تجري حاليا وزارة المالية تحديث بعض الآليات في الاستراتيجية المتكاملة لخفض وإدارة المديونية الحكومية في المدي المتوسط، والتي عرضت علي الرئيس عبدالفتاح السيسي في نوفمبر الماضي والتي يتم تحديث بعض النقاط بها تمهيدا لاعتمادها من قِبل رئيس الجمهورية قبل نهاية مارس المقبل، وذلك لضمان استدامة وانخفاض نسبة الدين للناتج كما هو مستهدف ومخطط له. وتوقع عدد من خبراء الاقتصاد والمؤسسات الدولية، ومنها وحدة الأبحاث التابعة لمصرف دويتشه بنك الألماني، أن يبقي البنك المركزي المصري علي أسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2019، مضيفا: أنه من المتوقع أن يتجه المركزي لخفض الفائدة بواقع 100 نقطة أساس في اجتماع مارس المقبل، ويبقي السؤال وهو: هل تساهم خطة الحكومة لخفض الدين العام في اتجاه المركزي لخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبل؟ يقول د. فرج عبدالله مدرس الاقتصاد بأكاديمية الثقافة والعلوم إن نجاح الاقتصاد المصري في تجاوز المراحل الأصعب من تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي انعكس علي العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية والتي شهدت تحسنا إيجابيا منذ البدء في تنفيذ البرنامج وحتي الآن، وفق إشادات دولية بهذا التحسن، ومع ذلك تظل مشكلة الدين العام من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد في المرحلة المقبلة، خاصة مع تراكم الدين العام بشقيه المحلي والأجنبي، إذ بلغ الدين العام المحلي نحو 3.888 تريليون جنيه وفقاً لبيانات البنك المركزي في نهاية يناير 2019 عن الربع الاول من العام المالي الجاري 2018/2019، مقارنة بنحو 2.62 تريليون جنيه في 2016. وأضاف عبدالله: أنه رغم ارتفاع الدين العام الخارجي ليصل إلي 93 مليار دولار عن نفس الفترة المشار إليها، إلا أن هذا الارتفاع انعكس بشكل ايجابي علي صافي الاحتياطيات الدولية ليصل إلي 42616.8 مليون دولار في نهاية يناير 2019، وهو ما دعم بدوره علي استقرار سعر الصرف خلال شهر فبراير 2019، هذا علي عكس ما توقعه المضاربون علي سعر الدولار، ووفقاً لوحدة الأبحاث التابعة لمصرف »دويتشه بنك الألماني» أن يبقي البنك المركزي المصري علي أسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2019، ومن المتوقع أن تبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي علي أسعار الفائدة الحالية خلال اجتماعها المزمع في 14 الشهر الجاري لمراجعة تحرير سعر صرف الجنيه والتسعير وفقًا لآليات العرض والطلب، وكذلك في 28مارس المقبل، وذلك لتأكيد وزارة المالية علي أن الرئيس سيتلقي خطة ذات آليات محددة لخفض الدين ولتحفيز التدفقات النقدية الأجنبية خلال الفترة المقبلة خاصة في ظل استمرار أزمة الأسواق الناشئة، مشيرا إلي أنه في حالة إذا ما تحسنت الأوضاع في تلك الأسواق فمن الممكن للبنك المركزي أن يغير أسعار الفائدة بما يعزز فرص الاستثمار وخفض تكلفة الاقتراض. واعتبر وليد جاب الله خبير التشريعات الاقتصادية السياسات المالية والنقدية التي انتهجتها مصر منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي بمثابة قاطرة الإصلاح والتنمية، وكان من أهم هذه السياسات العمل علي زيادة النشاط الاقتصادي باستخدام كل أدوات التمويل ومنها الاقتراض، فضلاً عن استخدام رفع أسعار الفائدة لتشجيع الإدخار مما يُساعد علي التمويل وخفض كمية النقود بالسوق مما يترتب عليه انخفاض الطلب ليرتفع العرض فتنخفض أسعار السلع والخدمات. وأوضح جاب الله: أن الدولة تحملت خلال هذه المرحلة ارتفاع تكلفة الدين الداخلي كفترة انتقالية لحين عودة الاقتصاد لمساره الصحيح، كما نجحت تلك السياسة في رفع مستوي النمو ليتجاوز 5٫3%، وزيادة التشغيل لتنخفض نسبة البطالة لنحو 10%، وانخفاض نسبة التضخم إلي نحو 11٫1% في ديسمبر الماضي، وهو ما يعني أن نسبة الفائدة المقررة عند 16٫75% تتجاوز نسبة التضخم بأكثر من 5%، بعد أن كانت نسبة الفائدة أقل من نسبة التضخم في بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي. واشار جاب الله إلي أنه في ضوء هذه النتائج ومع مراعاة المُتغيرات الخارجية يمكن للدولة حالياً النظر في خفض نسبة الفائدة مع الحفاظ علي أن تُجاوز نسبتها مُعدل التضخم الأمر الذي سيكون له أثره في تشجيع الاستثمار بزيادة عدد المستثمرين الراغبين في الاقتراض لأغراض استثمارية، وخفض أعباء الدين العام الداخلي، سيما وقد طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بوضع خطة لتخفيض الدين خلال ال 3 سنوات المقبلة، وإذا كان الدين العام المصري مازال في الحدود الأمنة إلا أنه من المستهدف تخفيضه لما بين 80% إلي 85% من الناتج المحلي خلال الثلاث سنوات المقبلة، من خلال آليات أهمها العمل علي خفض أسعار الفائدة بصورة تتناسب مع انخفاض التضخم، وزيادة مُعدل النمو ليصل إلي نحو 8% بحلول العام المالي 2021/2022، باستثمارات حكومية تصل لنحو 25% من الموازنة، وتعزيز الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص لتعزيز أرباح الكيانات الحكومية الاقتصادية، فضلاً عن إعادة هيكلة المؤسسات الإيرادية، وغيرها من الإجراءات التي تُعزز إيرادات الدولة في ظل زيادة مُستهدفة في حجم الموازنة العامة بصورة تنخفض معها نسبة الديون مُقارنة بالزيادة في الناتج المحلي لتنخفض نسبة مُخصصات خدمة الدين بالموازنة مُقارنة بباقي المُخصصات التي تذهب لتحسين حياة المواطن بصورة تتحقق فيها مُستهدفات الدولة والتي من أهمها الوصول لنسبة نمو 8%، وخفض عجز الموازنة لنحو 5%، وتوفير نحو 900 ألف فرصة عمل سنويا لتصل نسبة البطالة لنحو 8% خلال العام المالي 2021/2022.