هناك قادة يصنعهم التاريخ.. وآخرون يصنعون هم.. التاريخ ! وهناك قادة يمرون عبر التاريخ وآخرون يمر التاريخ هو.. من خلالهم !.. والرئيس حسني مبارك واحد من أولئك القادة الذين يقودون الحدث ويصنعون التاريخ ويستوقفون الزمن الإستثنائي ليمر كما يريده هو.. ولعل توافد القادة والزعماء والمسئولين العرب المكثف علي مدينة شرم الشيخ للقاء الرئيس حسني مبارك خلال الأيام الماضية.. بعد أن أتم الله تعالي شفاءه وتعافيه بالكامل بعد العملية الجراحية الناجحة التي أجريت له في ألمانيا.. لهو أصدق دليل علي مكانة الرئيس والتقدير والحب والاحترام الذي يحظي به.. فقد جاءوا جميعا لتهنئته بتمام التعافي من ناحية.. ومن ناحية أخري جاءوا طلبا للمشورة والسعي للاستماع والاستبصار والإنصات لحكمته ورؤيته الثاقبة النافذة حيال قضايانا وهموم الأمة العربية التي لا يألو جهدا من أجل التصدي لحلول لها.. وقد حملت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير في أول تحرك خارجي له بعد ساعات قليلة جدا من فوزه بالانتخابات الرئاسية إلي مصر ولقاؤه بالرئيس مبارك عدة معان وإشارات هامة.. فقد حرص علي عقد مباحثات فورية مع الرئيس وهو علي أعتاب مرحلة جديدة من ولايته.. ليس فقط لما يربط البلدين الشقيقين من علاقات استراتيجية أزلية خاصة جدا.. فالسودان يمثل الإمتداد الطبيعي لوادي النيل في الجنوب ووحدته وسلامته هي مسألة أمن قومي لمصر.. كما أن مصر هي صمام الأمان للسودان في الشمال.. ثانيا أن الرئيس البشير يحمل في قلبه تقديرا لدور مصر ومواقفها الثابتة عندما تلقت قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه بانزعاج شديد.. نتيجة التداعيات السلبية المحتملة لمثل هذا القرار علي استقرار الأوضاع في السودان وعلي مستقبل تنفيذ اتفاق السلام الشامل.. وجهود تفعيل العملية السياسية في دارفور والتي لا تزال تواجه عثرات.. وثالثا الأزمة الجديدة التي حلت مؤخرا في ظل فشل مفاوضات دول حوض النيل وقرار دول المنبع بتوقيع اتفاق استبعد دولتي المصب - مصر والسودان - والرسائل التي بعث بها الرئيسان لهذه الدول السبع تدعو إلي الحوار والتفاوض.. إذن فإن المصير واحد والهم مشترك... كما وفد إلي الرئيس مبارك قادة وزعماء ورؤساء حكومات.. فقد استقبل سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني المهدد بحرب إسرائيلية جديدة والذي كشف لنا في تصريحاته الصحفية عن الجهود المكثفة التي تبذلها مصر لتوفير الحماية اللازمة للبنان.. والدكتور عمر الزواوي المستشار الخاص للسلطان قابوس.. ثم إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الأسبق.. فكانت قضايا وهموم الأمة العربية علي مائدة المباحثات والتي تصب في جهود التحرك قدما لدفع عملية السلام واستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.. ومن المقرر أن يواصل الرئيس مبارك مشاوراته بعد غد الاثنين بلقاء مرتقب هام مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتطلع أن يسفر إلي تقدم في تحريك عملية السلام لب الصراع في المنطقة!