قانون جديد يسمح بالمقايضة يضر بمصر بداية يقول وزير العدل الأسبق المستشار محمود أبوالليل ان القوانين الحالية سواء العقوبات أو الكسب غير المشروع لا تتضمن التغاضي عن محاكمة المتهم أو اعفاءه من العقوبة اذا رد ما كان محلاً لجريمته سواء كانت أموالاً سائلة أو عقارات ولكن في بعض القوانين مثل قانون البنك المركزي بعد تعديله عام 4002 فانه يمكن التصالح مع المتهم اذا ارجع للبنك ما اقترضه منه ولم يسدده مع فوائده وتنقضي الدعوي الجنائية اما الاعفاء عن العقوبة بعد صدورها في حكم نهائي من سلطة رئيس الجمهورية التي يتولاها حالياً المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وبالنسبة لما يثار هذه الأيام من مطالبة البعض بالسماح للذين نهبوا ثروات مصر برد ما نهبوه مقابل عدم محاكمتهم فذلك يستلزم تشريعاً جديداً وسيتم تطبيقه من تاريخ صدوره مع ملاحظة ان ثروات مصر التي نهبوها وهربوها للخارج لن يمكن استعادتها الا اذا صدرت عليهم أحكام نهائية تثبت ان هذه الاصول متحصلة عن جريمة من جرائم القانون المحلي وان تكون هذه الاحكام صادرة من محكمة المتهم الطبيعية وليست محكمة استثنائية. رد المنهوبات عقوبة ويوضح المستشار اسماعيل حمدي رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا وعضو مجلس القضاء الأعلي السابق أن الاستيلاء علي المال العام وجرائم الحصول علي ربح أو منفعة للمتهم أو غيره بسبب عمل من أعمال وظيفته، تشكل جميعها جنايات اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر به ولا يجوز الصلح فيها بأي حال من الأحوال ولا يغني عن المحاكمة رد الاموال موضوع الاتهامات لأن الرد في حد ذاته معناه عقوبة ولا يجوز الحكم بها الا من محكمة الجنايات المختصة مع الحكم بتعويض الدولة عما اضاعه عليها المتهم بجريمته فتحكم الي جانب الرد بغرامة تساوي ما نهبه الي جانب السجن المؤبد أو المشدد. ويشير الي ان جريمة الكسب غير المشروع تقع عندما يحصل احد الخاضعين لأحكام هذا القانون كرجال الدولة أو النواب والوزراء والموظفين ومن يتعامل مع المال العام عموماً علي مال او عقار أو منفعة له أو لغيره باستخدام وظيفته أو صفته في القيام بسلوك مخالف لقانون عقابي وهذه الجريمة من الجرائم المضرة بالدولة وتشمل ايضاً الرشوة والاختلاس والاستيلاء والتربح والاضرار العمدي بالمال العام.. ويقوم بالتحقيق في هذه الجرائم هيئات خاصة يشكلها وزير العدل وتتكون من مستشارين بمحاكم الاستئناف يباشرون التحقيق ولهم جميع سلطات النيابة العامة التي اقرها القانون كالحبس الاحتياطي وطلب كشف الحسابات واحالة المتهم عند ثبوت التهمة الي محكمة الجنايات والأمر بعدم وجود وجه لاقامة الدعوي عند عدم كفاية الأدلة علي وقوع الجريمة قبل المتهم وعلي هذه الهيئة إخطار النائب العام بذلك القرار خلال 7 أيام وله الطعن فيه خلال 03 يوماً.. اما العقوبة التي تحكم بها محكمة الجنايات اذا ثبتت جريمة الكسب غير المشروع فهي سجن المتهم وتغريمه ما يساوي قيمة هذا الكسب غير المشروع فضلاً عن الحكم بإلزامه أو ورثته رد هذا الكسب. وهكذا فلا يوجد في القانون نصوص تجيز عدم المحاكمة أو الاعفاء من العقوبة والتصالح مع المتهم اذا رد ما نهبه.. لأنه كما أوضحنا فإن هذا الرد جزء من العقوبة!. مقايضة فاسدة ويري المستشار علاء شوقي رئيس محكمة جنايات الجيزة وأمن الدولة طوارئ ان ما تعانيه مصر من ازمات اقتصادية هي نتيجة نهب مستمر للمال العام من جانب المتهمين الذين يتم التحقيق معهم حالياً وغيرهم، وما يثار عن ردهم ما نهبوه وما حصلوا عليه نتيجة التربح والفساد مقابل تركهم وشأنهم هو مقايضة فاسدة لا تجوز ولا ينبغي التحدث عنها بالأساس فإلي جانب أنه أمر غير أخلاقي فالقانون المطبق حالياً لا يسمح بذلك وهو يستلزم اصدار قانون جديد يتضمن تمكين هؤلاء المتهمين من كشف كل ما يملكون من أموال وعقارات من غير مصادر شرعية وموجودة بداخل مصر أو خارجها وجلبها من الخارج والتنازل عنها لصالح الدولة مقابل حريتهم والقول بغير هذا الكلام يمنع مصر من استرداد هذه الاموال التي بالخارج الا بحكم قضائي من محكمة غير استثنائية تثبت أن الحصول عليها كان بطرق غير مشروعة. ويضيف انه يجب ان يتضمن التشريع ان يقر المتهم قبل الافراج عنه بأنه في حالة ظهور ممتلكات له في المستقبل لم يكشف عنها ومصادرها غير مشروعة فتعتبر الاجراءات السابقة لاغية ويحاكم مجدداً وتصادر كل أمواله المتنازل عنها والجديدة لصالح الدولة. ويضيف المستشار علاء أنه بالرغم من عدم موافقته علي صدور هذا التشريع فإنه اذا صدر بالكيفية التي أوضحها فإنه يجب الاكتفاء بهذا القدر من العقاب فليس الغرض هو التشفي والانتقام ولكن الاستفادة من هذه الاموال والاراضي والعقارات وما وراءها لصالح مصر نبني بها حياة الاجيال الجديدة ويجعلها تتفرغ للمستقبل. خطورة قانون للتصالح أما المستشار د.دمدحت سعد الدين نائب رئيس محكمة النقض فهو لا يحبذ اصدار مرسوم او قانون يقضي بالاعفاء من العقوبة مقابل التصالح مع مرتكب جرائم العدوان علي المال العام لأنها فكرة غير مجدية فنصوص قانون العقوبات التي تحمي هذا المال من العدوان عليه ومعاقبة مرتكبي جرائمه وضعت قواعد للاعفاء من العقوبة في حالات محددة منها اعفاء الراشي او الوسيط اذا اخبر السلطات بالجريمة او اعترف بها كذلك اذا بادر احد شركاء جريمة الاعتداء علي المال العام وغير محرض عليها بإبلاغ السلطات بها بعد اتمامها وقبل اكتشافها، ويجوز الاعفاء من العقوبات اذا تم الابلاغ بعد اكتشاف جريمة الاعتداء علي المال العام وقبل صدور الحكم النهائي علي المتهم، ولا يجوز هنا الاعفاء من العقوبة اذا لم يؤد الابلاغ الي رد المال موضوع الجريمة ويجوز الاعفاء من العقوبة لمن يخفي مالاً حصل عليه بإحدي جرائم الاعتداء علي المال العام اذا ابلغ عن هذه الجرائم ورد كل أو بعض المال المتحصل عنها! وهذه الاعفاءات متروكة لسلطة المحكمة ليست لجهات التحقيق وبالطبع رد هذا المال يكون شاملاً ما هو موجود في الداخل أو الخارج. ويجب علينا التنبيه الي خطورة استحداث قانون جديد يتضمن التصالح في جرائم الاعتداء علي المال بما يسمح بالتنازل عن حق المجتمع في العقاب اذا رد المتهم الأموال التي حصل عليها بدون وجه حق فإن ذلك القانون سينسحب بأثر رجعي علي جميع مرتكبي هذه الجرائم حتي ولو كانت صدرت ضدهم أحكام نهائية ينفذونها في السجون باعتبار هذا القانون المستحدث هو الأصلح للمتهم الذي تطبق عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات مع العلم ان جرائم القتل العمد أو الشروع فيه أو التحريض عليه لا يجوز التصالح فيها بحسبانها تختلف عن جرائم العدوان علي المال العام.