* كلما هلت الأيام الحميمة المليئة بمشاعر الحب والإيمان أحسست بعمق رسالة محمد عليه الصلاة والسلام وبقيمة البدر الذي طلع علينا * طفت العالم كله تقريبا ما عدا كندا وسيبيريا.. وكلما حللت بلدا لأول مرة أشعر بأنني أملأ العقل والقلب والعين بأشياء جديدة ومشاعر مبهرة تظل ملء الذاكرة أجترها كلما حاصرتني المشاكل. أما المدينةالمنورة فإنني كلما حللتها أشعر أنني أعيش لحظات دخول الرسول الكريم علي ناقته الشهباء وأهل المدينة ينشدون له »طلع البدر علينا» وظللت كلما زرت المدينة أنوي الذهاب إلي ثنيات الوداع ولكن يشغلني العكوف علي الصلاة في المسجد وملء العين والقلب بمشهد قبر الرسول صلي الله عليه وسلم حيث يسرح خيالي إلي حجرة عائشة حيث دفن الجسد الشريف وأظل وأنا بين الصلوات أسرح في حياته صلوات الله عليه في هذا المكان واسترجع الأصوات واسترجع صحابته وخصوصا عمر بن الخطاب الذي سيطرت شخصيته علي خيالي لدرجة أنني وأنا في سن المراهقة كلما داهمني الحب أقارن بين أي رجل وبين عمر بن الخطاب وحينما قلت لزوجي رحمه الله عن هذه المشاعر قال لي: - الحمد لله أنني لست مثل عمر بن الخطاب. - لماذا؟ - حتي لا تتمادي في خيالك في الآخر لتقولي لي يا عمر!! وظلت شخصية عمر بن الخطاب مسيطرة عليّ حتي أنني حينما طلب مني بحث في التاريخ عن شخصية اختارها اخترت شخصية عمر بن الخطاب وقمت بعمل بحث أعجب أستاذ التاريخ في الثانوية العامة لدرجة أنه طلب مني قراءة البحث علي زميلاتي في الفصل. ظلت سيرة الرسول الكريم وللآن مسيطرة علي وجداني وكيف لا وقد حمل هذه الرسالة العظيمة المليئة بتفاصيل الحياة كلها وكأنه كان يريد أن يكون للإسلام مكان عند الناس جميعا وقد تحقق هذا فعلا حتي لمن يختلفون معنا في العقيدة فإن شخصية الرسول الكريم لها عندهم وضع خاص وكلما يسألني أحد: - في أي عصر كنت تتمنين أن تعيشي؟ - أرد في عصر فجر الدعوة لأشارك في هذا العمل العظيم وتلك الحرب الضارية التي تحملها الرسول الكريم والذين كانوا معه حتي انتصروا وأوصلوا لنا هذه الرسالة التي كلما قرأت تفاصيلها أحسست أنها ليست دستور حياة فقط ولكنها أسلوب للتعايش وأسلوب لتنظيم العلاقة بين الإنسان وكل من حوله وصولا إلي علاقته مع خالقه. وأصبحت لي عادة أطلق عليها (تنقية النفس) هي أن أصلي وأقرأ القرآن معتكفة تماما حتي ولو لساعة وحتي لو حدث خلاف بيني وبين أحد ألجأ إلي هذا الأسلوب فأشعر بسكينة وهدوء وأصل لإسلوب في التفكير لا يوصلني للحل فقط بل يوصلني إلي التعايش مع الذين أخطأوا في حقي بعد أن أصل إلي قناعة تامة انهم لم يخطئوا ولكن هذه هي قناعتهم وهذه هي حدود عقلهم وأنهم لا يستطيعون غير ذلك وأن هذه نهاية تفكيرهم وأنهم يعتقدون تماما أن هذا هو الطريق الصحيح لهذا لا سبيل إلي أي مناقشة معهم. وهداني هذا التفكير إلي الحياة بسلام مع الذين يختلفون معي خلافا يصل أحيانا إلي حد العنف فأهدئ من المناقشة حتي أخرج بها إلي منعطف آخر.. أصبحت لا أفكر في اقناع هؤلاء المتعصبين لآرائهم بأي فكر آخر لأن الاقناع في وجهة نظرهم هو الحجر علي رأيهم وأنني يجب أن أقتنع بهذا الرأي وأن أي رأي آخر مخالف يصل إلي حافة الخطأ ولا سبيل للوصول إلي الحقيقة لهذا لا يحدث أبدا أن نصل إلي المقولة المهمة (خلاف الرأي لا يفسد للود قضية) وإنما أصبح خلاف الرأي يصل في وجهة نظر بعض الناس إلي تسفيه آرائهم ومحاولة قهرهم بالرأي الآخر وفي زماننا هذا أصبحت أهيف القضايا وأقل الخلافات تصل بالناس إلي حد العنف في المواجهة وأحيانا في الشباب تصل إلي حد التماسك بالأيدي. وربما كان انفلات الأعصاب هذه الأيام خاضعا لمناخ عام هو عدم الاستقرار وقهر الحياة بالظروف المعيشية الصعبة وهناك حقيقة توصلت إليها هي أن الناس وخصوصا الشباب لم يعد لديهم المقدرة علي التعمق في القيم وأهمية التسامح حتي أن بعض الشباب الذين تحاورت معهم اتهموا التسامح بأنه ضعف!!! وأن التسامح مع من يخطئون معنا هو خضوع لهم بينما المخطئ إنسان لا يستطيع أن يكبح جماح نفسه ومتعصب لرأيه لدرجة الدفاع عن الرأي بصورة عصبية كأنه علي جبهة قتال! ويصبح الرأي والرأي الآخر في مرمي القطيعة أحيانا وقد فكرت في كيفية الوصول إلي أن خلاف الرأي لا يفسد للود قضية وحاولت أكثر من مرة في أكثر من موقف لكن لاحظت أن المجتمعات تغيرت تماما ولم يعد هناك مجالس صلح أو (معلش) أو (علشان خاطري) أصبحت هذه العبارات كأنها تحمل في طياتها ضعفا واجهاضا لموقف ولا أدري لماذا أصبح الكثيرون يمتنعون عن التدخل بين الناس حينما يحتدم الخلاف ويكاد يتحول إلي صدام وما أكثر الخلافات التي تتحول إلي صدامات هذه الأيام وتوصل الأحباء إلي قطيعة وربما لأن كلمة (واحنا مالنا؟) كثرت أيضا هذه الأيام وكذلك (احنا فاضيين؟) ولم تعد الحميمية تحكم العلاقات ولم تعد المسئولية عن سلامة العلاقات موجودة حتي بين الاخوة وأشاهد كثيرا حولي اخوة لا يتكلمون لشهور لخلافات بسيطة ولكن يبدو أن هموم الحياة ومشاغلها لم تعد تبقي للناس مساحة من التسامح ولم تعد العلاقات والزيارات الحميمية موجودة في المجتمع الآن ولابد أن نعاود التفكير وأن نعيد ترتيب حساباتنا كلما احتدم خلاف ونعود كما يقولون لأول السطر أو لبداية الخلاف كما لو أمسكنا خيطا معقدا ونحاول بهدوء أن (نفك هذه العقد) وفكرت لماذا هذا الزهق وترك الأمور والخلافات دون حل؟ لأن المادة أصبحت هي المسيطرة؟ ولم تعد الوجدانيات لها مكان.. وطبعا اختلف الحال واختفت ماديا كلمة (لقمة هنية تكفي مية) و(بصلة المحب خروف) واختفت أشياء كثيرة وعبارات كانت تقوم برأب الصدع في المجتمع. وحتي في السياسة أصبحت الخلافات السياسية بعد أن كانت مناقشات ودية للوصول للحلول للمجتمع أصبحت تأخذ شكل مناقشات عصبية ورغبة عند كل طرف لفرض رأيه أو توجيه حزبه. هذا المناخ ليس في مصر فقط ولكن لاحظته في أماكن كثيرة ولي صديقة أردنية جاءت شقيقتها إلي القاهرة فاشتريت هدية لأرسلها مع شقيقتها فرفضت ولما ألححت عليها قالت: - احنا في قطيعة منذ عامين! - والسبب. - خلافات عائلية. ولم أرد أن أتعمق حتي لا أدخل في إحراج ولكن تعجبت لأنها كان من الممكن أن تأخذ الهدية وترسلها لها دون كلام ولكن يبدو أن القطيعة أصبحت موقفا وليس شأنا مؤقتا وتعجبت أكثر لأن ابنة احداهما متزوجة من ابن الثانية وهذا معناه تمزق شديد الوطأة يصل للأحفاد الذين نعلمهم كلمات (لأ عيب ده انتم اخوات) وتأملت كيف يتربي الأحفاد في هذا المناخ المتوتر وكيف يشعرون بأهمية الرباط العائلي. إنها أشياء صغيرة لا نلتفت إليها ولكنها مثل الموسي تقطع دون أن ندري.بشكل عام أنظر للعلاقات هذه الأيام فأراها شديدة التفسخ كثيرة الخلافات الصغيرة التي تؤدي إلي القطيعة لدرجة أن الاخوة في بيت واحد يحدث خلاف بينهما يؤدي إلي قطيعة ولا يحاول باقي أفراد الأسرة أن يقوموا بأي صلح أو رأب الصدع وقلت لصديقة مختلفة مع شقيقها منذ عام: هل ستظل القطيعة إلي آخر العمر؟ - قالت ببساطة شديدة كانت كالصدمة لي: - يا ستي.. وهو باقي أد إيه في العمر!! لا أدري هل أنا (حساسة زيادة) لأفكر بشدة في هذا التغيير أم أن منكم أحبائي القراء من هم في مثل أسفي علي ما يحدث؟ ربما سني تحكمني أيضا لمروري علي أكثر من عصر. بين أوباما وداعش في تتبع لخطاب الرئيس الأمريكي الأخير وجدت أنه يعرض الخوف من مواجهة داعش بشكل طبيعي جدا وهذا رائع من رئيس دولة في حجم أمريكا لدرجة التوجه لعمل مواجهة عرض فيها عمل تحالف لمحاربة داعش وأن هناك أربعين دولة عرضت الاشتراك في هذا التحالف لمواجهة داعش!! وألقي أوباما الكرة في ملعب الدول الإسلامية حينما قال: مطلوب من المجتمعات الإسلامية رفض الأيديولوجيات المشابهة للقاعدة وحان الوقت للقضاء علي كل المؤامرات التي توجهها هذه التنظيمات للمجتمع ونوه بعنف داعش في قطع الرءوس واستخدام الاغتصاب وأن مواجهة مثل هذه التنظيمات الجديدة تتطلب من الجهد الكثير وتتطلب اتحاد الدول في هذه المواجهة. وتعجبت لكلمات رئيس أكبر دولة في العالم بهذه الجرأة عن داعش وداعش صناعة أمريكية من الألف إلي الياء ودائما تصنع أمريكا المنظمات الإرهابية ولا تدري انها سوف يطولها نيرانها يوما ما ولم تأخذ درسا من هدم برجي التجارة العالمي. ويدافع عن مسلمي أمريكا بقوله: (المسلمون الأمريكيون جزء من نسيج الدولة) أي أنهم لا صلة لهم بهذه التنظيمات. وأتعجب لهذا الأوباما الذي لا يعلم أننا جميعا نعرف حق المعرفة أن كل هذه التنظيمات خرجت من تحت عباءة أمريكا. ان الفكر التآمري انتشر في العالم بالخبرات الأمريكية والتي تريد أن تحكم العالم تآمريا وليس علميا ولا فكريا واللجوء للتآمر هنا وهناك لتفتيت الدول حتي يصل إلي (فرق تسد) فكر لا يصلح لهذا العصر. هذا العصر محتاج إلي تضافر الجهود وتقريب وجهات النظر للوصول إلي عالم يعيش في سلام ولكن يبدو أن أمريكا مازالت تحمل وجدان المدرسة القديمة وتعتقد في قوتها الزائلة فقد ظهرت قوي أخري في العالم فوق يا عم أوباما!! قد ظهرت قوي كثيرة بعضها بالصناعة وبعضها بحفظ السلام وبعضها بالتحالفات كما يحدث في أوروبا الآن ولكن أمريكا مازالت تحمل فكر المدرسة القديمة (فرق تسد) ولا تعلم أن زرعها لإسرائيل بيننا ظلمت إسرائيل والتي في طريقها لتعاني الوحدة لأن أمها الرءوم (أمريكا) تحميها عسكريا ولكن في شئون الحياة والتي تستلزم العلاقات بدول الجوار إسرائيل تعيش وحيدة وحماية أمريكا لها لا تفيد في دولة كأنها غابة في وسط بحر وإسرائيل لن تظل تعيش في حرب دائمة وانظروا ما حدث الأسبوعين الماضيين حيث قتل عدد من الجنود الإسرائيليين في معركة جانبية مع الفلسطينيين ومعناها أن بؤرة الصراع التي زرعتها أمريكا منذ أكثر من ستين عاما لن تخمد لأنها محاصرة بمن لا يملكون قوة السلاح ولكن يملكون قوة التواجد علي الأرض ومشكلة السلاح يمكن حلها ولكن العلاقات الإنسانية لا تحلها الأسلحة. باختصار ياسيد أوباما لقد زرعوا لك إسرائيل بيننا وعليك حمايتها فنحن ننمو ونفكر وندافع عن كياننا فكريا وليس سلاحا وأصبح تواجدنا عالميا أعمق وأقوي من سلاح إسرائيل ولعل إسرائيل تعلم جيدا أن أمريكا زرعتها هنا ليس حبا فيها ولكن للسيطرة الأمريكية علي المنطقة.. يا سيد أوباما العالم يتغير والحدود تتحرك والقدس لنا مهما طال الزمن إلا إذا فكرت أن تنقل قبة الصخرة والصخرة المباركة إلي أمريكا بقوة التكنولوجيا وهذا ليس بعيدا عن السياسة الأمريكية الرعناء وانظر حولك لتعرف أي رعونة تعيشها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. السيسي وفايزة أبو النجا لا يهمها منصب ولا يفصلها كرسي عن مصرها الحبيبة.. ملأت عقلها وقلبها منذ الطفولة وكلما كبرت.. كبرت مصر في عقلها وفكرت لها ومن أجلها وصنعت كل أحلامها تلك هي العظيمة د. فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي السابقة والمواطنة المليئة بالحب والفكر خارج موقع الوزارة بل أصبحت أكثر حرية وأكثر طموحا وفكرا لان موقعها كوزيرة كان يكبل أحلامها بسلاسل اسمها »الميزانية» وبقدر ما تسمح لا تتحقق الاحلام. ولكن أقول لفايزة أبو النجا الزوجة العظيمة التي أصبحت حرم سفيرنا في اليابان وزانت موقعها وشرفت مثل زوجها العظيم أقول لها إنها خارج الحلبة ولكن عقلها مازال يفكر لمصر حقيقي إنها ربة أسرة رائعة ولكن بيتها الكبير مازال محتاجا لفكرها وكنت أتابعها في منصبها كيف توثق العلاقات بين مصر والعالم وكيف بذكائها وصلت إلي أن العلاقات المصرية الافريقية تقع في منطقة هامة جدا ولابد من تصعيد هذه العلاقة وقامت فعلا بهذا التصعيد ولكن كان لابد أن يوالوا الذين أتوا بعدها هذه المهمة الهامة من الوزارة »العلاقات الخارجية» لان العلاقات الافريقية ليست علاقات خارجية إنها في صميم الحق المصري وليس جغرافيا ولا تاريخيا فقط ولكن للضرورة حيث الدول الاوروبية تتوحد وكذلك شرق اوروبا وروسيا وأمريكا تتنمر رغم ضعف أوباما فكان لزاما علينا إفريقيا ان نتوسع ولدينا كاهن أعظم من كهان السياسة هو الوزير محمد فائق ذلك الرجل الذي قام بدور شديد الاهمية والحيوية في العلاقات المصرية الافريقية في عهد عبدالناصر حتي إن أحد الاخوة الافارقة وهو وزير سابق قال لي »كدت وأنا شاب أعتقد أن محمد فائق من بلدي رغم لونه الابيض الشاهق». أنا لا أحب أن تنتفع الدولة بالكادر وهو في الوظيفة ولابد أن تكتشف الدول كوادرها سواء في وظائفهم أو خارجها. وفايزة أبو النجا فرصة السيسي العظيم أولا لانها ناجحة شديدة الاحساس بأهمية الوطن وتوجهاته، ثانيا لانني أشعر بهم شديد حينما يكون كادر عظيم مثل فايزة أبو النجا ولا تعمل في المناخ الجديد الذي بعث فيه السيسي روحه الوثابة وملأ عقله بكل احتياجات مصر فأصبح في أشد الحاجة لكوادر تعمل معه.. وهناك المهندس حسب الله الكفراوي باني مصر وكأن المقولة »اللي باني مصر كان في الاصل حلواني» تغيرت إلي »اللي باني مصر كان في الاصل كفراوي» إن هناك كوادر كثيرة جدا جدا سواء في الصحافة أو البناء أو السياسة هي طاقات معطلة فليبحث عنها مكتب السيسي ويقدمها له.. إن مصر تحتاج لكل عقلية وكل قدرات معطلة أن تعمل الآن. * كلما هلت الأيام الحميمة المليئة بمشاعر الحب والإيمان أحسست بعمق رسالة محمد عليه الصلاة والسلام وبقيمة البدر الذي طلع علينا * طفت العالم كله تقريبا ما عدا كندا وسيبيريا.. وكلما حللت بلدا لأول مرة أشعر بأنني أملأ العقل والقلب والعين بأشياء جديدة ومشاعر مبهرة تظل ملء الذاكرة أجترها كلما حاصرتني المشاكل. أما المدينةالمنورة فإنني كلما حللتها أشعر أنني أعيش لحظات دخول الرسول الكريم علي ناقته الشهباء وأهل المدينة ينشدون له »طلع البدر علينا» وظللت كلما زرت المدينة أنوي الذهاب إلي ثنيات الوداع ولكن يشغلني العكوف علي الصلاة في المسجد وملء العين والقلب بمشهد قبر الرسول صلي الله عليه وسلم حيث يسرح خيالي إلي حجرة عائشة حيث دفن الجسد الشريف وأظل وأنا بين الصلوات أسرح في حياته صلوات الله عليه في هذا المكان واسترجع الأصوات واسترجع صحابته وخصوصا عمر بن الخطاب الذي سيطرت شخصيته علي خيالي لدرجة أنني وأنا في سن المراهقة كلما داهمني الحب أقارن بين أي رجل وبين عمر بن الخطاب وحينما قلت لزوجي رحمه الله عن هذه المشاعر قال لي: - الحمد لله أنني لست مثل عمر بن الخطاب. - لماذا؟ - حتي لا تتمادي في خيالك في الآخر لتقولي لي يا عمر!! وظلت شخصية عمر بن الخطاب مسيطرة عليّ حتي أنني حينما طلب مني بحث في التاريخ عن شخصية اختارها اخترت شخصية عمر بن الخطاب وقمت بعمل بحث أعجب أستاذ التاريخ في الثانوية العامة لدرجة أنه طلب مني قراءة البحث علي زميلاتي في الفصل. ظلت سيرة الرسول الكريم وللآن مسيطرة علي وجداني وكيف لا وقد حمل هذه الرسالة العظيمة المليئة بتفاصيل الحياة كلها وكأنه كان يريد أن يكون للإسلام مكان عند الناس جميعا وقد تحقق هذا فعلا حتي لمن يختلفون معنا في العقيدة فإن شخصية الرسول الكريم لها عندهم وضع خاص وكلما يسألني أحد: - في أي عصر كنت تتمنين أن تعيشي؟ - أرد في عصر فجر الدعوة لأشارك في هذا العمل العظيم وتلك الحرب الضارية التي تحملها الرسول الكريم والذين كانوا معه حتي انتصروا وأوصلوا لنا هذه الرسالة التي كلما قرأت تفاصيلها أحسست أنها ليست دستور حياة فقط ولكنها أسلوب للتعايش وأسلوب لتنظيم العلاقة بين الإنسان وكل من حوله وصولا إلي علاقته مع خالقه. وأصبحت لي عادة أطلق عليها (تنقية النفس) هي أن أصلي وأقرأ القرآن معتكفة تماما حتي ولو لساعة وحتي لو حدث خلاف بيني وبين أحد ألجأ إلي هذا الأسلوب فأشعر بسكينة وهدوء وأصل لإسلوب في التفكير لا يوصلني للحل فقط بل يوصلني إلي التعايش مع الذين أخطأوا في حقي بعد أن أصل إلي قناعة تامة انهم لم يخطئوا ولكن هذه هي قناعتهم وهذه هي حدود عقلهم وأنهم لا يستطيعون غير ذلك وأن هذه نهاية تفكيرهم وأنهم يعتقدون تماما أن هذا هو الطريق الصحيح لهذا لا سبيل إلي أي مناقشة معهم. وهداني هذا التفكير إلي الحياة بسلام مع الذين يختلفون معي خلافا يصل أحيانا إلي حد العنف فأهدئ من المناقشة حتي أخرج بها إلي منعطف آخر.. أصبحت لا أفكر في اقناع هؤلاء المتعصبين لآرائهم بأي فكر آخر لأن الاقناع في وجهة نظرهم هو الحجر علي رأيهم وأنني يجب أن أقتنع بهذا الرأي وأن أي رأي آخر مخالف يصل إلي حافة الخطأ ولا سبيل للوصول إلي الحقيقة لهذا لا يحدث أبدا أن نصل إلي المقولة المهمة (خلاف الرأي لا يفسد للود قضية) وإنما أصبح خلاف الرأي يصل في وجهة نظر بعض الناس إلي تسفيه آرائهم ومحاولة قهرهم بالرأي الآخر وفي زماننا هذا أصبحت أهيف القضايا وأقل الخلافات تصل بالناس إلي حد العنف في المواجهة وأحيانا في الشباب تصل إلي حد التماسك بالأيدي. وربما كان انفلات الأعصاب هذه الأيام خاضعا لمناخ عام هو عدم الاستقرار وقهر الحياة بالظروف المعيشية الصعبة وهناك حقيقة توصلت إليها هي أن الناس وخصوصا الشباب لم يعد لديهم المقدرة علي التعمق في القيم وأهمية التسامح حتي أن بعض الشباب الذين تحاورت معهم اتهموا التسامح بأنه ضعف!!! وأن التسامح مع من يخطئون معنا هو خضوع لهم بينما المخطئ إنسان لا يستطيع أن يكبح جماح نفسه ومتعصب لرأيه لدرجة الدفاع عن الرأي بصورة عصبية كأنه علي جبهة قتال! ويصبح الرأي والرأي الآخر في مرمي القطيعة أحيانا وقد فكرت في كيفية الوصول إلي أن خلاف الرأي لا يفسد للود قضية وحاولت أكثر من مرة في أكثر من موقف لكن لاحظت أن المجتمعات تغيرت تماما ولم يعد هناك مجالس صلح أو (معلش) أو (علشان خاطري) أصبحت هذه العبارات كأنها تحمل في طياتها ضعفا واجهاضا لموقف ولا أدري لماذا أصبح الكثيرون يمتنعون عن التدخل بين الناس حينما يحتدم الخلاف ويكاد يتحول إلي صدام وما أكثر الخلافات التي تتحول إلي صدامات هذه الأيام وتوصل الأحباء إلي قطيعة وربما لأن كلمة (واحنا مالنا؟) كثرت أيضا هذه الأيام وكذلك (احنا فاضيين؟) ولم تعد الحميمية تحكم العلاقات ولم تعد المسئولية عن سلامة العلاقات موجودة حتي بين الاخوة وأشاهد كثيرا حولي اخوة لا يتكلمون لشهور لخلافات بسيطة ولكن يبدو أن هموم الحياة ومشاغلها لم تعد تبقي للناس مساحة من التسامح ولم تعد العلاقات والزيارات الحميمية موجودة في المجتمع الآن ولابد أن نعاود التفكير وأن نعيد ترتيب حساباتنا كلما احتدم خلاف ونعود كما يقولون لأول السطر أو لبداية الخلاف كما لو أمسكنا خيطا معقدا ونحاول بهدوء أن (نفك هذه العقد) وفكرت لماذا هذا الزهق وترك الأمور والخلافات دون حل؟ لأن المادة أصبحت هي المسيطرة؟ ولم تعد الوجدانيات لها مكان.. وطبعا اختلف الحال واختفت ماديا كلمة (لقمة هنية تكفي مية) و(بصلة المحب خروف) واختفت أشياء كثيرة وعبارات كانت تقوم برأب الصدع في المجتمع. وحتي في السياسة أصبحت الخلافات السياسية بعد أن كانت مناقشات ودية للوصول للحلول للمجتمع أصبحت تأخذ شكل مناقشات عصبية ورغبة عند كل طرف لفرض رأيه أو توجيه حزبه. هذا المناخ ليس في مصر فقط ولكن لاحظته في أماكن كثيرة ولي صديقة أردنية جاءت شقيقتها إلي القاهرة فاشتريت هدية لأرسلها مع شقيقتها فرفضت ولما ألححت عليها قالت: - احنا في قطيعة منذ عامين! - والسبب. - خلافات عائلية. ولم أرد أن أتعمق حتي لا أدخل في إحراج ولكن تعجبت لأنها كان من الممكن أن تأخذ الهدية وترسلها لها دون كلام ولكن يبدو أن القطيعة أصبحت موقفا وليس شأنا مؤقتا وتعجبت أكثر لأن ابنة احداهما متزوجة من ابن الثانية وهذا معناه تمزق شديد الوطأة يصل للأحفاد الذين نعلمهم كلمات (لأ عيب ده انتم اخوات) وتأملت كيف يتربي الأحفاد في هذا المناخ المتوتر وكيف يشعرون بأهمية الرباط العائلي. إنها أشياء صغيرة لا نلتفت إليها ولكنها مثل الموسي تقطع دون أن ندري.بشكل عام أنظر للعلاقات هذه الأيام فأراها شديدة التفسخ كثيرة الخلافات الصغيرة التي تؤدي إلي القطيعة لدرجة أن الاخوة في بيت واحد يحدث خلاف بينهما يؤدي إلي قطيعة ولا يحاول باقي أفراد الأسرة أن يقوموا بأي صلح أو رأب الصدع وقلت لصديقة مختلفة مع شقيقها منذ عام: هل ستظل القطيعة إلي آخر العمر؟ - قالت ببساطة شديدة كانت كالصدمة لي: - يا ستي.. وهو باقي أد إيه في العمر!! لا أدري هل أنا (حساسة زيادة) لأفكر بشدة في هذا التغيير أم أن منكم أحبائي القراء من هم في مثل أسفي علي ما يحدث؟ ربما سني تحكمني أيضا لمروري علي أكثر من عصر. بين أوباما وداعش في تتبع لخطاب الرئيس الأمريكي الأخير وجدت أنه يعرض الخوف من مواجهة داعش بشكل طبيعي جدا وهذا رائع من رئيس دولة في حجم أمريكا لدرجة التوجه لعمل مواجهة عرض فيها عمل تحالف لمحاربة داعش وأن هناك أربعين دولة عرضت الاشتراك في هذا التحالف لمواجهة داعش!! وألقي أوباما الكرة في ملعب الدول الإسلامية حينما قال: مطلوب من المجتمعات الإسلامية رفض الأيديولوجيات المشابهة للقاعدة وحان الوقت للقضاء علي كل المؤامرات التي توجهها هذه التنظيمات للمجتمع ونوه بعنف داعش في قطع الرءوس واستخدام الاغتصاب وأن مواجهة مثل هذه التنظيمات الجديدة تتطلب من الجهد الكثير وتتطلب اتحاد الدول في هذه المواجهة. وتعجبت لكلمات رئيس أكبر دولة في العالم بهذه الجرأة عن داعش وداعش صناعة أمريكية من الألف إلي الياء ودائما تصنع أمريكا المنظمات الإرهابية ولا تدري انها سوف يطولها نيرانها يوما ما ولم تأخذ درسا من هدم برجي التجارة العالمي. ويدافع عن مسلمي أمريكا بقوله: (المسلمون الأمريكيون جزء من نسيج الدولة) أي أنهم لا صلة لهم بهذه التنظيمات. وأتعجب لهذا الأوباما الذي لا يعلم أننا جميعا نعرف حق المعرفة أن كل هذه التنظيمات خرجت من تحت عباءة أمريكا. ان الفكر التآمري انتشر في العالم بالخبرات الأمريكية والتي تريد أن تحكم العالم تآمريا وليس علميا ولا فكريا واللجوء للتآمر هنا وهناك لتفتيت الدول حتي يصل إلي (فرق تسد) فكر لا يصلح لهذا العصر. هذا العصر محتاج إلي تضافر الجهود وتقريب وجهات النظر للوصول إلي عالم يعيش في سلام ولكن يبدو أن أمريكا مازالت تحمل وجدان المدرسة القديمة وتعتقد في قوتها الزائلة فقد ظهرت قوي أخري في العالم فوق يا عم أوباما!! قد ظهرت قوي كثيرة بعضها بالصناعة وبعضها بحفظ السلام وبعضها بالتحالفات كما يحدث في أوروبا الآن ولكن أمريكا مازالت تحمل فكر المدرسة القديمة (فرق تسد) ولا تعلم أن زرعها لإسرائيل بيننا ظلمت إسرائيل والتي في طريقها لتعاني الوحدة لأن أمها الرءوم (أمريكا) تحميها عسكريا ولكن في شئون الحياة والتي تستلزم العلاقات بدول الجوار إسرائيل تعيش وحيدة وحماية أمريكا لها لا تفيد في دولة كأنها غابة في وسط بحر وإسرائيل لن تظل تعيش في حرب دائمة وانظروا ما حدث الأسبوعين الماضيين حيث قتل عدد من الجنود الإسرائيليين في معركة جانبية مع الفلسطينيين ومعناها أن بؤرة الصراع التي زرعتها أمريكا منذ أكثر من ستين عاما لن تخمد لأنها محاصرة بمن لا يملكون قوة السلاح ولكن يملكون قوة التواجد علي الأرض ومشكلة السلاح يمكن حلها ولكن العلاقات الإنسانية لا تحلها الأسلحة. باختصار ياسيد أوباما لقد زرعوا لك إسرائيل بيننا وعليك حمايتها فنحن ننمو ونفكر وندافع عن كياننا فكريا وليس سلاحا وأصبح تواجدنا عالميا أعمق وأقوي من سلاح إسرائيل ولعل إسرائيل تعلم جيدا أن أمريكا زرعتها هنا ليس حبا فيها ولكن للسيطرة الأمريكية علي المنطقة.. يا سيد أوباما العالم يتغير والحدود تتحرك والقدس لنا مهما طال الزمن إلا إذا فكرت أن تنقل قبة الصخرة والصخرة المباركة إلي أمريكا بقوة التكنولوجيا وهذا ليس بعيدا عن السياسة الأمريكية الرعناء وانظر حولك لتعرف أي رعونة تعيشها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. السيسي وفايزة أبو النجا لا يهمها منصب ولا يفصلها كرسي عن مصرها الحبيبة.. ملأت عقلها وقلبها منذ الطفولة وكلما كبرت.. كبرت مصر في عقلها وفكرت لها ومن أجلها وصنعت كل أحلامها تلك هي العظيمة د. فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي السابقة والمواطنة المليئة بالحب والفكر خارج موقع الوزارة بل أصبحت أكثر حرية وأكثر طموحا وفكرا لان موقعها كوزيرة كان يكبل أحلامها بسلاسل اسمها »الميزانية» وبقدر ما تسمح لا تتحقق الاحلام. ولكن أقول لفايزة أبو النجا الزوجة العظيمة التي أصبحت حرم سفيرنا في اليابان وزانت موقعها وشرفت مثل زوجها العظيم أقول لها إنها خارج الحلبة ولكن عقلها مازال يفكر لمصر حقيقي إنها ربة أسرة رائعة ولكن بيتها الكبير مازال محتاجا لفكرها وكنت أتابعها في منصبها كيف توثق العلاقات بين مصر والعالم وكيف بذكائها وصلت إلي أن العلاقات المصرية الافريقية تقع في منطقة هامة جدا ولابد من تصعيد هذه العلاقة وقامت فعلا بهذا التصعيد ولكن كان لابد أن يوالوا الذين أتوا بعدها هذه المهمة الهامة من الوزارة »العلاقات الخارجية» لان العلاقات الافريقية ليست علاقات خارجية إنها في صميم الحق المصري وليس جغرافيا ولا تاريخيا فقط ولكن للضرورة حيث الدول الاوروبية تتوحد وكذلك شرق اوروبا وروسيا وأمريكا تتنمر رغم ضعف أوباما فكان لزاما علينا إفريقيا ان نتوسع ولدينا كاهن أعظم من كهان السياسة هو الوزير محمد فائق ذلك الرجل الذي قام بدور شديد الاهمية والحيوية في العلاقات المصرية الافريقية في عهد عبدالناصر حتي إن أحد الاخوة الافارقة وهو وزير سابق قال لي »كدت وأنا شاب أعتقد أن محمد فائق من بلدي رغم لونه الابيض الشاهق». أنا لا أحب أن تنتفع الدولة بالكادر وهو في الوظيفة ولابد أن تكتشف الدول كوادرها سواء في وظائفهم أو خارجها. وفايزة أبو النجا فرصة السيسي العظيم أولا لانها ناجحة شديدة الاحساس بأهمية الوطن وتوجهاته، ثانيا لانني أشعر بهم شديد حينما يكون كادر عظيم مثل فايزة أبو النجا ولا تعمل في المناخ الجديد الذي بعث فيه السيسي روحه الوثابة وملأ عقله بكل احتياجات مصر فأصبح في أشد الحاجة لكوادر تعمل معه.. وهناك المهندس حسب الله الكفراوي باني مصر وكأن المقولة »اللي باني مصر كان في الاصل حلواني» تغيرت إلي »اللي باني مصر كان في الاصل كفراوي» إن هناك كوادر كثيرة جدا جدا سواء في الصحافة أو البناء أو السياسة هي طاقات معطلة فليبحث عنها مكتب السيسي ويقدمها له.. إن مصر تحتاج لكل عقلية وكل قدرات معطلة أن تعمل الآن.