اتابع باعجاب شديد البرامج التي يقدمها قطاعا الأخبار والتليفزيون يوميا من داخل ستوديو 72 الجديد المطل علي نيل القاهرة وهو مكان ساحر كان يستخدم من قبل في عقد جلسات لجان مشاهدة الاعمال الدرامية الجديدة قبل عرضها علي القنوات الارضية والفضائية في شهر رمضان وكان هذا المكان مخصصا ايضا لعقد المؤتمرات الصحفية الخاصة بالاحداث القومية والسياسية الكبري التي تتولي وزارة الاعلام تنظيمها ويتولي تغطيتها المراسلون الاجانب واجهزة الاعلام المحلية والعالمية وباستثناء هذه الفعاليات يظل المكان مهجورا لعدة شهور لا يتردد عليه أحد عدا الاطقم الفنية والادارية التي تتولي صيانته وتشغيله عند الاحتياج اليه! وظل الطابق 72 علي هذا الوضع الي ان جاء اسامة هيكل وزير الاعلام وقرر ان يستفيد به في اثراء العمل البرامجي فقرر تحويله الي ستوديو هواء وعهد به الي المهندس حمدي منير رئيس الهندسة الاذاعية ليتولي اعداده وتجهيزه علي احدث التقنيات الفنية خلال 54 يوما فقط وبميزانية لم تتجاوز 051 ألف جنيه. وكسبت الشاشة الصغيرة رئة جديدة بظهور هذا الاستوديو الانيق والذي شهد ميلاد عدة برامج وسهرات جيدة لقطاعي الاخبار والتليفزيون الي جانب البرنامج اليومي الجيد »صباح الخير يا مصر« والذي شهد ايضا تطورا لا بأس به في فقراته المختلفة علاوة علي ظهور مجموعة من الوجوه الجديدة من شباب المذيعين والمذيعات اتوقع لهم مستقبلا كبيرا خلال المرحلة المقبلة. تلقيت في الاسبوع الماضي كتابين علي جانب كبير من الاهمية الاول »من الشريفين الي ماسبيرو خطوات طريق« للاعلامية الكبيرة عفاف المولد حيث تقدم سيرة ذاتية لمشوارها الطويل مع الراديو فهي واحدة من رواد الفن الاذاعي في مصر والعالم العربي ولها تاريخ كبير في هذا المجال خاصة في البرنامج الثاني الذي كان اشبه بالجامعة الاهلية المفتوحة لنشر الوعي الثقافي بين الناس علي اختلاف ميولهم واتجاهاتهم فساهمت في اثراء الروح والعقل بقيم الاداب والعلوم والفنون بكل روافدها. انني احيي الاعلامية الكبيرة عفاف المولد علي هذا الكتاب المتميز الذي يعد شاهد علي عصر كامل من التنوير والمعرفة الانسانية لاعلامية قديرة اسهمت بفكرها وجهدها لسنوات طويلة في تطوير منظومة العمل المسموع بالراديو حتي صارت واحدة من رواده الكبار. والكتاب الثاني جاء من صديقي السيناريست القدير مصطفي محرم الذي اراد علي حد تعبيره ان يستحدث شكلا ادبيا جديدا يمزج بين السيناريو السينمائي والرواية فكتب ما اصطلح علي تسميته ب »سيني رواية« تحت عنوان »حتي النفس الاخير« وقد استوحاها من موضوع فيلمه الشهير »الهروب« الذي اخرجه عاطف الطيب عام 2991 حيث جمع في كتابته بين موهبته السينمائية والادبية مستخدما ببراعة مفردات كل منهما في بناء اركان عمله الجديد. وفي مقدمة كتابه »حتي النفس الاخير« كتب مصطفي محرم انه سار علي النهج الذي اتبعه توفيق الحكيم عندما مزج بين تكنيك الكتابة المسرحية والروائية المقروءة واطلق اسم »مسرواية« علي روايته »بنك القلق« باعتبار ان الفنون تتأثر ببعضها من اجل ان تتطور وتستمر وان الفنون المسرحية تجمعت في السينما ثم اصبح للسينما تأثيرها علي كل فن علي حده ومن بينها المسرح الذي كتب علي اسسه روايته الشهيرة »بنك القلق« . وقد امضيت اوقاتا ممتعة مع احداث رواية »حتي النفس الاخير« التي تتحدث في اختصار شديد عن حكاية »منتصر« الذي هرب اثناء محاكمته ويقرر رجال الأمن الذين يطاردونه تصفيته بأي ثمن لاسباب نتعرف علي تفاصيلها عند قراءة الرواية ولا اريد »حرقها« هنا من خلال تلك السطور ! تهنئتي للكاتب والسيناريست القدير مصطفي محرم علي تجربته الجديدة في تقديم السيني رواية التي تعد شكلا جديدا للرواية السينمائية المقرءوة وهي محاولة جديرة بالنقد والتحليل والدراسة اضعها أمام طلاب قسم النقد والدراما بالمعهد العالي للفنون المسرحية وامام الاساتذة والنقاد المحترفين لتقيمها من حيث الشكل والمضمون وفقا لقواعد العلوم والنظريات النقدية المتعارف عليها.