أقيمت ندوة فكرية ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، الخميس 31 يناير، لإطلاق سلسة "كلاسيكيات" أدارها الناقد د.صلاح فضل. وتحدّث في الندوة أمين عام المجلس الأعلى للثقافة الأسبق ومدير المركز القومي للترجمة سابقًا ووزير الثقافة الأسبق د.جابر عصفور، والشاعر فاروق شوشة، والكاتب الصحفي الباحث في تاريخ الفكر المصري حلمي النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الهلال الصحفية السابق والناشر محمد رشاد، رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية. "كلاسيكيات الأدب العربي" سلسلة أدبية وفكرية وثقافية جديدة بدأ إصدارها في الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة بالتزامن مع انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، خرج إلى النور منها حتى الآن كتب: العبرات والنظرات (ثلاثة أجزاء) والشاعر والفضيلة أو "بول وفرجيني" وفي سبيل التاج وماجدولين أو "تحت ظلال الزيزنون" لمصطفى لطفي المنفلوطي (1876 – 1924م)، ورواية زينب أول رواية عربية متكاملة فنيًّا، وعُثمان بن عفان والصدّيق أبو بكر والفاروق عمر جزءان و في منزل الوحي لمحمد حسين هيكل (1888 – 1956م). وفي غضون أيام ستصدر مجموعة من الكتب منها: حياة محمد لهيكل أيضًا وحي بن يقظان لابن طفيل، والإلياذة والأوديسة (لهوميروس)، وحياتي لأحمد أمين، وهكذا خلقت والأدب الصغير والأدب الكبير (لابن المقفع). في البداية تحدَّث الناقد صلاح فضل حول السلسة والدّار قائلًا إن صدور هذه السلسة العظيمة كلاسيكيات الأدب العربي، هي حدث مهم للحياة الثقافية والفكرية العربية، وعلامة فارقة في تاريخ الدار المصرية اللبنانية فقد أثبتت لنا هذه الدّار، بهذا الفعل الثقافي الكبير ، أن دار النشر لا تتوقف رسالتها على الإطلاق، عند تجارة الكتب وتسويقها، بل هي معنية أيضًا بصناعة وإنتاج المعرفة في شتى جوانبها، وأشكالها، وذلك باختيارها وتبنيها لمثل هذه المشروعات الكبرى، وحين تصطفي من الحياة الثقافية والفكرية والإبداعية أغلى دررها لتقدمها بطريقة علمية وشيَّقة. وقدّم د.صلاح فضل رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية الناشر محمد رشاد، فتناول رشاد أهمية هذه السلسلة، موضحًا الأسباب التي دفعته للمغامرة بنشرها قائلًا: إن الغرض من نشر هذه السلسلة الجديدة يتمثل في عدة أهداف منها أننا لاحظنا أن الشباب خصوصًا الذين يحاولون كتابة الأدب لغتهم ضعيفة برغم أن لديهم أفكارًا جميلة ورؤى عصرية، فحاولنا ربطهم بتراثهم القريب، كما أن بعض الكتَّاب الراسخين يجهلون هذا التراث أيضًا. ويضيف محمد رشاد: ثم إنني سألت نفسي سؤالًا لماذا يهتم الغرب بتقديم تراثه دائمًا في طبعات عصرية، ويقدمها تقديمًا جديدًا للشباب هناك، ونحن هنا لا نفعل الأمر نفسه مع شبابنا، بل إن بعضنا يحاول تقديم التراث الغربي على أنه التراث الوحيد للإنسانية وتلك مغالطة، فلدينا نحن أيضًا تراثنا العظيم الذي يستحق التقديم. وأخيرًا، ومع بروز الإسلام في الجدل العام السياسي والاجتماعي، ومحاولة البعض تقديم صورة مشوّهة عنه، رأينا أن نقدّم إنجازات الحضارة الإسلامية في الثقافة والأدب، التي تدل على رحابة واتساع وتسامح هذا الدين الجليل للأجيال الجديدة لوضعهم في قلب الصورة الصحيحة له حتى لا يقعوا في التطرف والتعصب. ومن ناحيته ثمَّن الشاعر فاروق شوشة الدور الذي تقوم به الدار المصرية اللبنانية، والناشر الفاهم الواعي بمشكلات بلده وعصره محمد رشاد قائلًا: إن السلسة إنجاز ثقافي وحضاري، ثقافي من حيث إتاحته لكنوز التراث القريب للقارئ المصري الحديث، في إمتداد طبيعي لعطاء مصر الثقافي، والحضاري بما أنه يحي الذاكرة المصرية بروائع الأدب الكلاسيكي، وهي سلسلة تمثل إحياء لذاكرة جيلي، وغرسًا لذاكرة جديدة، هي ذاكرة شباب هذه الأيام لأن هذه الأعمال التي قامت السلسلة بنشرها حتى الآن تعد صانعة اللغة العربية العصرية، وقد استطاع أحمد أمين، ومحمد حسين هيكل ومصطفى لطفي المنفلوطي أن يقدموا دفاعًا مجيدًا عن الإسلام وحضارته كل في مجاله. وأوضح د.جابر عصفور في كلمته، أهمية ما قامت به الدّار المصرية، وحيًّا الناشر محمد رشاد قائلًا عنه إنه أثبت أن دار النشر أصبحت لها فلسفة في عالمنا العربي، وذلك بخلق التوازن فيما تنشر، وأن الناشر محمد رشاد وأبناءه معاونيه في النشر: أحمد، ونرمين، ونورهان يجدون متعة في خلق توجه عام تحرص عليه الدار المصرية اللبنانية، وهو توجه لا يفقد الدار هويتها، بل يميزها بين دور النشر الأخرى بما تخلقه من توازن بين الأصالة والمعاصرة في تناغم بينهما، بحيث لا تطغى المعاصرة على الأصالة والعكس صحيح تمامًا.