موت الأبرياء والشهداء لا يكون في الحروب والمعارك فقط وإنما هناك ساحات اخري يستطيع فيها العدو اسقاط ضحاياه دون استخدام السلاح ..هذه معركة من نوع خاص معركة ضد مرض ينهش في اكباد المصريين سلاح الانتصار في المعركة موجود لكنه كان بعيد المنال ويحتاج الحصول عليه لخطط توازي خطط الحروب. تتجسد فصول المعركة المأساة في فيروس الكبد الوبائي (سي) وهو قاتل صامت؛ نظرا لأن أغلب حالاته، يتم اكتشافها بالصدفة، تماما كما يحدث في مرض السرطان. معدلات الإصابة عالية جداً خلال السنوات الأخيرة، وباتت مصر واحدة من ضمن الدول الأكثر إصابة بفيروس الكبد الوبائي علي مستوي العالم، بعد أن ظل المرض ينتشر بين مواطنيها كأنه وباء. في عام 2007 تم انشاء اللجنة القومية للفيروسات الكبدية كي تعالج المرضي غير القادرين. منذ انشائها وحتي عام 2013 عالجت الدولة مالا يزيد علي 250 ألف مواطن وهو رقم ضئيل مقارنة بالنسب العالية للمصابين، ومقارنة بأن الانترفيرون العلاج الرئيسي وقتها للمرض يحقق نسب شفاء حوالي 50 %، مما يعني انتكاس 125 الف مريض كأن التخلص من هذا المرض أصبح مستحيلا. بعد سنوات من الأهمال أصبح التصدي لفيروس سي هو التحدي والمعركة الملحة التي لا تقل أهمية عن معركتها ضد الإرهاب. أصدرت القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي قرار الحرب علي المرض اللعين. ارتكزت خطة المعركة علي خفض معدلات الاصابة ب »فيروس سي» علي ثلاثة محاور.. تمثلت في علاج المصابين من خلال علاج قوائم انتظار العلاج علي نفقة الدولة بوزارة الصحة متمثلة في اللجنة القومية للفيروسات الكبدية وإنشاء مركز تحيا مصر النموذجي لعلاج فيروس »سي» بالأقصر. والمحور الثاني إجراء مسح شامل من خلال »الخطة القومية للمسح الطبي الشامل». أما المحور الثالث احتواء انتشار المرض.. للوصول الي هذا الهدف كان لابد من القيام بعدة خطوات بدءا من »إجراء كشف المسح الصحي السكاني» أن إجمالي عدد المصابين من عمر يوم حتي 59 عامًا بلغ 3.6 مليون مصاب. والخطوة التالية كانت إنشاء 164 مركزا للعلاج بأنحاء الجمهورية بدلا من 35 . كما تمت زيادة عدد منافذ صرف الأدوية الخاصة بعلاج فيروس سي من 15 إلي 84 مركزا. مع فرحة ملايين المصريين بالاستراتيجية التي اعلنتها وزارة الصحة انطلقت حرب ضارية قادتها شركات اجنبية ومنظمات ممولة من الخارج لتثير الشكوك حول قدرة مصر علي تصنيع الدواء وأخري حول فاعلية وكفاءة العقار المتداول. نتائج المعركة كشف عنها وزير الصحة الاسبوع الماضي امام الرئيس عندما أعلن انه حتي 31 ديسمبر 2017 تم علاج مليون و500 ألف مواطن في مصر من فيروس سي، وقال »هذا الإنجاز تم بمجموعة تحركات، أهمها تخفيض سعر الدواء المصري بعد الاعتماد فقط علي الدواء المحلي من ديسمبر 2015». وأن الدواء الذي يعالج فيروس سي في أمريكا ثمنه 80 ألف دولار، وفي مصر ثمنه 80 دولارا، مؤكدا انه خلال 14 شهرا عملنا مسحا طبيا ل5 ملايين مواطن، والمستهدفون في مصر للإصابة بفيروس سي هم الفئات العمرية من سن 19 سنة لحد 59 سنة، وتعدادهم 50 مليونا، وقيمة الإنفاق الحكومي علي علاج مرضي فيروس سي، بلغ 3.9 مليار جنيه. تقييم هذا الانجاز غير المسبوق في تاريخ مصر أوضحه الدكتور جوتفريد هيرنيشال، مدير البرنامج العالمي لمكافحة التهاب الكبد الوبائي» 9 دول أعلنت أنها نفذت البرنامج، وبالتالي تستطيع القضاء علي فيروس التهاب الكبد الوبائي (سي) بحلول عام 2030، وتلك الدول هي (مصر والبرازيل وألمانيا وجورجيا واليابان وأيسلندا وهولندا وأستراليا وقطر). رغم الحصار وعدم تقديم أي مساعدة في مكافحة هذا المرض استطاعت العقول والسواعد المصرية بعد قرار الرئيس تحرير أكباد المصريين من هذا المرض اللعين.