الدستور وضع نصوصا حاكمة لانتخاب رئيس الجمهورية والشروط اللازمة لترشيحه، وقانون تنظيم الانتخابات الرئاسية اوضح تشكيل لجنة الاشراف علي الانتخابات الرئاسية واختصاصاتها.. واهمها اجراءات الترشيح ومواعيده وكذلك موعد اعلان اسماء المرشحين المقبولين. وتاريخ بدء حملاتهم الانتخابية والالتزامات المفروضة علي دعاية كل منهم.. واخيرا العقوبات التي تفرض في حالة مخالفة اي منهم لهذه الاحكام. وقبل حوالي عام وخمسة شهور علي موعد الانتخابات الجديدة في اغسطس من العام القادم، انطلق من يدعون ترشيحهم لهذا المنصب الرفيع، وقام بعضهم بحملات تتنوع بين مؤتمرات ورسائل ومنشورات وجمع توقيعات وغير ذلك، فبرز علي الساحة سؤال مهم.. هل من حقهم الادعاء بانهم مرشحون؟ وهل تنطبق عليهم فعلا شروط الترشيح؟.. ومامدي قانونية طرح انفسهم بهذه الصفة علي الرأي العام؟ هل هو جائز.. ام مؤثم يعاقبون عليه؟ يبدي الدكتور كمال المنوفي استاذ النظم السياسية والعميد الاسبق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية دهشته وانزعاجه مما يحدث الان بخصوص الانتخابات الرئاسية والتسابق علي اعلان البعض ترشيح انفسهم لهذه الانتخابات ويتساءل عمن فحص اوراق ترشيحهم وقرر قبولها وذلك حق لجنة الاشراف علي الانتخابات وحدها فيكون ما يحدث الان خداع للشعب وانتهاك للقانون، والغريب ان الذين يتحدثون عن الديمقراطية ويوهمون الغير بانهم يدافعون عنها هم اول من يدوسونها تحت اقدامهم لمصالحهم الخاصة. ويتساءل من اعطي الحق لمرشح مستقل- كما يقول- ان يعقد المؤتمرات ويتجول في المحافظات؟ وما هي الصفة التي تخول له ذلك؟ وهو ليس زعيم حزب له حق الاتصال بقواعده الشعبية.. كما يتعجب من تلك الجمعيات التي انطلقت تؤيد البعض وتقحمهم في الترشيح للرئاسة.. ويتساءل عن شرعية هذه الجمعيات؟ وهل اتخذت اجراءات قيامها بشكل مؤسسي؟ وهل يسمح للجمعيات الاهلية ان تعمل بالسياسة؟ ويجيب بأن ذلك ضد الشرعية ويجب منعه رغم اننا نتمني بالطبع اكثر من مرشح للرئاسة وان تجري الانتخابات في حرية وشفافية ليفوز الاجدر ومن يختاره الشعب.. ولكننا نرفض الخروج علي القانون حتي لا تتحول المسألة الي فوض تضرب الاصلاحات السياسية. ضوضاء وفوضي ويتفق مع هذا الرأي الخبير الدستوري المستشار عبدالجليل عبدالدايم نائب رئيس هيئة قضايا الدولة السابق فيقول: ان مجتمعنا المصري يتمتع بحريات لم يعهدها من قبل ولكن البعض يحاول الاخلال بضوابطها ليحولها الي فوضي يستفيد منها، تساعده وسائل اعلام مختلفة الاهواء والغايات، تسعي للاثارة ولبعضها اجندات خاصة تتصادم مع قيم المجتمع وصوالحه الحقيقية. ويضيف ان الدستور القائم جعل الترشيح لمنصب الرئاسة حقا لكل مصري بضوابط محددة وكل من يدعي الآن انه سيرشح نفسه لا تسمح له النصوص الحالية بذلك وما يتم مجرد ضوضاء جوفاء لا قيمة لها الا شغل الناس واثارة الانتباه حول بعض الاهداف- داخلية او خارجية- فضلا عن فقدان العمل السياسي لقنواته الصحيحة مع اشاعة الفوضي التي يجب ان يحاسب عليها من يقوم بها بالقانون العادي وليس بقانون تنظيم الانتخابات الرئاسية لانه حتي الان ليس هناك مرشحون رسميون. »شو« إعلامي ويصف الدكتور يحيي الجمل فقيه واستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ما يحدث من البعض الان باعلان ترشيحهم والقيام بالدعاية لانفسهم انه مشهد من مشاهد »الشو الاعلامي« وهو تبديد للوقت والجهد واكثر هؤلاء قد لا تنطبق عليه شروط الترشيح فقط هو يحاول تلميع نفسه والشعوب لا يتم خداعها. ويقول ان مخاطبة الناس بغير اساءة لأحد او خدش للأداب العامة او خروج علي النظام العام ليس ممنوعا ولكن ما نشاهده الآن وقبل اكثر من سنة من الانتخابات عبث.. ويمكن لهؤلاء- اذا كانوا جادين في الترشيح فعلا لرئاسة الجمهورية- ان يسعوا الي تحقيق هدفهم بكتابة مقالات تكشف عن رغبتهم وتعرف بهم وبتاريخهم، فهذا غير معاقب عليه، اما المحظور فعلا فهو الجهر والاعلان من جانب احد هؤلاء بانه مرشح فعلا للرئاسة ويذيع برنامجه الانتخابي لان ذلك له توقيتات وشروط والتزامات واجراءات محددة في قانون الانتخابات الرئاسية، فاذا تجاهل كل ما جاء به سيكون مخالفا وتنطبق عليه العقوبات المنصوص عليها. جريمة تزوير ويري النائب العام الاسبق المستشار محمد عبدالعزيز الجندي رئيس شعبة العدالة والتشريع بالمجالس القومية المتخصصة ان من يدعون ترشيحهم لمنصب رئيس الجمهورية فاقدي شروط الترشيح التي تبدأ بتقدمهم للجنة الاشراف علي الانتخابات الرئاسية بالمستندات اللازمة لتفحصها وتعلن القائمة النهائية لاسماء المرشحين المقبولين للانتخابات. وهذا لم يتم وبالتالي فهم ليسوا مرشحين وكلامهم يفتقد للحقيقة. اما ما يفعله البعض الان من خلال حملات يدعي فيها انه مرشح ويوهم الناس بانه مجاز ترشيحه فهذا يعتبر جريمة تزوير معاقب عليها اضافة الي انه من منطلق ادبي وسياسي لا يجوز خداع الشعب واثارة الرأي العام. ويقول انه طبقا لقانون الانتخابات الرئاسية فان الحملة الانتخابية تكون اعتبارا من بدء الثلاثة اسابيع السابقة علي التاريخ المحدد للاقتراع ولما كان هذا الموعد لم يحل بعد فما يتم من دعايات انتخابية مخالف للقانون يجب علي لجنة الانتخابات الرئاسية وقفه والطلب من النيابة العامة عقاب من قام به. »الفهلوة« اما المفكر الكبير واستاذ القانون الدكتور كمال ابوالمجد وزير الاعلام الاسبق فهو يري في المشهد العام باجماله ما يثير الحزن لانه يعتبر ما يقوم به البعض تسويق وترويج لافكاره، رغم ان الامر يتعلق بأمة، وان ذلك الاعلان عن النوايا- كما يصفه- يصادر حق الرئاسة في الاعلان عن موقفها لان هذا الكلام في وقتنا الحالي ليس اوانه ابدا، ويقول ان الامر الذي نحن بصدده جاد وليس هزليا وان المناقشات التي تدور حوله لا تكتسب الاحترام والاجلال اللازمين لمثل هذا الامر. ويوضح: نقول بكل الاخلاص ان المعارضة لا تقل اهمية عن الموالاة السياسية ولا يجب تهميش الرأي العام ولكن بدون»فهلوة« إذ لابد ان يكون هناك سيناريو مطروح نعمل علي اساسه جميعا للوصول الي بر الامان الوطني بدون تهويل او تهوين، اما هذا الذي يحدث فهو يضعنا في موقف صعب يستنفذ طاقتنا بحيث لا يمكننا مواجهة المسائل الخطرة. مهزلة و»زيطة« زعيم الحزب الدستوري الاجتماعي الحر ممدوح قناوي يعلن رفض حزبه حتي الان ترشيح احد لان ذلك سيتم في وقته المناسب عند الاعلان عن فتح باب الترشيح »فنحن نتمسك بالدستور ونتبع القانون لاننا حزب محترم قام لخدمة بلاده وأمته« لذلك فنحن ملتزمون بالمادة 67 من الدستور، ورغم عوارها الا اننا سنظل مقيدين بها الي ان يتم تعديلها.. وهذا ما نسعي اليه بالطرق المشروعة.. اما ما يحدث من غيرنا من اعلان ترشيحه رغم افتقاده الواضح لشروط الانتخابات والترشيح فهو مهزلة حقيقية ينطبق عليها وصف »زيطة« يجب ان يتصدي لها القانون الذي يحكم العملية الانتخابية ويمنع تواتر احداثها. حراك سياسي ويوضح الدكتور محمد الميرغني استاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس ان هناك مواعيد معينة حددها القانون لفتح باب الترشيح وبدء الحملات الانتخابية والمفروض ان نلتزم جميعا بهذه المواعيد.. ولكن مخالفة هذه المواعيد غير مؤثم لان ما يتم قبل ذلك هو استعداد للانتخابات وليس الانخراط في العملية الانتخابية نفسها وهو نوع من الحراك السياسي وامر غير جوهري او مؤثر علي العملية الانتخابية. ويقول ان في بلاد الغرب تتم الدعاية الانتخابية في اي وقت ويعلن عن نفسه من يريد الترشيح ليكسب انصارا له تتاح لهم الفترة الكافية لاختباره ووضع برنامجه علي المحك ولكنه لا يعتبر نفسه مرشحا فعليا الا عند قبول ترشيحه حسب القانون وبغير ذلك يكون مخالفا. واخيرا يقول احد الذين اعلنوا عن نيتهم للترشيح رئيسا للجمهورية كلمته.. حمدين صباحي عضو مجلس الشعب يؤكد ان لكل مواطن حق الترشيح للمنصب حسب نص الدستور وعلي لجنة الانتخابات الرئاسية ان تفحص اوراقه وتقرر اذا ما كان له حق الترشيح او تستبعده. وفعلا انا انوي خوض هذه الانتخابات اذا انطبقت عليّ الشروط الدستورية لذلك نحن نسعي الي تعديل هذه الشروط. ومن ثم فانني اطرح نفسي وتاريخي وبرنامجي علي المواطنين في محاولة لكسب التأييد المطلوب دستوريا وهذا من حقي وهو يعطي مشروعية دستورية لتحركي الحالي، انني لا ادعي انني مرشح واقول فقط انني انوي الترشيح كما انني لا اقوم بدعاية او حملة انتخابية رئاسية الان بل هي حملة تمهيدية اقدم فيها نفسي للمواطنين لذلك فلا اعتقد انني اقوم بما يخالف الدستور او القانون او يضر بصالح الوطن.