السيد النجار اليوم آخر يوم في عام 1102 وغداً اليوم الأول في العام الجديد 2102.. التاريخ سوف يسجل أنهما العامان الأفضل والأحسن في تاريخ مصر. والأنصع في صفحات الشعب المصري. لن نترك الأيام الصعبة التي عشناها ونتوقع أن تمتد لفترة قصيرة من العام الجديد. لن تضيع فرحة الأمة بالثورة ولن نترك تداعيات الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي سنعيش ظروفها لسنوات قادمة، تنسينا أننا بدأنا لحظة الانطلاق للأفضل.. لن نخاف من حالة الفوضي والتوتر وغياب الأمن.. خاصة وأننا بدأنا في التعافي منها.. لن يصيبنا الإحباط من عشوائية الساحة السياسية وظهور قوي جديدة لم تتشكل ملامحها بعد، وخاصة القوة السياسية الإسلامية الجديدة، فمصر انطلقت علي طريق الديمقراطية والحرية الحقيقية ولن يوقفها أي شيء مهما كان.. الخطأ سوف يصحح نفسه، والصواب سوف يكتمل ويترسخ.. لن ننزعج من الانفلات الإعلامي وعشوائية الفضائيات بمختلف برامجها، فالعذر لهم، ممن كان مصاباً بالخرس وانطلق لسانه فجأة دون خوف أو قيود، لا تطلب منه أن يكون هادئا أو حكيما، وعندما يصدق أنه متحدث متفوه وأنه حر، سوف يراجع نفسه ويحدد أهدافه ويعرف أن دوره تنوير الناس وثقافتهم في هدوء وتعقل، وليس الصراخ في وجوههم. 1102 خرج المارد من القمقم.. انتفض الساكن الخانع.. وكان من الطبيعي أن يطلق الشباب ثورته.. ويلتف الشعب حول أبنائه.. ويتحمل جيشه مساعدته وحمايته. وهذا هو الشعب المصري الأصيل، النبيل، الصبور.. يتحمل ولكنه ينتفض إذا فاض الكيل.. قنوع ولكنه لا يرضخ للظلم.. صابر ولكنه أسد جريح إذا مس أحد كرامته يهب وينتفض.. هذه هي دروس التاريخ عن الشعب المصري، الذي ثار في 52 يناير 1102 وعاش طوال أيام العام انجازا تلو الآخر.. تعرض لأحداث مؤسفة.. ولحظات حزينة ولكننا لا نريد أن نتوقف أمامها كثيرا فهي أحداث عارضة في حياة ثورة وشعب. 1102 أسقط الشعب رمز نظام حكم جثم علي أنفاس الناس 03 عاما.. ظل المصريون طوالها يصبحون ويمسون علي كذب بإنجازات ومشروعات وديمقراطية وهمية، حتي أصبحوا من أكثر شعوب العالم فقرا وأمية ومرضا.. فسدت ضمائر نظام الحكم ورجاله فعاثوا في البلاد فسادا وخرابا، لم يشغل بالهم إلا مصلحة القلة من أهل الحظوة وأصدقاء وأقارب العائلة المالكة الجديدة. فقد كان نظاما جمهوريا أسوأ من أعتي الملكيات ديكتاتورية وظلما.. انتفخت جيوب القلة من المال الحرام وثروات البلد، وعاش الأغلبية بالكاد علي هامش الحياة، ثلاثين عاما تراجعت فيها مصر إلي الوراء قرنا من الزمان. في 1102، كانت الموعظة من الله وحساب الشعب في الدنيا بلحظات شاهد فيها العالم أول حاكم ظالم في قفص الاتهام بين يد العدالة المصرية لمحاكمته هو وزبانيته علي ما اقترفوه من جرائم في حق الشعب. في 1102 سقط دستور أفسد حياتنا السياسية، وقنن وكرس لكثير من مظاهر الفساد في بلادنا، وانهت مصر أوهام توريث الابن لرئاسة الجمهورية. ابنان وزوجة كانوا الآمر الناهي لرئيس غيبه الزمن، وتوهموا أن الشعب المصري عبيد في عزبة امتدت إلي ارجاء مليون كيلومتر مربع مساحة الدولة المصرية. في 1102.. قال الشعب كلمته وامتلك ارادته وأسقط برلمانا بعد أيام من تشكيله ولا أقول انتخابه، لأنه جاء بإرادة مزيفة وصناديق مزورة، قسموا فيه العضوية علي لصوص الشعب وناهبي ثرواته من رجال أعمال وأقارب وأصهار وحاشية نظام وأصدقاء ومحاسيب الأبناء. في 1102 انتفض الشعب لأول مرة في تاريخ مصر الحديث بكل فئاته وأعماره لاختيار نوابه في أول برلمان حقيقي يأتي بإرادة الشعب وحكم صناديق التصويت. هذه ثورة شعب انطلقت وتسير في طريق الاكتمال وتحقيق الأهداف وتخطي كل الصعاب، ومواجهة كل المتربصين بمصر.. ألا يستحق هذا العام المنصرم أن يكون من أفضل سنوات المصريين. 2102 لا تزال الثورة مستمرة، وخطوة جديدة في عمر الزمن مع الأيام المضيئة في حياة الشعب المصري.. ما هي إلا أيام ويعقد أول برلمان حر جلساته.. جاء أعضاؤه نوابا بإرادة الناخب، ممثلا لكل أطياف الشعب وتياراته السياسية.. مجلس موقر تمثيلا وأداء، يتحمل به المسئولية التاريخية في حماية مصالح الشعب ووضع التشريعات والقوانين التي تنظم حياة الناس في أول مرحلة جديدة من النهضة الحديثة. في 2102 سيشهد تاريخ مصر وضع دستور يجسد توافقا اجتماعيا لأسس دولة مدنية عصرية الجميع فيها مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.. دستور يعبر عن تطلعات الشعب لسنوات من الأمل والأمن والاستقرار، يضمن العدالة الاجتماعية، ويضع قواعد دولة المؤسسات والممارسة الديمقراطية السليمة. 2102 لأول مرة في تاريخ مصر علي مدي 0054 عام ينتخب الشعب المصري رئيسا بارادة حرة، من بين العديد من المرشحين الطامحين في خدمة شعب يستحق أن يكون مرفوع الرأس دائما يعيش حياة كريمة، يتمتع فيها بالعدل والمساواة.. رئيسا يعرف قدر مصر ومكانتها عربيا ودوليا، يسعي لدولة عصرية قادرة ورئاسة شعب يتباهي به بين الأمم. عام مضي.. وعام قادم.. بين أمانة تحملها المجلس العسكري بكل شجاعة ووطنية للعبور بمصر خلال المرحلة الانتقالية إلي بر الأمان حتي يتسلم المسئولية الرئيس المنتخب.. أنواء صعبة واجهت المجلس العسكري. وأيام أكثر صعوبة في الفترة القليلة القادمة، تحتاج منا التكاتف والتوحد، تحتاج منا الصبر ومساندة حكومة جديدة تقديرا لرجل تحمل مسئولية رئاستها في ظروف صعبة وهو موقف وطني يحسب للدكتور كمال الجنزوري وليس عليه. أيام تحتاج من رئيس حكومة الانقاذ نفسه أن يكون صبورا ومتسع الصدر، فمصر الجديدة تستحق من الجميع التضحية.. وكل عام وأنتم بخير.