العقل. أما عن النوافذ، نوافذ العقل والفكر والمعرفة، فلعل المفكر والناقد العالمي الكبير إدوارد سعيد »1935-2003» الذي ربما التشابه في تجربته وتكوينه مع المفكر الكبير إسماعيل سراج الدين أكبر مما يمكن حصره، لولا تفوق جانب العلوم التجريبية لدي سراج الدين، أقول إن إدوارد سعيد حاول كما سراج الدين فتح نوافذ للرؤية لم تكن معبدة من قبل، فقد تجاور فيها وتكامل البعد والتكوين العربي مع الأنجلوساكسوني، ليفتح نافذة للرؤية تتحلل من قيود الهوية وإن احتفظت بعمقها ومعانيها، لتتجاوز حدود الخصوصية المعرفية والثقافية نحو اعتناق رؤية إنسانوية Humanistic وظفت أفكار عصر التنوير واستخدمت الميراث الفكري للغرب في كشف وهم تفوقه علي ما عداه من ثقافات وأفكار. إنها نوافذ إدوارد سعيد التي توجه رؤيته للعيش والوجود والثقافة الإنسانية الواحدة مهما تعددت وتكاملت روافدها، ولعلها هي نفسها رؤية إسماعيل سراج الدين التي أهلته ليجعل من مكتبة الإسكندرية كما يقول دائماً »نافذة مصر علي العالم، ونافذة العالم علي مصر». ألم أقل لك من قبل ان للمرايا كما للنوافذ حضور مميز في تراثنا الثقافي المعاصر. وهكذا هي المرايا والنوافذ في حضارة العلم والفكر والثقافة، ولم تكن السياسة يوماً في مبعدة عنهما، إذ كانت حاضرة تطل علي استحياء وفي تردد تبحث بينهماعن مكان لها أو ظلال، إذ السياسة وفي كل المرايا ومن كل النوافذ،ماهي إلا منتج ثقافي في مظانها الأولي، وعليها أن تحل مشكلاتها المجتمعية علي أسس ثقافية لاتهاويم ومغالطات كما هو حالها في بلادنا. ومن أجل ذلك، كنا في ضيافة مكتبة الإسكندرية المبهرة بفضل جهد وفكر رئيسها الفذ إسماعيل سراج الدين، اتفق أو اختلف معه أو عليه، لكنه قيمة مصرية تضع أقدامها علي أرض المكتبة وتتطاول معها الأعناق لتجاوب آفاق الفكر والمعرفة العالمية، كنا زمرة من المهمومين بالعلم والفكر والثقافة، من المجلس الأعلي للثقافة، والمجمع العلمي، ومجمع اللغة العربية، لجنة الثقافة العلمية، ولجانها الفرعية. تحلق حول سراج الدين صاحب الدعوة باعتباره مستشار رئيس الوزراء للثقافة والعلوم والفنون كوكبة من الكبار أعضاء مجامع الخالدين والخبراء، منهم الأساتذة الدكاترة: حافظ شمس الدين عبد الوهاب، محمد عبدالرحمن الشرنوبي، نبيل علي، مصطفي فهمي، محمد رجائي الطحلاوي، سامية عبدالوهاب، ليلي موسي، ماجدة عبد العزيز، سامية سند، عبد العزيز كمال، منير أبوالعلا، وأ. أشرف عبدالرءوف، ولظروف صحية ألمت به غاب عنا بالجسد وكان معنا بروحه الوثابة وعطائه الذي لاينفد المثقف الكبير أ.د. محمود المناوي المقرر الحالي للجنة الدائمة للثقافة العلمية بالمجلس الأعلي للثقافة، وكان معنا من هيئة المكتبة ومستشاريها ومديريها قامات رفيعة مثل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي عضو المجمع العلمي وزير العدل الأسبق، والدكتور يسري الجمل وزير التعليم الأسبق، د. محمد الفحام، د.خالد عزب، د. ياسر الشايب، د. هشام جابر، وغيرهم ممن يشتعلون نشاطاً وحركة فاعلة من خبراء اللغويات والصوتيات والترجمة الحاسوبية التي تفوقت فيها المكتبة علي برامج جوجل العالمية، في الترجمة من العربية وإليها من لغات العالم عبر الوسيط اللغوي الحاسوبي UNL. استضافنا سراج الدين لوضع تصور لخطة عمل نشر الثقافة العلمية عبر كل مجامعنا وجمعياتنا العلمية والثقافية، إذ الثقافة العلمية في الأساس منهج وطريق في التناول لايعرف للخرافة أوالتعصب طريقاً، ولعلها هي السلاح الأمضي في مواجهة التخلف والتطرف والعدوانية. الثقافة العلمية مرآة طبيعية لا تعرف التهويل ولا التهوين، ولا تقيس بمعايير التقعير والتحديب فتغيب عن مجتمعها حقيقة الأحجام والمقاييس الطبيعية للناس والأشياء والأفكار والبرامج. الثقافة العلمية هي طريقنا لتعبيد طرائق الفكر والمعرفة والتفكير بالاستنارة والعقل. هي مرآتنا المتعادلة لذواتنا وللآخر مهما كانت معاملات اختلافه وتنوعه، وهي نافذتنا التي تتسع للرؤية المنصفة، تنشد مجتمع المعرفة والمعلوماتية بما تعنيه من ضوابط العقل والفكر وموضوعية التناول بلا تحيز أو تعال أو تضاؤل، وهي التي تساعدنا علي تجاوز الأفق المعرفي الضيق والنسق الشعبوي المحدود للدين والعلم ومعطيات العصر، وتنفتح علي الأفق الأوسع للفكر الإنساني في مظانه الأرحب. الثقافة العلمية هي وسيلتنا لقراءة الواقع المعيش وفهم تحدياته والتطلع لآفاق مستقبلية أبعد. الثقافة العلمية هي الحد الفاصل فيما يمكن اعتباره مطلقاً وماهو نسبي بالأساس، والذي يمكن من خلاله فهم أبعاد المجتمع العلمي الجديد كما ننشده في آلياته ونواتجه ومعطياته وتوجهات سياساته. لقد تحول العالم في العقود الثلاثة الأخيرة من الأيديولوجيا إلي التكنولوجيا، ولا سبيل لنا لفهم ذلك العالم الجديد إلا بالثقافة العلمية التي وحدها تمكننا من العيش فيه والبقاء جزءاً من سياقه المتقدم ومنظومته الفاعلة. وعلي السياسة إذا أرادت حل مشاكلها، أن تستجيب للعلم، ولا وسيلة للجمع بينهما دون مرايا توسع من دوائر الرؤية، ونوافذ تفتح آفاقاً للأمل وتجنبنا المخاطر والعداوات.