إنه شعور الاضطهاد الذي يلازم كثيراً من الناس، وأنا منهم، لكن حالتي مختلفة وقصتي معقدة وحلها صعب.. وإليك حكايتي: سيدتي.. أنا فتاة مازلت في مرحلة المراهقة، عمري الآن 71 عاماً ونصف العام، تواجهني مشكلة منذ صغري هي أنني أعاني اضطهاداً كبيراً في البيت، لديّ شعور بأن كل من حولي يكرهونني، أبي.. أمي.. إخوتي.. ربما لأن أبويّ لا يحبان البنات. أشعر أنني منبوذة، أقف في آخر الصف في أولويات البيت، لا أنكر أنني لا أمتلك مقومات تجعل الناس تحبني، لكن هذا حقي، حقي أن أحصل علي حنان أمي وحب أبي. أحس في هذا البيت أنني غريبة، وأن من حولي مجبرون علي إعاشتي بينهم فقط لأنني واحدة من سكان هذا البيت، أمي تتفنن دائماً في كشف عيوبي، وتعاقبني أشد العقاب لمجرد ارتكاب أخطاء بسيطة، لكني لا أملك إلا أن أحبها. لم تصرح لي علانية بأنها تكرهني، لكنها كثيراً ما تدعو الله عليّ، وأنا أحاول أن أرضيها بشتي الطرق، لأنني أخشي الله ولأنني أحبها بالفعل. ورغم حبي لأمي التي تفضل عليّ إخوتي بصورة فجة وواضحة، فإنني أفكر كثيراً في حل جذري لمشكلتي فلا أحد أمامي سوي أن أترك البيت وأرحل، كيف وإلي أين؟ لا أعرف، المهم أن أهرب من هذا الجحيم الذي أعيش فيه. سيدتي.. أعرف أن هذا الحل نوع من أنواع الجنون، لكن صدقيني لا أعرف كيف أحل مشكلتي مع أهل بيتي، فهل أجد لديك الحل؟ الحائرة »ك« الكاتبة: شيء غريب أن يفرق الآباء والأمهات بين أبنائهم وبناتهم في المعاملة! شيء لا يقره دين ولا عدل ولا حق. وأنا فعلاً أحزن عندما تصلني رسائل تحمل هذا المعني، أو تلك المشكلة. فكيف تدعو أم علي ابنتها.. حتي ولو كان من وراء قلبها؟! وكيف تقول لها إن والدها لا يطيق وجودها بالبيت؟! لماذا لا يراعي الآباء والأمهات أولادهم.. خاصة في هذه السن الحرجة المراهقة وبداية الشباب إن الأولاد في هذه المرحلة يحتاجون إلي الحب والاحتواء من العائلة قبل كل شيء آخر.. ففي تلك المرحلة تحدث تغيرات بيولوجية تؤثر عليهم، وتجعلهم أكثر حساسية لأي شيء، يبالغون في الحزن، وفي الفرح. لذلك أتمني أن يكون الآباء والأمهات أكثر صبراً علي أولادهم المراهقين، وأكثر استيعاباً لطبيعة المرحلة العمرية التي يمرون بها. أما الصديقة العزيزة صاحبة الرسالة، فأقول لها: لا تحزني.. حاولي أن تشغلي نفسك بأي هواية مفيدة، تبعدك عن التفكير في هذه الأمور، وتشغلك عن الدخول في مناقشات ومشاحنات معهم. لماذا لا تقرئين قصصاً وروايات شيقة؟ لماذا لا ترسمين لو كانت عندك موهبة الرسم؟ لماذا لا تمارسين أي رياضة تحبينها؟ لماذا لا تصنعين لنفسك عالماً خاصاً يعطيك الإحساس بالتميز والإنجاز والرضا عن النفس. إن هذا سوف يخفف كثيراً من وطأة إحساسك بالمعاناة، وغضبك من تفضيل والديك لإخوتك عنك. وإن كنت أعتقد أنك قد تبالغين في إحساسك هذا، فالإنسان في هذه السن يكون حساساً أكثر من اللازم، ويكون رد فعله مبالغاً فيه في كثير من الأحيان. لذلك فالانشغال بهوايات مفيدة، مبهجة، تخفف من حدة الانفعالات، وتساعدك في النظر إلي نصف الكوب الملآن لا الفارغ. اصنعي عالماً مليئاً بالبهجة.. الأصدقاء.. القراءة.. الرياضة.. الموسيقي.. الكتابة.. الرسم.. المشغولات اليدوية. اختاري أي هواية تناسبك، وغوصي في شيء يخصك، ويعطيك الثقة بالنفس، والشعور الجميل بالإنجاز. وسوف تدركين وقتها أن المشاكل التي يواجهها الإنسان هي جزء من الحياة، وطبيعية لكنها يجب ألا توقفه عن الأشياء المهمة في بناء مستقبله، وتطوير ذاته. وأنا علي ثقة أنك قادرة علي ذلك.. الله معك.