بشتي الطرق حاولت أن تبعد عنها ذلك الهاجس الذي يحاصرها بأن الحريق الكبير الذي يتحدث عنه المارة ربما يكون قريبا من محل إقامتها.. لم تستطع أن تسيطر علي نفسها وأطلقت لساقيها العنان، أسرعت بكل ما أوتيت من قوة وكلما اقتربت أكثر ازدادت مخاوفها، فألسنة النيران تتصاعد من اتجاه منزلها.. وعندما وصلت كانت الفاجعة.. الحريق ليس فقط في الشارع ولكن أيضا في شقتها.. ظلت تصرخ دون وعي وحاولت إلقاء نفسها داخل النيران في محاولة يائسة لإنقاذ طفليها اللذين التهمتهما النيران.. تلقي اللواء طارق حسونة بلاغا بالواقعة وتولت النيابة التحقيق. انتقل علي الفور رئيس مباحث المحلة ثان وتبين أن الحريق بشارع محمد إسماعيل بمنطقة الجمهورية بمدينة المحلة الكبري وأسفر عن احتراق محتويات الشقة السكنية بالكامل وتفحم جثتي طفلين خالد 7 سنوات وساجد 3 سنوات. وتبين من المعاينة الاولية نشوب حريق كبير بشقة سكنية مؤجرة وتم الدفع بقوات الحماية المدنية لإخماد الحريق والسيطرة عليه بالكامل قبل امتداده لباقي العمارات السكنية وعثر رجال الشرطة علي جثتين لطفلين. لم تجد والدة الطفلين »وفاء 29 سنة» كلمات تعبر بها عن حزنها الشديد سوي صرخات انطلقت منها وهي تردد: أن قلبها هو الذي احترق.. وكان الطفلان مع أبيهما هما كل شيء في حياتها.. خالد 6سنوات في الصف الأول الابتدائي وبطل »تايكوندو» وساجد 3سنوات.. كانت ابتسامتهما تعني الدنيا بالنسبة إليها.. في ذلك اليوم تركتهما وحيدين وذهبت بصحبة زوجها لصلاة التراويح قابلها اهل الشارع بالمواساة علي شقتها التي أكلتها النيران لتصرخ وتفاجئ الجميع قائلة: (ولادي في الشقة).. »أخبار اليوم» انتقلت إلي مكان الحادث ولم تستطع الأم التحدث بسبب حالتها التي يرثي لها واكتفت بأنها تحتسبهما من الشهداء.. وقالت »هدي» إحدي الجيران: إن الأم كانت بصحبة والدتها في المسجد وانهم يسكنون معها في 8 نفس العمارة. وأضافت : فوجئنا بالنيران تلتهم الشقة بالكامل ولم يقدر أحد علي السيطرة عليها حتي وصلت عربات المطافي ولكن كل شيء كان قد انتهي وأكلت النيران محتويات الشقة بالكامل.. كان عزاؤنا وقتها هو عدم وجود احد من السكان داخل الشقة أثناء الحريق ولكننا صعقنا عندما صرخت جارتنا وفاء وقالت: إن ولديها داخل الشقة.. صعد الجميع بسرعة البرق ليبحثوا عن الطفلين في جميع أنحاء الشقة لنجدهما في مشهد مأساوي فقد حاولا الهروب من النار بشتي الطرق ولكن دون جدوي وآخر مكان لجآ إليه داخل دولاب الملابس وتم العثور عليهما متفحمين..وتبين انهما هربا من النيران حتي وصلا إلي غرفة النوم واغلقا الباب بالمفتاح ولكن القدر كتب كلمته الأخيرة.