لو أطلقت العنان لقلمي وتركته يعبر عما بداخلي من حزن وغضب بسبب الجريمة الإرهابية النكراء التي راح ضحيتها 52 من جنودنا الأبرار في رفح وما حدث لشهداء الشرطة في كرداسة، لكان لهذا المقال عنوان آخر. لكنني لن أفعل هذا وسأحاول أن أسيطر علي أعصابي إلي أقصي حد لأن ما أريد توصيله إلي القارئ أهم من التعبير عن مشاعري الشخصية.. أريد التأكيد علي أننا لسنا في حرب أهلية ولن تكون بإذن الله نحن في حرب ضد الإرهاب والفارق كبير.. الحرب الأهلية يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد ولا تنتهي أبداً بانتصار فصيل علي آخر.. ونتيجتها الوحيدة دمار الدولة وسقوطها.. أما الحرب ضد الإرهاب فهي حرب يخوضها الوطن ضد خطر يهدد حاضره ومستقبله.. وهذا ما تعيشه مصر الآن.. حرب ضد الإرهاب يخوضها الشعب والجيش والشرطة.. حرب مقدسة كتبت علينا ولن تكون لها إلا نهاية واحدة بإذن الله وهي النصر. ما يهمني التأكيد عليه أيضاً أن الجيش والشرطة هما يد الشعب في مواجهة الإرهاب وسلاحه في هذه المعركة.. وهما وحدهما المنوط بهما التصدي للإرهابيين وملاحقتهم ومحاسبتهم بالقانون، ولهذا من غير المقبول أن يثأر الشعب بنفسه من الإخوان وأنصارهم.. من حقنا مقاطعة منتجاتهم وتجارتهم.. لكن ليس من حقنا قتلهم وحرق وتدمير ممتلكاتهم.. القانون وحده هو المنوط به محاسبة المخطئ.. ولابد أن نتمسك بتطبيق القانون إذا كنا حريصين فعلاً علي بناء مصر الدولة الحديثة الديمقراطية المدنية. لقد انتصرنا علي الإرهاب في موجته الأولي في التسعينيات وسننتصر هذه المرة أيضاً وسيعرف العالم كله قوة وصلابة هذا الشعب ويدرك كل من خططوا لتقسيم مصر وتركيع شعبها أن مصر لن تنكسر أبداً. ها هم قيادات الإخوان يتساقطون، وها هي دولتهم تنهار وجماعتهم تتفكك إلي غير رجعة إن شاء الله نفد رصيدهم في الشارع تماماً بعدما عرف الشعب حقيقة نواياهم وأهدافهم.. وتكشفت خيوط المؤامرة التي دبروها مع الولاياتالمتحدة لاستقطاع 04٪ من أرض سيناء وضمها لقطاع غزة في إطار حل للقضية الفلسطينية، يدخل ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي خططت له الولاياتالمتحدة منذ عقود، لكنه انهار فجأة بثورة الشعب علي النظام الفاشي للإخوان في 03 يونيو وعزل الرئيس السابق مرسي في 3 يوليو. ثورة 03 يونيو أفقدت الولاياتالمتحدة صوابها وأربكت كل خططها وأضعفت موقف رئيسها أوباما فراح يبحث إمكانية التدخل العسكري في مصر، لكن جاءه رد الكونجرس قاطعاً وحاسماً باستحالة تنفيذ هذه الفكرة المجنونة لأن ما حدث للجنود الأمريكيين في فيتنام سيكون مجرد نزهة بالقياس لما سيلاقونه من الشعب المصري. الولاياتالمتحدة مجبرة الآن أن تعيد حساباتها وترضخ لإرادة الشعب المصري.. دعمها للإخوان لن يطول خاصة وهي تري كل يوم كيف يزداد الدعم والتأييد الشعبي للجيش والشرطة وكيف يحقق الإعلام المصري والسياسة الخارجية المصرية نجاحات في توضيح الصورة للرأي العام العالمي حول حقيقة ما حدث في 03 يونيو وأنه ثورة وليس انقلاباً.. ثورة شعبية أيدها الجيش من منطلق واجبه في الحرص علي سلامة وأمن الوطن.. وإذا كانت الأيام الأولي للثورة لم تستطع تحركاتنا الخارجية وإعلامنا أن يوضحا الصورة علي حقيقتها فإن المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده د. مصطفي حجازي مستشار الرئيس للشئون السياسية ومن بعده المؤتمر الصحفي الذي عقده نبيل فهمي وزير الخارجية قد حققا إنجازاً ملموساً علي هذا الصعيد بقدرة كل منهما علي شرح الحقائق بهدوء والتحدث بثقة والرد علي أسئلة المراسلين الأجانب مهما بلغت وقاحتها بلا عصبية ولابد أن تشهد الأيام القادمة أثراً لما قيل في هذين المؤتمرين وتحولاً في الرأي العام العالمي الذي مازال ينظر لما حدث في 03 يونيو علي أنه انقلاب. موقف إيجابي آخر لا يمكن المرور عليه وهو موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الداعم لمصر والذي جاءت كلمته في دعم صمود الشعب المصري ضد الإرهاب لتؤكد أن مصر ليست وحدها في هذه المعركة، خاصة أن ملوك وقادة الإمارات والكويت والبحرين والأردن وليبيا عبروا عن نفس الموقف.. فشكراً لهم جميعاً ولكل من يتفهم حقيقة الأوضاع في مصر وما تواجهه من أخطار.