قالها المولي »سبحانه وتعالي« من فوق سبع سماوات: »لتكون من خلفك آية«.. وقال: »اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير«.. صدق الله العظيم. لم أجد أصدق من هذه الكلمات الكريمة، من رب العزة »سبحانه وتعالي« لأقولها لنفسي ولكل من حولي، وأنا أشاهد محاكمة الطاغية ونجليه وأعوانه، يبثها التليفزيون علي الهواء مباشرة، وهم في محبسهم داخل »القفص« بالمحكمة التي انعقدت بمقر أكاديمية الشرطة، وسبحان الله تعالي، فقد كان اسمها أكاديمية مبارك.. وقد دخلها الرئيس المخلوع علي سرير مرضه وبملابس الحبس الاحتياطي، وقالها مثل أي متهم: »أفندم أنا حاضر«.. والمؤكد أنه ساعتها كان يفكر كيف يواجه محاكمة عادلة، تتوافر له فيها كل الضمانات القانونية، وهو الذي لم يوفرها لمعارضيه، والذين كان يعتقلهم بلا محاكمات، وكان يقدمهم لمحاكمات عسكرية بلا أي ضمانات، وبأحكام لا تقبل الطعن والنقض، ومنهم من لقي مصرعه في الشوارع والأقسام والسجون والمعتقلات.. ولاشك أن كل ليلة مرت علي مصر طوال العقود الثلاثة الماضية، كانت تنطلق فيها ألسنة ونفوس المظلومين بالدعاء علي الطاغية وأعوانه.. وأمهله الله تعالي كثيراً، ولكنه لم يهمله أبداً، وكانت الفرص أمامه كثيرة لكي يتراجع عن طغيانه، ولكنه لم يتراجع وإنما ازداد غيا وطغيانا وظلما، وتمادي في جشعه ونهمه لاكتناز الأموال والعقارات، ولم يكن هناك فرق بينه وبين زعيم أي عصابة، مع أن الله أعطاه حكم بلد عظيم مثل مصر وائتمنه عليها وعلي شعبها، فلم يكن أمينا عليها.. ولعل في اختيار أكاديمية الشرطة لهذه المحكمة، حكمة بالغة، فلقد شهدت هذه الأكاديمية دخوله من قبل كالطاووس يسير بين أعوانه بكل تيه وفخر وبكل غرور.. وها هي اليوم تشهده ذليلاً منكسراً، ليشفي الله به صدور قوم مؤمنين. ظلم مبارك شعبه وأمته، ومع ذلك دعوت الله أن نواجهه بالعدالة، وحدث وشهدت مصر وشهد معها العالم محاكمة حضارية توافرت فيها أركان العدالة.. وهذا ما كان يريده شعب مصر، أن يري ظالمه أمام القاضي العادل يسأله عما فعل وعما اقترفت يداه. ولا يهم الحكم بعد ذلك طالما تحري العدل والقانون. رددت لنفسي الآيات الكريمة، وأنا أشاهد المحاكمة، لأحمي نفسي من أي شماتة أعوذ بالله وصفت نفسي بالفعل، ولم أزد بعدها عن قولي »سبحان الله«.