أنا شاب في اوائل الثلاثينيات من عمري، حاصل علي مؤهل متوسط، واعمل ساعيا في شركة خاصة، أكافح لكي اتم نصف ديني بالزواج، واتمني ان اثلج صدر ابي وامي بهذا الامر، فانا ابنهم البكري، وهم ينتظرون يوم زفافي بفارغ الصبر. مهنتي- سيدتي- تفرض علي الشقاء، لكن كما تعلمين فان »أكل العيش مر« والاعباء والضغوط المادية التي يتحملها الناس تفوق احتمال معظم الناس الآن لذلك فانا انهي عملي الرسمي في حوالي الرابعة مساء، ثم اصبح »علي باب الله«. اعمل اي شيء وكل شيء في الفترة المسائية حتي اكفي نفسي واحميها من مذلة الطلب، وايضا حتي اتمكن من مساعدة والدي في تحمل شيء من نفقاتهما فلديهما ابناء اخرون في مراحل تعليمية وابنة مخطوبة ويريدان تجهيزها. اعود الي بيتي في نهاية اليوم بالكاد اتحرك، عشاء سريع ثم خلود للنوم لان غدا يحمل مشاقاً اخري، صباحا في عملي بالشركة ومساء ابحث عن قرش هنا وآخر هناك. وهناك عدة ازمات تقف في طريق حياتي سيدتي، فانا رضيت بالهم والهم يرفضني، فمع كل هذا التعب والشقاء اجد احيانا نظرات سخرية ممن هم حولي، واشعر في تعاملهم معي بدونية غريبة وعنصرية رهيبة، كأنما خلقوا من طينة وانا من طينة اخري، ففي الشركة علي سبيل المثال نسي العاملون ان خادم القوم سيدهم، ويعاملني بعضهم بشكل سييء للغاية، وانا بالطبع اخشي ان اتكلم او حتي افتح فمي حتي لا اخسر وظيفتي ومصدر رزقي.. اتحمل.. واكتم في نفسي، ولكن الي متي؟ اخرج من عملي الاول الي الثاني لاذوق مهانة البحث عن القرش في الاعمال البسيطة التي يتحكم بي اصحابها، ويبخلون علي بأقل القليل.. اصبر واعود الي بيتي حامدا ربي، باحثا عن سريري الذي ينتظرني فقط لينقلني الي اليوم التالي، وهكذا. اسألك سيدتي: اين لذة الحياة؟ متي استطيع ان احقق احلامي كأي انسان طموح؟ كيف اشعر بلذة ما اعمل طالما هناك من يصرون علي اذلالي لمجرد انني لست من علية القوم؟ ليست لي مطالب مادية، لان الارزاق بيد الله سبحانه وتعالي، لكن كيف اجبر من حولي ان يعاملوني باحترام؟ كيف احفظ ما تبقي من كرامتي امام المجتمع؟ المواطن ح الكاتبة: بداية احييك علي كفاحك الشريف، ومحاولتك الدءوبة لكسب لقمة عيش حلال بعرق جبينك. ورغم التعب والاجهاد الذي تشعر به وانت تعمل صباحا في شركة ومساء في اعمال اخري لتزيد دخلك، الا انك تأبي ان يدخل جيبك مليم واحد حراما. وهذا شيء يحسب لك. فالكفاح في الحياة والاصرار علي التمسك بالقيم والاخلاق هو الطريق الآمن الذي تظلله بركة الخالق، وتحيطه ايادي الخير لتحميه من شرور الدنيا الكثيرة. الفقر- يا عزيزي- ليس عيبا ولا نقيصة، فالنبي محمد- صلي الله عليه وسلم- كان فقيرا وهو سيد الخلق اجمعين. لذلك يجب ألا تشعر بالنقص او الدونية لمجرد انك فقير. فالفقر نعمة اذا ما قورن بالمرض او الجهل. الفقير يسعي مثلك بشرف والله يسعي معه »اسع يا عبد وانا اسعي معاك« والقناعة والرضا يجعلان الانسان سعيدا حتي لو كان دخله قليلا. فالمهم كيف ننظر الي انفسنا وكيف نقدر النعم الكثيرة التي منحنا الله اياها، واهمها نعمة الصحة وراحة البال. اما نظرة الناس، فأري ان هذا الموضوع يخضع لنظرتك انت لنفسك، واقتناعك بما تعمل. فاذا امتلأت بالرضا عن عملك، واقتنعت بان الله مقسم الارزاق. والرزق يأتي في صور مختلفة: المال.. الصحة.. الاولاد.. الجاه والنفوذ.. عندها سوف تحسبها جيدا، وسوف تدرك ان الله منحك الكثير من الرزق دون ان تلتفت الي ذلك او تدركه. المهم كيف ننظر الي انفسنا.. كيف نرضي عن حياتنا ونحاول الارتقاء بمستوانا في الوقت نفسه وذلك بالعمل الجاد والحماس والرضا. ابتسم للدنيا تبتسم لك. اقبل عليها تقبل عليك. ولا تدع الافكار السلبية وعدم الرضا يعكر صفو حياتك.. فالسعادة في القناعة والرضا. گلمات الحياة.. الحب.. الحلم هل هناك قاسم مشترك بين الكلمات الثلاث غير حروف الحاء؟!