شهد عام 2013 تحقيق عدد من الانتصارات الهامة للبلوماسية الروسية، ففي عديد من القضايا، بدا واضحاً نجاح مبدأ "العلاقات علي أساس التوازن"، وتفوّق الثبات الدبلوماسيّ الروسيّ. ويتمثل أهم إنجاز في عام 2013 في تمكِّن العالم من تجنّب حروب إقليمية جديدة، فعلي جدول الأعمال ظهرت الحربُ ضد سوريا، وتوجيه ضربة لنزع السلاح الإيراني، غير أن جهود الدبلوماسيين أسهمت في تأجيل هذين النزاعين على أقل تقدير. وفيما يتعلق بسوريا، فقد تمحور الموقف الروسي حول أنه لا ينبغي أن يكون النزاع الداخلي مبرراً لقلب النظام من الخارج، حتى عن طريق قرارات الأممالمتحدة، فمستقبل سوريا السياسي يجب أن يحلّه السوريون أنفسهم بمساعدة ودعم ووساطة المجتمع الدولي عن طريق الحوار السياسي، وانطلاقاً من ذلك وقفت روسيا بالاشتراك مع الصين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد القرارات الموجهة ضربة عسكرية ضد سوريا . غير أن اتهام القوات النظامية السورية باستخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق، أرغم باراك أوباما على السير في الطريق العسكري الذي حاول تجنبه كثيراً، وهنا تدخلت روسيا . كما أقنعت موسكو الأسد بالتوجه نحو تدمير ترسانته الكيماوية بالكامل، وهذا ما أبطل حجّة جرّ الولاياتالمتحدةالأمريكية، العالم العربي، إلى حرب إقليمية جديدة وتم الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وجرى ترسيخ نظام عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتعزيز دور الأممالمتحدة ومجلس الأمن في مسائل دعم السلام، وبالتالي فإنه يمكن لكل المجتمع الدولي أن يستفيد من هذه النتائج. كما يعد ثاني نجاح للدبلوماسية الروسية هو تفادي سيناريو القوة في الحالة الإيرانية، فقد دعمت موسكو عقوبات الأممالمتحدة فيما يتعلق بإيران، ولكنها مع ذلك كانت تطلب باستمرار حل مسألة برنامج إيران النووي حول طاولة المفاوضات، ذلك أن روسيا القريبة من إيران، كانت تسعى - إلى جانب الدفاع عن مبادئ الأممالمتحدة- نحو تجنّب ليس فقط انتشار البرنامج النووي العسكري هناك، بل وكذلك حدوث اضطرابات واسعة تنجم عن العقوبات الغربية، وفوضى قد تولّدها الضربة العسكرية . وفي هذا السياق، كانت قد ظهرت قبل عامين "خطة لافروف" القاضية بتخلّي إيران عن برنامجها النووي على مراحل مقابل رفع العقوبات: خطوة تِلوَ أخرى بعيداً عن "الخط الأحمر"، وقد وُضِع هذا المبدأ في أساس الاتفاق المرحلي الذي تحقق بين طهران و"السداسية" في شهر نوفمبر الماضي، وحتى الآن فإن هذه الاتفاقات تقتصر على ستة أشهر، ولا شيء يوحي بمفاوضات سهلة بشأن الاتفاقية الأساسية التي يجب أن تزيل المخاوف الأساسية للمجتمع الدولي، وتعطي إيران إمكانية تطوير صناعتها النووية السلمية بهدوء، والأهم من ذلك، إقصاء خطر النزاع في هذه المنطقة، وبالتالي فإن مسائل كثيرة ستتقرر في عام 2014. وتميز عام 2013 أيضاً بأزمة في العلاقات الروسية - الأمريكية، سببُها الرسمي هروبُ إدوارد سنودن الذي فضح أسرار وكالة الأمن القومي الأمريكية إلى موسكو، وبالطبع كانت واشنطن منزعجة وقلقة من ظهور الأمريكي الباحث عن الحقيقة بعيداً عن متناول القضاء الأمريكي، ولكن من الصعب تصديق أن ذلك بالتحديد كان سبب إلغاء زيارة الرئيس الأمريكي إلى موسكو، فقد حصل مثل ذلك فقط في مرحلة المعارك الكلامية بين خروشوف وإيزنهاور في زمن "الحرب الباردة". وعلى الأرجح فإن الإدارة الأمريكية كانت تدرك أن عودة أوباما من موسكو من دون سنودن ستكون مبرراً آخر لاتهامه بالضعف، أما بوتين فعلى الرغم من الرغبة في استئناف الحوار مع الرئيس الأمريكي على موجة التعاون في المسألة السورية والإيرانية، إلا أنه لم يكن يتحرَّق للانحناء أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالعلاقات على أساس التوازن تُعدّ اليوم أساسَ الموقف الروسي في السياسة الخارجية. ومع ذلك فإنه لا يمكن الحديث عن توقف الحوار الروسي - الأمريكي، فقد تهامس بوتين وأوباما حول شيء ما خلال قمة العشرين الكبار في سانت بطرسبورج حتى بعد إلغاء الزيارة إلى موسكو، ومن الواضح أنه سيكون هناك لقاء جديد بينهما، ولكن في سوتشي صيف عام 2014 حيث سيُعقد لقاء دورِّي لقمة "الثمانية"، وربما بحلول ذلك الوقت سيتمكن دبلوماسيي البلدين من إيجاد قاعدة للتسوية. وعلى مستوى الدبلوماسية الروسية وساحة الأحداث في مصر فقد دخلت العلاقات المصرية الروسية حقبة جديدة في عام 2013 على أكثر من صعيد خاصة بعد ثورة 30 يونيو بداية من اجتماع 2+2 حيث وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، وزير الخارجية المصري نبيل فهمي يوم الخميس 14 نوفمبر 2013، بالقاهرة كل من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وزير الدفاع الروسي سرجي شويجو. وأعلن شويجو بعد المحادثات عن الاتفاق مع الجانب المصري على توقيع اتفاقية تعاون مشترك في المستقبل القريب بين القوات المسلحة الروسية والمصرية. سيشمل الاتفاق تعزيز التعاون في مجال تعليم العسكريين وتدريب الكوادر للقوات المسلحة. وفي 15 نوفمبر 2013، عرضت مؤسسة روس اوبورون إكسپورت على الجيش المصري شراء مروحيات قتالية وأنظمة دفاع جوي، وطائرات مقاتلة من طراز ميگ-29، وأنظمة للدفاع الجوي، وصواريخ مضادة للدبابات، وكذلك صيانة وتحديث المعدات العسكرية السولايتية والروسية التي تم توريدها سابقاً. أما على صعيد العلاقات الاقتصادية في عام 2013، بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا 3.6 مليار دولار، حيث تبلغ صادرات روسيا للسوق المصرية 3.3 مليار دولار، والصادرات المصر للسوق الروسية بقيمة 300 مليون دولار ، بالإضافة إلى أن حجم الاستثمارات الروسية في مصر حوالي 148.76 مليون دولار تتركز في 360 شركة في قطاعات السياحة والخدمات والإنشاءات وتكنولوجيا المعلومات والقطاع الصناعي.