بدأ الليبيون في 2012عهدا جديدا بعد الإطاحة بنظام القذافي عبر إجراء أول انتخابات نزيهة لانتخاب مجلسهم الوطني ، وعكس ذلك تشوقهم للديمقراطية الحقيقية. توجه الليبيون يوم 7 يوليو إلى مراكز الاقتراع في أول انتخابات تشهدها البلاد بعد الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي، لاختيار أعضاء المؤتمر الوطني الذي سيحل محل المجلس الوطني الانتقالي. وتم تسجيل حوالي 2?7 مليون ليبي من اصل عدد السكان البالغ 6 ملايين نسمة، أي ما يناهز 80% من الهيئة الناخبة، على اللوائح الانتخابية لاختيار ممثليهم من بين 3707 مرشحين. وذكرت السلطات أنها وضعت خطة أمنية يشارك فيها 40 ألف عنصر من الأجهزة الأمنية، يؤازرهم 13 ألف رجل من الجيش الليبي الجديد الذي يجرى تشكيله. وكانت الجماعات الأكثر شهرة، والمتنافسة في انتخابات ليبيا: تحالف القوى الوطنية وهو ائتلاف ينضوي تحت لوائه 65 حزباً ليبرالياً، ويتزعمه محمود جبريل وهو رئيس وزراء المعارضة خلال الانتفاضة الليبية، ودرس العلوم السياسية في الولاياتالمتحدة. وخاض الانتخابات حزب العدالة والبناء، وهو الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، وأنشئ على نسق جماعة الإخوان المسلمين في مصر،تحت زعامةمحمد صوان وهو معتقل سياسي سابق في عهد القذافي. كما دخل الانتخابات حزب الوطن، وهو جماعة إسلامية يتزعمها القيادي الإسلامي عبد الحكيم بلحاج،وكان بلحاج يتزعم من قبل الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة التي تم حلها والتي قامت بتمرد ضد القذافي في تسعينات القرن الماضي. وخاض بلحاج معارك في صفوف حركة طالبان في أفغانستان، حيث ارتبط بعدد من كبار أعضاء تنظيم القاعدة. وشاركت فيها الجبهة الوطنية، وهي مرتبطة بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المنبثقة بدورها عن جماعة الإخوان المسلمين بزعامة المعارض الليبي محمد المقريف، حزب الأصالة، وهو جماعة سلفية يتزعمها الشيخ عبد الباسط غويلة. وغداة هجوم استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي وأسفر عن مقتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين ،انتخب المؤتمر الوطني العام الليبي مصطفى أبو شاقور رئيسا جديدا للحكومة الانتقالية الذي ركز على استتباب الأمن،. حصل أبو شاقور على 96 صوتا متقدما بصوتين فقط على زعيم تحالف الليبراليين محمود جبريل. وحصل جبريل في الدورة الأولى من عملية الانتخاب على 68 صوتا مقابل 55 لأبو شاقور و41 لمرشح الإسلاميين عوض البرعصي. وتمكن ابو شاقور "61 عاما" الذي يعتبر مقربا من الإسلاميين من الفوز في الدورة الثانية خصوصا مع حصوله على أصوات حزب العدالة والبناء المنبثق من الإخوان المسلمين بعد فشل مرشحهم في الدورة الأولى. درس ابو شاقور في الولاياتالمتحدة حيث حصل على شهادة د. في الهندسة الكهربائية من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. وتمكن خلال عمله في الولاياتالمتحدة من بناء سجل مهني حافل ودرس في جامعة روشستر في نيويورك وفي جامعة الاباما. وشارك في برنامج وكالة الفضاء الأميركية وتعاون مع البنتاغون. وكان ابو شاقور معارضا لنظام معمر القذافي وهاجر إلى الولاياتالمتحدة في الثمانينيات قبل ان ينضم الى جبهة الخلاص الوطني الليبية التنظيم المعارض في الخارج حينها. وترشح ثمانية شخصيات للمنصب تعاقبوا على مدى يومين على المنبر لإقناع 200 نائب هم أعضاء المؤتمر الوطني العام المنبثق من انتخابات يوليو وأعلى سلطة في البلاد. وتمحورت برامجهم حول الأمن ودمج الثوار السابقين وبناء الجيش والشرطة وتامين الحدود. ومن القضايا الرئيسية الأخرى التي تطرق إليها المرشحون، الاقتصاد والجانب الاجتماعي والمصالحة الوطنية. واتفق المرشحون خاصة على إلغاء دعم المواد الغذائية والمحروقات بالتزامن مع تحسين الدخل وبناء مساكن لذوي الدخل المحدود. ومنذ الإطاحة بنظام معمر القذافي وإعلان "تحرير" البلاد في 2011، تمثلت المهمة الوحيدة للحكومة في تصريف الأعمال. وفي تقرير اعتبرت الأممالمتحدة أن "الأمن العام في ليبيا لن يتحسن إلا إذا خصصت الحكومة الجديدة جهودا هامة لتطبيق إصلاحات في قطاع الأمن كما ترغب الأمة". وحثت الأممالمتحدة السلطات الليبية على "تشكيل حكومة جديدة تشمل كافة الأطراف وتنال موافقة الشعب الليبي". وقد انتخب المؤتمر الوطني العام الليبي علي زيدان، المعارض السابق لنظام معمر القذافي، رئيس وزراء جديد للبلاد، بعد أسبوع من استبعاد أبو شاقور الذي كان انتخبه المؤتمر العام لكن أعضاءه رفضوا مرتين التشكيلتين الحكوميتين اللتين اقترحهما. وعلي زيدان من مواليد 1950 في مدينة ودان ويحمل ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جواهر لال نهرو الهندية وعمل في السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية من 75 إلى 82 حيث عمل لسنتين في السفارة الليبية في الهند . وتضيف السيرة الذاتية لزيدان انه احترف العمل الدبلوماسي بعد دراسته العلوم السياسية، والعلاقات الدولية، لكنه قرر في سنة 1980 الانضمام إلى جبهة الإنقاذ الليبية، ثم تركها بعد ذلك، ليكرس نفسه للرابطة الليبية لحقوق الإنسان التي تأسست في جنيف كعضو بها بين عامي 1989 و2012، وكان الناطق الرسمي لها . وقد واجهت الحكومة تحديات تمثلت في تحمل أعباء التكلفة البشريّة والاقتصاديّة المترتّبة على حربٍ دامت أكثر من ستّة أشهر، من خلال تأمين الخدمات الأمنيّة والاجتماعية الحيويّة الضرورية لإعادة الاستقرار إلى البلد،إلى جانب استرداد أرصدة ليبيا المجمّدة في المصارف العالمية، والتي تفوق قيمتها 170 بليون دولار، وإدارتها بشفافية وفق أولويات المرحلة، لتحسين الأداء الاقتصادي وضمان عودة الثقة والأمان.