وصفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إسرائيل بأنها "مدمنة استيطان" .. داعية الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الحيلولة بين إسرائيل وبين تدمير نفسها. واعتبرت الصحيفة - في مستهل تعليق بثته على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء 26 مارس، أن الخطر الأكبر الذي يهدد مستقبل إسرائيل لا ينبع من صواريخ القسام أو برنامج إيران النووي، إنما ينبع من سياساتها الخاصة بالاستيطان. ورأت الصحيفة وصف أوباما -خلال زيارته إسرائيل- للمستوطنات بأنها "تأتي بنتائج عكسية"، وتأكيده على ضرورة تجميد النشاط الاستيطاني قبل استئناف المحادثات بأنه مثل إخبار المدمن بأن تعاطي الهيروين يأتي بنتائج عكسية. وعلقت الصحيفة على قول أوباما "إنه من الأهمية بمكان أن يكون المرء أمينا لاسيما مع الأصدقاء"، قائلة إن الأمانة وحدها لا تكفي، والأصدقاء الحقيقيين لا يسعهم الاكتفاء بالمشاهدة من بعيد والابتسام أمام الكاميرات تاركين من يحبونهم يدمرون أنفسهم ببطء. وأشارت الصحيفة إلى الثناء الذي حققه أوباما خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل وافتتان الإسرائيليين بشخصيته على مدار ثلاثة أيام، مسجلة استجابة الحضور بالتصفيق الحار لدعوة أوباما إسرائيل للاعتراف بحق الفلسطينيين في الحرية على أرضهم، ومعتبرة ذلك بمثابة دليل على أن معظم الإسرائيليين يرغبون في السلام، لكن التعنت يكمن في القادة. وقالت "الاندبندنت" إن وجهة النظر التي قامت على أساسها زيارة أوباما هي أن إسرائيل لكي تذهب إلى محادثات السلام، تحتاج أولا إلى الاطمئنان إلى الدعم الأمريكي الكامل، قائلة إن المرء يستطيع أن يتفهم هذا المنطق؛ إن اليهود على مر التاريخ يعانون "رهاب الفناء" ولن يثنيهم عن تلك المعاناة امتلاك أي عدد كان لطائرات ال "إف-16" أو الرؤوس النووية السرية، مشيرة إلى أن العديد من الإسرائيليين يرون في الفلسطينيين تجسيدا جديدا لمضطهديهم عبر التاريخ ممن يتحينون الفرص للانقضاض عليهم من خلال أول ثغر يظهر لهم، وعليه فإن الإسرائيليين يعتبرون الحديث عن التسوية أو إظهار اللين بمثابة المخاطرة بالوجود والتعريض للفناء. وقالت "الاندبندنت" إن إسرائيل قد تساوم على الأرض أو السلام لكن ليس على الاثنين معا، مشيرة إلى قول أوباما خلال خطابه إنه باعتبار الوضع الديموجرافي الراهن غرب نهر الأردن يبقى طريق واحد أمام إسرائيل لكي تحيا وتزدهر كدولة يهودية وديمقراطية، هذا الطريق هو الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة والقادرة على الحياة. وعليه فإن إسرائيل، تقول الصحيفة البريطانية، قد تضطر مع نمو المستوطنات بالضفة الغربية إلى الاختيار بين اليهودية أو الديمقراطية، موضحة أنه حال استمرار تشبث إسرائيل بالأراضي المحتلة، فإن ذلك سيترتب عليه مستقبلا أن تتحكم أقلية يهودية في أغلبية عربية محرومة من حقوقها وهو ما يتنافى مع الديمقراطية. ووصفت الصحيفة اليوم الذي ستختار فيه إسرائيل بين اليهودية أو الديمقراطية بيوم نجاح إسرائيل وفشل حركة "حماس" وجماعة "حزب الله" اللبنانية، معتبرة هذا اليوم بمثابة وضع حد للحلم الصهيوني إلى الأبد. وأكدت "الاندبندنت" قدرة أوباما على استخدام نفوذه الهائل على إسرائيل إذا هو اختار ذلك، مشيرة إلى أن إسرائيل -التي تعاني بالفعل عزلة عن المجتمع الدولي- لن تملك سوى تغيير وجهتها حال تهديدها بفقدان التأمين الأمريكي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. وقالت إذا كان أوباما جادا في إنهاء الاحتلال، فما عليه سوى إعادة النظر في مختلف أشكال الدعم الذي توجهه أمريكا لحليفتها إسرائيل من معونة مالية وتأييد مطلق بالمؤسسات التابعة لهيئة الأممالمتحدة، والتنسيق اللصيق في مجالات التجارة والاستخبارات والعمليات العسكرية. ورأت الصحيفة البريطانية أن على أوباما أن يشعر القادة في إسرائيل بأن الصبر الأمريكي له حدود، وأنه ما لم تتخذ إسرائيل خطوات حقيقية لإنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنه لن يكون بإمكانها التعويل بعد ذلك على الدعم الأمريكي غير المشروط. واختتمت تعليقها بالقول إن طمأنة أوباما للإسرائيليين بوقوفه إلى جانبهم أمر جيد للغاية، ولكن ما لم يستخدم نفوذه لإجبار إسرائيل -مدمنة الاستيطان- على تغيير سلوكها، فإنه في واقع الأمر إنما يمكنها من مزيد من الأراضي الفلسطينية.