أكدت الصحف التركية الصادرة، الجمعة 11 يناير، أن مقتل السيدات الثلاث الأكراد من منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية "بى كيه كيه" في باريس يعتبر مؤشرا على أن مرحلة السلام في تركيا ليست سهلة. وفى سياق متصل، أكد كافة المحللين أن بعض الأطراف، سواء داخلية أو خارجية، دفعت تركيا لفترة مظلمة لأنها لا ترغب لها أن تقوى وتتولى دورا مؤثرا في المنطقة ولا ترغب أن تصبح تركيا نجما ساطعا في أوساط العالم الإسلامي. وقالوا إن هناك 4 احتمالات وراء عملية اغتيال سكينة جانسيز "إحدى مؤسسي حزب العمال الكردستاني الانفصالي" والمقربة جدا للقيادي مراد كارايلان، وأخرى ممثلة بالمجلس الوطني الكردستاني في باريس والثالثة ناشطة شابة، أولها الدولة السرية لهدف تخريب مبادرة السلام الجارية بين أنقرة وسجن جزيرة "ايمرلي" وإبعاد المنظمة الانفصالية عن المعادلة السياسية، ثانيها تصفية حسابات داخلية بين أعضاء المنظمة لأن هناك عددا من أعضائها لا يرغبون بإقامة صلح مع الدولة التركية. وأضافوا أن الاحتمال الثالث قد يكون عملية جنائية منفردة لأسباب شخصية، والرابع والأخير هو أنه قد تكون وراء عملية الاغتيال التخريبية قوى خارجية منها اللوبي القوي في أمريكا أو اتحاد المسيحيين في أوروبا أو إسرائيل أو الدول المجاورة "إيران ، العراق وسوريا". ورأى المحللون الأتراك أن العامل الخارجي قد يكون أقوى من العامل الداخلي بعملية اغتيال السيدات الكرديات الثلاث، مؤكدين وجهة نظرهم استنادا على عدة أسباب منها أنه بحال إلقاء نظرة على علاقات تركيا مع الدول المجاورة نرى دخول تركيا وإيران بحرب باردة وتصاعد حدة التوتر يوما بعد يوم بين البلدين لأسباب عديدة منها اتهام إيران الحكومة التركية بحماية إسرائيل من بعد سماح الحكومة التركية لنصب قاعدة لأنظمة الرادارات في "مالاطية" جنوب تركيا تجاه احتمالات الهجمات الصاروخية القادمة من إيران . وأشاروا إلى رفض إيران سياسة حكومة العدالة المتبعة بالأزمة السورية وإلى نشر حلف شمال الأطلسي صواريخ باتريوت في الأراضي التركية استجابة إلى طلب تركيا بحماية أراضيها من الهجمات الصاروخية السورية التي تراها إيران ضدها. وأضافوا "أنه يأتي عقب ذلك توتر العلاقات التركية - العراقية بعد أن بدأت حكومة العدالة بإتباع سياسة التدخل بالشأن الداخلي العراقي حتى أن أنقرة قدمت دعمها لبعض الأسماء المرشحة بالانتخابات البرلمانية الأخيرة بالإشارة إلى دعم زعيم القائمة العراقية إياد علاوي في العراق إضافة إلى احتضان نائب رئيس العراق طارق الهاشمي في تركيا رغم إصدار المحكمة العراقية قرار إلقاء القبض عليه ومن ثم صدور حكم ضده بالإعدام غيابيا، وكذلك توقيع اتفاقية مع الإدارة الكردية في شمال العراق لاستيراد النفط الخام رغم اعتراض الحكومة المركزية العراقية". ويدلل المحللون، على تغليب العامل الخارجي في حادثة باريس، أيضا بأن الحكومة التركية اتبعت سياسة مناهضة للرئيس بشار الأسد وبدأت تقدم دعمها المطلق للجيش السوري الحر والمعارضة السورية لهدف تغيير النظام السوري ولا تزال تبذل قصارى جهودها بهذا الاتجاه. على صعيد آخر، انتقد مسئولو حزب السلام والديمقراطية تصريحات مساعد رئيس حزب العدالة والتنمية حسين تشليك، والتي قال فيها "إن عملية اغتيال السيدات الثلاث ناجمة عن تصفية حسابات داخلية".. حيث أكد صلاح الدين دميرطاش الرئيس المشارك لحزب السلام أن "الذي يشير إلى أن عملية اغتيال السيدات الكرديات جاءت في إطار تصفية الحسابات هي إما تكون لحماية المجرم منفذ العملية أو أن الحكومة التركية تعلم بهوية المجرم"، حسب قوله. وقال بعض المعلقين الأتراك إن عملية اغتيال الكرديات الثلاث ربما تأتي لعرقلة المحادثات مع سجين "ايمرالي" بل وربما تكون عملية الإعدام قد جاءت بأوامر من جبال "قنديل" أو أنها رسالة إلى الزعيم الانفصالي عبد الله أوجلان نفسه بخصوص محادثاته مع جهاز المخابرات التركية حاليا بهدف نزع سلاح المنظمة الانفصالية "بى كيه كيه"، فيما ذكرت بعض التحليلات أن أوجلان أصدر تحذيرا بشأن استفزازات إيرانية، ولكن وجهة النظر السائدة في تركيا هنا، هي "أن القتل نفذ من جهة لا تريد حل قضية الإرهاب في تركيا". ووصف معلقون سكينة جانسيز بأنها واحدة من أهم اثنين من مسئولي منظمة حزب العمال الكردستاني في أوروبا وهي خبيرة استراتيجية، والمسئولة الأولى للمنظمة في ألمانيا ، وأنها أيضا المسئولة عن المفاوضات في أوروبا، وأن قرار تنفيذ حكم "الإعدام" اتخذ في "قنديل" بعدما بدأت المحادثات مع الدولة التركية في نوفمبر مع سجين "ايمرالي"، وأن حادث الاغتيال جاء قبل أن تتسلم سكينة خطابا منتظرا من "أوجلان" بشأن حل المشكلة الكردية على ضوء المفاوضات مع جهاز الاستخبارات التركية. وأشارت بعض التحليلات إلى أن "سكينة جانسيز" كانت ستكون واحدة من المتلقين المحتملين للرسالة التي يرسلها أوجلان عبر حزب السلام والديمقراطية الكردي للسعي لحل قضية نزع سلاح المنظمة ، وكشفت بعض التقارير الإعلامية عن أنه تم استدعاء سكينة لمركز الإعلام في باريس مرتين لحضور اجتماع - مع شخصية مهمة للغاية – وأنه تم الاتصال بها مرتين لتأكيد مشاركتها في الاجتماع، وأنها تعرضت في عام 2009 ، لمضايقات رئيس منظمة حزب العمال الكردستاني في أوروبا "زبير يلماز" عندما انتقدت السياسات العنيفة لزعيم "بى كيه كيه" فهمان حسين. وأما السيدتان الأخريتان، فهما "فيدان دوغان" ممثلة المؤتمر الوطني الكردستاني في باريس والناشطة الكردية ليلى سويليميز، وأن الجريمة نفذت بدم بارد باستخدام مسدس كاتم للصوت الأربعاء الماضي. وأشار محللون إلى أن أوجلان قال، خلال لقائه مع ممثلي حزب السلام والديمقراطية قبل أيام في جزيرة ايمرالي، إن القضية الكردية يمكن حلها ما لم تتدخل "الدولة العميقة الكردية أو التركية". وذكرت فضائية "ان تي في" التركية الإخبارية أن صلاح الدين دميرطاش الرئيس المشارك لحزب السلام وعددا من قيادي حزبه غادروا الليلة الماضية إلى باريس للاشتراك بتشييع جنازة السيدات الكرديات الثلاث ولعقد جملة لقاءات مع المسؤولين الفرنسيين متعلقة بالحادث.